بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله؛ أهلا بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا وسؤال آخر من الأسئلة التي ينبغي لكل طالب للسعادة أن يحصل على أجوبتها وصولا لتحقيق آماله المشروعة.
علمنا في حلقة سابقة أن لا غنى لطالب السعادة عن المعرفة الدينية. فبها يتحقق له الكمال المطلوب. والسؤال هنا هو (من أين نأخذ المعرفة الدينية النقية من التحريف؟).
نرجع إلى مناري الهداية لمعرفة الإجابة، فتابعونا على بركة الله.
تجيبنا ككثير من الآيات الكريمة عن سؤالنا المتقدم بأن كتاب الله هو المصدر الأساس للمعرفة الدينية النقية، قال عز من قائل في الآيتين ۱٥ و۱٦ من سورة المائدة: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ".
فالقرآن هو المصدر الأساس للمعرفة، وفيه كل ما يحتاجه الإنسان ولكن ببيان من النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وهو الذي لايتحدث إلا عن الله عزّ وجل، نقرأ في الآيات الأولى من سورة النجم قوله عزّ وجل "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى".
وقال عزّ وجل في الآيتين ٤۳ و٤٤ من سورة النحل "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ* بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".
ونقرأ في الآيتين ٦۳ و٦٤ من السورة نفسها قوله تبارك وتعالى "تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ". إذن فالنجاة من التحريفات الشيطانية للمعارف الإلهية والحصول عليها نقية يكون بأخذها من رسول الله – صلى الله عليه وآله – ولذلك أمرنا الله بالرجوع إليه – صلى الله عليه وآله –.
قال جل جلاله في الآية السابعة من سورة الحشر "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ".
مستمعينا الأفاضل، يستفاد من حديث الثقلين المتواتر بين المسلمين أن رسول الله –صلى الله عليه وآله– قد أودع تبينه لكتاب الله عند أوصيائه الإثني عشر – عليهم السلام – ولذلك صار النجاة من الضلالة والحصول على المعارف الإلهية يكون بالتمسك معا بالقرآن الكريم ببيان العترة المحمدية لآياته.
نقرأ في كتاب (جامع أحاديث الشيعة) عن الصحابي الجليل جابر الأنصاري قال: قلت لأبي جعفر الباقر –عليه السلام– : (إذا حدثتني بحديث فأسنده لي فقال –عليه السلام– "حدثني أبي عن جدي رسول الله – صلى الله عليه وآله – عن جبرئيل –عليه السلام– عن الله عزّ وجل، وكل ما أحدثك به فهو بهذا الإسناد، يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها".
وفي كتاب (الرجال) للكشي عن إمامنا جعفر الصادق –عليه السلام– قال لأحد أصحابه: (مهما أجبتك فيه بشيء فهو عن رسول الله –صلى الله عليه وآله– لسنا نقول برأينا في شيء). وقال –عليه السلام– أيضا: "حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله –صلى الله عليه وآله– وحديث رسول الله قول الله عزّ وجل ".
والأخذ من غير أهل بيت النبوة –عليهم السلام– يوقع الإنسان في الإعراض عن كتاب الله عزّ وجل والسنة النبوية الصحيحة وبالتالي لايوصله إلى المعارف الإلهية النقية.
روى محمد بن الحسن الصفار رحمه الله في كتاب بصائر الدرجات بسنده عن الحلبي أن رجلا قال للإمام الباقر –عليه السلام–: "يابن رسول الله، إن الحسن البصري يروي أن رسول الله –صلى الله عليه وآله– قال: من كتم علما جاء يوم القيامة ملجما بلجام من النار، فقال الإمام الباقر –عليه السلام– : (كذب ويحه، فأين قول الله "وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ". ثم قال –عليه السلام– : (ليذهبوا حيث شاؤوا، أما والله لايجدون العلم إلا هاهنا.. عند آل محمد". وقال –عليه السلام– أيضا لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرّقا وغرّبا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت".
وفي المصدر نفسه قال إمامنا الصادق –عليه السلام– :(إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن الأنبياء لم يورّثوا درهما ولا دينارا وإنما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ شيئا منها فقد أخذ حظا وافرا فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. وقال –عليه السلام– أيضا في تفسير قول الله عزّ وجل "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ"، قال: "يعني من يتخذ دينه بغير هدى أئمة من أئمة الهدي".
جعلنا الله وإياكم أيها الأحبة ممن يتبع رضوان الله عزّ وجل بأخذ علمه ممن ارتضاهم معادن لحكمته محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
اللهم آمين، وبهذا نختم لقاء اليوم من برنامج(أسئلتنا وأجوبة الثقلين)، استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران. تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين. الى اللقاء.