البث المباشر

ابو الفتح السيد نصر الله الحائري الموسوي

الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 09:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 427

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن عيون الصادقين ومجاهديهم ومن مناصري اهل البيت والشهداء في سبيل الله ونصرة اهل البيت بنفسه وماله هو العالم والشاعر والرئيس ابو الفتح السيد نصر الله الحائري الموسوي، هو من مواليد كربلاء المقدسة في العراق عام 1109 هجرية، ترعرع ونشأ في اجواء العلم والادب، كان صبيح الوجه، جميل المطلع، من سلالة السيد ابراهيم المجاب ابن الامام الكاظم عليه السلام واصبح هذا الرجل من العلماء الكبار، رمز شهير في كربلاء المقدسة وبيته مأوى للوافد والقاصد وتجتمع عنده العلماء من كربلاء ومن النجف الاشرف ومن بغداد وكان يلقي دروس الفقه في حرم الامام الحسين ويحضر درسه المئات من الافاضل العراقيين والمهاجرين ووصل صيته الى ايران، دعاه السلطان نادر شاه لزيارة ايران وسافر عدة مرات وكان نادر شاه يحبه ويكرمه، اشتهر السيد نصر الله الحائري بالتسلط العلمي والاطلاع الفقهي لكل المذاهب الاسلامية وكان قوي المناظرة لذلك انتدبه السلطان نادر شاه لما اجمع العلماء الشيعة وعلماء المذاهب الاخرى في صحن النجف الاشرف وهناك القى السيد نصر الله خطاباً بليغاً انبهر به الكل فذاع صيته في الشرق الاوسط انذاك وبلغ ذلك سلطان الرومان طلب من نادر شاه ان يرسل اليه عالماً من علماء الشيعة لمقابلته وليستمع اليه وليتناظر علماء العامة في بلاده وتفصيل ذلك يرد في الحديث عن كيفية استشهاده رحمه الله، الشهيد السيد نصر الله الحائري كان له دوراً بارزاً لما دارت الحرب الطاحنة بين العثمانيين والجيوش التي جاءت من قبل نادر شاه لحماية العتبات المقدسة في العراق، السلطان العثماني محمود خان كان مصراً على تدمير العتبات في العراق مثل الان هم هؤلاء وراثهم وبقاياهم التكفيريون النواصب فعلوا ذلك في سامراء في العام الماضي، السلطان العثماني كانت خطته هذه وكان مخطط لان يبيد الشيعة بالكامل في العراق لكن وقفوا العلماء في ايران والعراق ودافعوا، العلماء كان موقفهم موقفاً غير دموي وانما موقفاً سياسياً ومصلحاً ومهادناً لوقف اراقة الدماء فاستغاث السلطان محمود العثماني ببعض علماء الامامية ومنهم السيد نصر الله الحائري لاقناع نادر شاه بوقف الحرب وحصلت الهدنة واتفق الطرفان على ان تعترف الدولة العثمانية بالشيعة مذهباً خامساً، ان يكون لهم محراباً في مكة المكرمة واماماً للصلاة في الحرم المكي الشريف لان في ذلك اليوم كانت الحجاز تحت سيطرة العثمانيين وان تكون للشيعة حريتهم في اداء مناسك الحج وان يكون لهم اميراً في الحج، بعد هذه التطورات زار نادر شاه العتبات في العراق وبدأ بزيارة النجف الاشرف وكان ذلك بعدما غزا الهند ونجح فلما وصل الى النجف كانت قبة امير المؤمنين مكسوة بكاشي ازرق وفوقها جرة خضراء ثمينة فأمر السلطان نادر شاه بتذهيب القبة فكسيت القبة بالذهب بسبعة الاف وسبعمئة وسبعة وسبعين طابوقة ووضعت في اعلاها كف ذهبية فسألوا السلطان نادر شاه ماذا نكتب قال اكتبوا «يد الله فوق ايديهم» الجرة الخضراء كانت موجودة في الخزانة وهي من التحف النادرة سطى عليها هدام العراق لعنه الله واخزاه فسرقها ضمن ما سرق وهربها اخوه برزان الى سويسرا ضمن الكثير من كنوز العراق التي هربت، بناء او كسوة القبة بالذهب من قبل نادر شاه كان عام 1155 ولما ظهرت القبة الذهبية اول قبة للائمة بهذه الصورة نظم الكثير من الشعراء قصائد منهم الشهيد السيد نصر الله الحائري الذي اتحدث عنه، قصيدة من ثمانية وخمسين بيتاً مطلعها:

اذا ضامك الدهر يوماً وجارا

فلذ بحمى امنع الخلق جارا

علي العلي وصنوا النبي

وغيث الولي وغوث الحيارى

ثم يشير الى تذهيب القبة بالذهب فيقول:

وكنت افكر في التبر لم

غلا قيمة وتسامى افتخارا

وما يبلغ التبر من قبة

بها عالم الملك زاد افتخارا

ومذ كان صاحبها للاله

يداً ابداً نعمة واقتدارا

يد الله من فوق ايديهم

 

يد فوق صرطوقها لا تضارا

ثم يتخلص في آخر القصيدة ويقول:

بها الاي تتلى وتحيى العلوم

فيشفى غليل القلوب الحيارى

تبدى سناها عياناً فأرخت

انست من جانب الطور نارا

اذن الشهيد السيد نصر الله الحائري لعب دوراً كبيراً في الصلح بين نادر شاه والعثمانيين ولعب دوراً اصلاحياً في توحيد الكلمة ورص الصفوف وبث الائتلاف بين المذاهب وبين الشعب العراقي على اختلاف مذاهبه واديانه ويوم اتى نادر شاه الى العراق جمع علماء المذاهب الاسلامية في صحن النجف ودار الاجتماع لايام كان السيد نصر الله وغيره من اخدانه يناظر ببراعة حتى انتهى الاجتماع باتفاق وقعه علماء المذاهب على ان الاسلام يدور على خمسة مذاهب ووقعوا هذا الاتفاق من الفريقين ولما وقعه كبير علماء السنة في ايران انذاك وهو الملا باشي الذي كان برفقة السلطان نادر شاه في رحلته لزيارة العتبات المقدسة بعد هذه المراسم والتوقيع ادى المصلون صلاة الجماعة في مسجد الكوفة بامامة السيد نصر الله الحائري وهذا الاتفاق كتب باللغتين الفارسية والعربية وقعه نادر شاه، وقعه سادن الروضة الحيدرية والعلماء ونسخة منه كانت موجودة في خزانة امير المؤمنين. 
السيد نصر الله الحائري كان شروق بزيارة النجف الاشرف، كان ليالي الاربعاء يزور مسجد السهلة والنجف الاشرف ويظهر من مراسلاته مع اقرانه ان له كثير من الشعر مثلاً قرأت قطعة شعرية كتبها من ديار الغربة لصديقه في النجف الاشرف وهو الشيخ مهدي الفتوني اعلا الله مقامه يقول:

بالله يا نفح الصبا ان حبست

في ارض النجف

فأقري السلام على الاولى

انوارهم تجلو السدف

وقل المقيم بعدكم اودى به

فرط الاسف

متذكراً عصراً مضى معكم

بهاتيك الغرف

غرفاً زها ورد العلا فيها

ولذ لمن قطف

لا زال يرفل في رداء العز

مارق خطف

لا يخفى ان هذا الشهيد والعالم الجليل له ديوان شعر مخطوط رأيته في خزانة مكتبة الامام الحكيم رضوان الله تعالى عليه في النجف الاشرف واعتقد موجود، هذا العالم السيد نصر الله الحائري هو من المراجع الذين افتوا بتحريم استعمال التبغ يحرمه مبدئياً وله في ذلك رسالة وجيزة في الفقه الاستدلالي وقرأت له رسالة لصديقه العالم الشيخ بشارة الخيكاني في النجف الاشرف ايضاً يذكر فيها شوقه لزيارة الامير يختمها بقوله:

داعيك نصر الله ذاك الصب

ودمعه على الخدود صب

اما استشهاده رحمه الله، ذكرت في البداية ان سلطان الروم سمع بصيت المرحوم طلب من السلطان القاجاري ناصر الدين شاه ان يشخص اليه عالماً الى بلاد الروم عن طريق الاستانة تركيا فسافر السيد نصر الله الحائري على عادته كان يسافر لنشر معالم الاسلام ونشر الالفة بين المسلمين فلما وصل بلاد القسطنطينية وعبر الى ديار الروم انتشرت شائعة وهي كانت في الظاهر مكيدة ومؤامرة مدبرة من اجل تصفيته لان الاعداء لا يطيقون وجود كهذه الشخصية وبهذه القدرات وهذا النبوغ وهذا المقام، كان ملاحقاً ومطارداً فلما وصل الى بلاد الروم لو اتيح له ان يبقى ويتصل بعلماء المسلمين وعلماء النصارى لربما احدث ثورة كبرى هناك، المرحلة الاولى نشروا هناك بان نادر شاه قتل فلما اشاروا دبت حالة من الفوضى وطبعاً السيد نصر الله الحائري بدأ يشعر بالخطر وهو اتى تحت حصانة من دولة ومن مسؤول، لما اشيع بان نادر شاه قد قتل التكفيريون والنواصب استغلوا الفرصة ولم يراعوا ان هذا ضيف عالم له حق الضيافة فوثبوا عليه وقتلو ومزقوا بدنه وقطعوا اعضاءه وبعد ذلك سلطان الروم اغتاظ لان هذه غدرة والغدر لا يسمح به طبع الانسان، اخذهم وقتلهم واحرقهم فجمعت اجزاء بدنه ودفن هذا الشهيد الجليل في ديار تركية في منطقة خاصة بتركيا في عام 1166 هجرية ليلقى الله شهيداً في خدمة مبادئه وائمته.
أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة