الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
ومن مشاهير الصادقين والاتقياء المشهورين سليل اهل البيت هو السيد احمد بن الامام موسى بن جعفر(ع)، حينما ندخل مدينة شيراز في ايران هناك مشهدان مشهوران وعليهما قباب وهما الاول وهو الاوسع وهو حرم السيد احمد بن الامام موسى بن جعفر والثاني يعرف بعلاء الدين حسين وهو ابن الامام موسى بن الامام موسى بن جعفر.
السيد احمد ويعرف هناك بشاه جراغ اي الملك المضئ او المنير فمن هو السيد احمد شاه جراغ، في الواقع لم اعثر على تاريخ ولادته بالضبط غير انه المبرز من اولاد الامام الكاظم بعد اخيه الامام الرضا(ع)، امه من السيدات الورعات وكانت موضع ثقة الامام الكاظم بحيث ان الامام الكاظم حينما رحل الى بغداد اودعها مواريث ووثائق الامامة وقال لها من جاءك وطلب منك هذه بأسماءها وفي اي وقت فأعلمي اني قد استشهدت وان من يطلبها منك هو الامام بعدي والمفترض الطاعة من بعدي عليك وعلى سائر الناس وامر الامام ابنه الرضا بحفظ الدار، بعد استشهاد الامام موسى بن جعفر جاءها الامام الرضا وطالبها بالامانات، فسألته: هل استشهد والدك؟
قال: بلى، والان فرغت من دفنه، فدفعت اليه ذلك وبايعته بالامامة واقامت الحداد والعزاء على فقد الامام(ع)، هذه ام السيد احمد شاه جراغ.
احمد شاه جراغ كان موضع حفاوة ابيه وله منزلة ساميه عند والده وكان احمد من عيون الصادقين الصالحين وكان كريماً سخياً وتقول الروايات انه اعتق الف مملوك من ماله الخاص متقرباً الى الله عزوجل بذلك، وقد حمل هذا المعنى بعض الادباء بقوله:
شاه جراغ احمد بن الكاظم
اعتق الفاً سيد الاعاظم
ومن الدلائل على تقواه انه بعد وفاة الامام الكاظم اجتمع الناس على باب داره واخذوا ينادون بأمامته ومبايعته الا انه صعد المنبر وخطب خطبة بليغة وبمنتهى الفصاحة وخاطب الناس قائلاً: "ايها الناس كما امكم جميعاً في بيعتي فأني في بيعة اخي علي بن موسى الرضا، واعلموا انه الامام والخليفة بعد ابي والفرض عليّ وعليكم من الله ورسوله"، ثم خرج والناس خلفه وجاءوا لبيعة الامام الرضا واقروا بأمامته.
احمد بن موسى احد الذين كتبوا القران بخطه وكانت النسخة موجودة لكنها غابت في السنين الاخيرة بسبب غارات اعداء اهل البيت على مراكز تراث الائمة.
احمد بن موسى كان ذراعاً نشطاً للقائد المحنك ابي السرايا وله دور كبير في مناصرته لنصرة المستضعفين والمضطهدين.
احمد بن موسى استشهد مسموماً بعد وفاة اخيه الامام الرضا(ع) وقضية وفاته هي ان السيد الامير احمد شاه جراغ حينما بلغه غدر المأمون لاخيه الامام الرضا(ع) كان في بغداد فحزن على اخيه حزناً شديداً وخرج للطلب بثأر اخيه وانضم اليه ثلاثة الاف من احفاد واتباع اهل البيت لمواجهة المأمون الاّ انهم وصلوا مدينة قم فواجههم عامل المأمون العباسي وقتل جماعة منهم ثم رحل احمد بن موسى الى الري مع جماعته فحاربه عامل المأمون هناك وبعد ذلك اتجهوا الى مدينة اسفراين وهناك قابلهم اتباع المأمون واخيراً انتقلوا الى مدينة شيراز وهناك بقي احمد شاه جراغ على مجاهرته في الثورة على العباسيين حتى استشهد هناك على يد طاغية اسمه قتلرخان وهو من اتباع العباسيين، وقد حارب السيد احمد لفترة ودفن السيد احمد شاه جراغ في شيراز وبقي قبره مخفياً لفترة طويلة من السنين الا انه وفي عهد الامير مقرب الدين مسعود بن بدر اكتشف قبره بطريق الصدفة ووجد فيه صخرة تبين اسمه وكان جسده طرياً على حالته طوال هذه السنين وقيل وجدوا في قبره خاتمه منقوش عليه "العزة لله احمد بن موسى بن جعفر" وبنى عليه مقرب الدين بناءاً واجريت عليه توسيعات وصيانة حتى جاءت اخيراً احدى النساء الصالحات وتسمى الخاتون تا وكانت معروفة بالنسك والعبادة ومحبة اهل البيت فبنت المرقد بطراز جديد وشيدت عليه القبة الموجودة الان وجعلت مرقدها بجواره وبنت بجنب المرقد مدرسة واسعة لطلبة العلوم الدينية وذلك عام 750 ﻫ .
يقول الرحالة ابن بطوطة في حديثه عن تكريم الناس في ايران لمشاهد اهل البيت فيقول في حديثه عن شيراز "ومن المشاهد فيه مشهد احمد بن موسى وهو مشهد معظم عند اهالي شيراز وقد بنت تاج خاتون ام السلطان ابي اسحق كما بنت ملحقاً خاصاً لاطعام الزوار وكان من عادتها انها طوال حياتها تأتي المرقد كل ليلة اثنين فيجتمع الناس في الحرم بما فيهم العلماء والشرفاء والوجهاء ويقرؤون القران بأصوات حسنة وتوزع الحلوى والفواكة ثم يرتقي احد الوعاظ فيعظ الناس والخاتون جاكه تطل على الناس من شباك".
في عهد السلطان فتحعلي شاه قاجار صنع السلطان ضريحاً من الفضة، ويجدر ذكره ان مشهد احمد بن موسى الكاظم(ع) هو اليوم من ابرز المعالم والعتبات المقدسة في ايران وهو الثالث من حيث الاهمية بعد مشهد الامام الرضا(ع) في مدينة مشهد المقدسة والثاني حرم فاطمة المعصومة كريمة اهل البيت والمشهد الثالث هو مشهد احمد بن موسى شاه جراغ، لهذا المشهد والمزار موقوفات مهمة يصرف ريعها على اطعام الزائرين وصيانة مباني الحرم الشريف المقدس وبعد الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الراحل(رض) امر السيد الامام بأجراء توسيعات فوسع المشهد واضيفت اليه اجنحة اخرى واروقة جديدة والان هو معلم من معالم التراث ومشهد يأمه الناس ويطعمون في مضيف على غرار مضيف الامام الرضا(ع). السلام على احمد بن موسى شاه جراغ وعلى اباءه واجداده. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******