لم تلقَ نداءات الاستغاثة قبالة سواحل اليونان جواباً، إلا بعدما غرق مئات اللاجئين، وفُقدت جثامينهم في قعر البحر.
في المقابل، جُنِّدت طواقم وسفن ووسائل إعلام عند فقد غواصة، على متنها خمسة من أثرياء العالم، توجّهت في رحلة سياحية لرؤية حطام سفينة "التايتانك".
وفيما انتشر الحديث عن 750 شخصاً، أُنقذ 104 منهم فقط، قالت منظمة اللاجئين في الأمم المتحدة، بعد ثلاثة أيام من وصول المعلومات بشأن غرق القارب، إنها "لا تمتلك معلومات، وعدد الضحايا هو 72"، فيما مصير الباقين "غير معلوم"، بانتظار التحقيقات التي ستجريها اليونان.
ازدواجية المعايير في التعاطي مع الإنسان
المحلل المختص في الشؤون الأوروبية والدولية، موسى عاصي، تحدث عن "ازدواجية المعايير في التعاطي مع الإنسان"، قائلاً إن هذه القضية "تظهر بشكل واضح إلى أي مدى وصلت هذه الإنسانية في التغاضي عن حياة الإنسان".
ولفت عاصي إلى "أننا حتى اليوم، بعد عشرة أيام، لا نعلم ماذا جرى في قارب المتوسط، ولا نعلم مجرى التحقيق"، مشيراً إلى أن "كل الإشارات تشير إلى وجود إخفاق من قِبَل البحرية اليونانية، بل مشاركة في الجريمة".
وعن متابعة الأمم المتحدة لقضية قارب المتوسط، قال عاصي إن "كل المنظمات التي يجب عليها متابعة الأمر غائبة تماماً"، مؤكداً أن هذا "لا يحجب مسؤولية الدول التي أتى منها المهاجرون على متن القارب، التي عليها أن تتابعهم عند حصول أي مشكلة معهم".
"هستيريا" ضد عالم الجنوب
من جهته، أشار المحلل في شؤون أميركا والأمم المتحدة، نزار عبود، إلى القرارات الدولية التي تتحدث عن "واجب القارب أو السفينة أو الدولة أو الميناء إنقاذ أي شخص مهدد بالغرق"، الأمر الذي أخفقت اليونان في احترامه تماماً، ما يستوجب تحقيقاً دولياً.
وعن التعاطي الإعلامي مع قارب المهاجرين وغواصة الأثرياء، قال عبود إن الأمانة العامة للأمم المتحدة سئلت: "كيف كل هذا الاهتمام بالغواصة، بينما لم يتم الاهتمام باللاجئين".
وبحسب عبود، فإن القضية "أخلاقية إلى حد بعيد"، وتجاهل أوضاع المهاجرين "هستيريا معادية لسكان العالم الثالث والدول الفقيرة". وتبعاً لذلك، يقول محلل الميادين إن "الإعلام مسؤول إلى حد بعيد عن إهمال هذا الموضوع".
رحلة المهاجرين تزداد صعوبةً في أوروبا
بدوره، قال المحلل للشؤون التونسية والأفريقية، مراد الدلنسي، إن "رحلة المهاجرين صعبة، ليس في البحر فقط، وهي ربما تكون أصعب عند إقدامهم الأراضي الأوروبية".
وتحدث الدلنسي عن قيام مجموعة من الأطباء في إيطاليا "بإجبار مهاجر عربي أو أفريقي على تناول بعض الأدوية، اتضح فيما بعد أنها منوّمات تقدّمها السلطات الإيطالية للمهاجرين، تسهيلاً لترحيلهم لاحقاً".
وأضاف الدلنسي أن "ما يحدث هو أنانية أوروبية واضحة، فأوروبا تنهب خيرات أفريقيا، التي يتوجّه سكانها إلى الشمال للحاق بثرواتهم، فيقابلون بالرفض"، مع رفض أوروبا أي شكل من أشكال تحسين الحياة في القارة السمراء أيضاً.
وفيما يتعلق بالمطالب الغربية، والإيطالية تحديداً، من تونس بشأن مسألة المهاجرين، قال محلل الميادين لشؤون تونس وأفريقيا إن هذه المطالب "غير منطقية"، إذ تريد أوروبا، التي تنهب ثروات الدول، أن تتحمل تونس وغيرها الأعباء، "مقابل بضع دولارات".
المصدر: الميادين