البث المباشر

تفسير موجز للآيات 18 الى 28 من سورة الجن

الأربعاء 3 مايو 2023 - 14:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1042

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وحبيب إله العالمين محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. مستمعينا الأكارم في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته,, تحية طيبة مباركة لكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل في حلقتنا هذه، بإذن الله، تفسير ما تبقى من آيات سورة الجن المباركة بداية بالإستماع الى تلاوة الآيات الثامنة عشرة حتى الحادية والعشرين منها..

وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً{18} وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً{19} قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً{20} قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً{21}

جاء عن الإمام الصادق (ع) في كلام له مع أحد أصحابه: (ملعون ملعون من لم يوقر المسجد، أتدري يا يونس لم عظم الله حق المساجد وأنزل هذه الآية " وأن المساجد لله.."؟ كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم أشركوا بالله تعالى، فأمر الله سبحانه نبيه (ص) أن يوحد الله فيها ويعبده).

أما كلمة "لبداً" عزيزي المستمع، فبمعنى التراكم والإزدحام؛ والدعاء وفي جملة (فلا تدعوا مع الله أحدا) بمعنى العبادة.

والمقصود من إزدحام الناس عند عبادة النبي الأكرم في الآية التاسعة عشرة إما أن يكون إزدحام المخالفين للإستهزاء والمضايقة، أو تجمع الراغبين من الجن والإنس للتعلم.

ويصل الإخلاص إلى أوجه عندما لا يرى الإنسان نفسه ويرى كل شيء من الله تعالى؛ يقول تعالى في بداية هذه الآيات: لا أشرك بالله أحداً، ثم قال حتى أنا لا أرى نفسي أنني أملك شيئاً.

وتتجلى عبادة النبي (ص) في أنه لم يكن يرى لنفسه أي دور وكان يعتقد بأن كل شيء هو من الله عزوجل، حسب قوله عز من قائل (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً).

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيات الثانية والعشرين حتى الخامسة والعشرين من سورة الجن المباركة..

قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً{22} إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً{23} حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً{24} قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً{25}

وردت كلمة (قل) في القرآن أكثر من ثلاثمئة مرة وكانت إما جواباً على أسئلة طرحت، أو جواباً عن أسئلة قد تطرح، أو كانت موقفاً مقابلاً للتوهمات والإعتقادات والتوقعات الخاطئة.

كما تشير الآيات إلى أن الأنبياء كانوا يدعون الناس إلى الله تعالى ولم ينسبوا إلى أنفسهم أي امتياز خاص.

ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: الكل سواسية أمام القانون الإلهي ولا أحد يملك حصانة خاصة.

ثانياً: حتى النبي غير مصون من العذاب الإلهي إذا أخطأ.

ثالثاً: عدم معرفة موعد يوم القيامة مفيد للإستعداد من جهة ولعدم الخوف من جهة أخرى.

ورابعاً: يوم القيامة، هو يوم ظهور ضعف الإنسان وعجزه، وعجز كل ما اعتمد عليه.

أما الآن، إخوة الإيمان، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة والعشرين حتى الثامنة والعشرين وهي آخر آيات سورة الجن المباركة..

عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً{26} إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً{27} لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً{28}

تشير هذه الآيات البينات، عزيزي المستمع، إلى أن فن الإدارة يستلزم إعطاء المعلومات اللازمة للمسؤول والمحافظة عليها والرقابة الدقيقة على عمله.

و حول علم الغيب يقول إمامنا الصادق عليه السلام: (إن لله عزوجل علمين؛ علم عنده لم يطلع عليه أحداً من خلقه وعلم نبذه إلى ملائكته ورسله، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا).

لذلك فإن المقصود من الآيات التي تقول إن علم الغيب مختص بالله تعالى هو النوع الأول من العلم، والآيات التي تقول إن غير الأنبياء يعلمون علم الغيب، تقصد النوع الثاني. كذلك نقرأ في الدعاء: "وبحق علمك الذي استأثرت به لنفسك".

ومن تعاليم هذه الآيات الشريفة يمكن القول أولاً: الذين يدعون علم الغيب كالمنجمين والكهنة هم كاذبون، لأن الله تعالى يعطي علم الغيب فقط لأمثال الأنبياء.

ثانياً: لا يوجد من لا يحتاج إلى مراقب وناظر.

ثالثاً: الرسول مصان في إستقباله للوحي والتبليغ.

ورابعاً: الحماية الإلهية عن طريق الملائكة هي حماية شاملة جامعة.

أيها الإخوة والأخوات، مع إتمام تفسير سورة الجن المباركة، وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامجكم "نهج الحياة" حيث قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من القرآن العظيم دمتم بخير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة