البث المباشر

تفسير موجز للآيات 8 الى 13 من سورة الحشر

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1007

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فهو خير ناصر ومعين، ثم الصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنستأنف فيها بإذن الله، تفسير آيات سورة الحشر المباركة نبدأها بالإستماع إلى تلاوة الآيتين الثامنة والتاسعة منها فتابعونا مشكورين..

لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{8} وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{9}

الآية الثامنة، أيها الأكارم، بمنزلة الشرح للمصارف الستة التي وردت الإشارة إليها في آية سابقة، وفيها لفت ودعوة إلى الإهتمام بنوع خاص من الفقراء وهم الذين أصابهم الفقر؛ بسبب هجرتهم إلى الله ورسوله.

وأما "تبوأ" فمن البواء وهو النزول في المكان، والخصاصة هي الفقر الذي لم يسد. و"يوق" من الوقاية بمعنى الحماية. و"الشح" هو بخل مع حرص.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الشريفتان أولاً: حتى لو كان الفقراء لا يتوقعون منا أي شيء، علينا أن نجعل لهم سهماً في أموالنا.

ثانياً: التعلق بالأوطان حق طبيعي وإلهي، يمكن متابعته والتعويض عنه.

ثالثاً: التمهيد لخدمة الناس من الأعمال التي تستحق الثناء والمدح.

رابعاً: كرم الأخلاق وسعة الأفق والرؤية، من الأمور الممدوحة في القرآن الكريم.

خامساً: إظهار المودة على الرغم من أنه يطيب خاطر المودود، ولكن الأهم هو المودة العملية.

وسادساً: العطاء مع الحاجة أرقى وأهم من العطاء مع الإستغناء حسب قوله عز من قائل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).

أما الآن، أيها الكرام، ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيتين العاشرة والحادية عشرة من سورة الحشر المباركة..

وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{10} أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{11}

أيها الأحبة، أثنى الله عزوجل على المهاجرين في آية، وعلى الأنصار في آية أخرى، وعلى التابعين في الآية العاشرة من هذه السورة، وكلمة "تابعين" ربما تشمل كل من أتى بعد المهاجرين والأنصار وآمن بالنبي (ص).

وبعد أن أثنى الله تعالى على المهاجرين والأنصار والتابعين في الآيات السابقة، بدأ في الآية الحادية عشرة برسم الصورة المقابلة تماماً لتلك الفئات، وهي صورة المنافقين، فالجماعات الأولى تدعو إلى المغفرة، وهؤلاء يدعون إلى التمرد والعصيان.

ويحدثنا المفسرون عن وعود ضربها المنافقون لليهود الذين نقضوا عهدهم مع النبي (ص) فوعدوهم بالوقوف إلى جانبهم في أي مواجهة قد يقدم عليها المسلمون.

ومن تعاليم هاتين الآيتين المباركتين يمكن القول أولاً: المذهب والدين الكامل، هو الذي يلحظ في خططه وبرامجه، أتباعه الآتين في المستقبل، فيخطط لرشدهم وتكاملهم.

ثانياً: من أخلاق الإسلام وآدابه، الدعاء للأسلاف السابقين إلى الإيمان، وطلب المغفرة لهم.

ثالثاً: لابد لتحقق الإصلاح من البدء من الجذور، فالحسد والغل والعداوة هي سبب كثير من المعاصي والآثام.

رابعاً: ينبغي لقائد المجتمع الإسلامي، أن يكون على علم بالعلاقات التي تربط المنافقين بالأعداء الخارجيين.

وخامساً: يعتمد المنافق أسلوب التأكيد والجزم في خطابه، من أجل جعل المخاطب يصدق وعوده.

أما الآن، إخوة الإيمان، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من سورة الحشر المباركة..

لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ{12} لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ{13}

أيها الكرام، تعلمنا الآية الثانية عشرة أن معرفة المؤمنين بهزيمة الكفار وبعدم ثبات المنافقين على مواقفهم وعدم التزامهم بعهودهم، يؤدي إلى رفع روحه المعنوية. كما تعلمنا أنه لا ينبغي أن نخشى أبواق المنافقين، وقوة دعايتم الإعلامية، فهم على الرغم من كل ما يظهرونه من قوة الموقف فإنهم سرعان ما يفرون عندما تقتضي الظروف الثبات.

أما الآية الثالثة عشرة، عزيزي المستمع، فهي بمثابة الدليل والبرهان على الآية السابقة، فالمنافقون لا يثبتون في ساحات الوغى ولا ينصرون إخوانهم، وذلك لأنهم لا يؤمنون بالله، وهم في الواقع يخافون بريق سيوف المسلمين أكثر من خوفهم الله تعالى.

إلى هنا، إخوتنا الأفاضل، وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" إستمعتم لها من أثير إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فشكراً لحسن إصغائكم وطيب متابعتكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة