الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين في ولاءهم واخلاصهم لاهل البيت(ع) هو المرحوم ابو الفوارس شهاب الدين سعد بن صيفي التميمي، المشهور بحيص بيص، يرد اسمه في قائمة الشعراء القدامى كشاعر ملهم، حيص بيص لا اعتقد ان اي قارئ له ولع بالادب لم يمر على اذنه هذا الاسم، هذا العنصر الشريف من الشخصيات المرموقة، لما ندخل حرم الامامين الكاظميين(ع) رزقنا الله زيارتهما عند رجلي الامام الكاظم يوجد قبر من القبور وهو قبر هذا الشاعر الموالي شهاب الدين سعد بن صيفي وقبل ان اتحدث عنه اشير الى هذه النقطة ان البعض حاول التشويش على هذا الشاعر متهماً اياه بأنه غير موال لاهل البيت ولكن لدى التنقيب تتفند هذه الادعاءات وهناك قرائن عديدة تدل على شدة تمسكه بولاء اهل البيت ومن اشهر هذه القرائن وصيته بأختيار مكان دفنه بجوار الامامين الكاظميين(ع) ثم المقاطع من شعره كتاباته من يقرأ ترجمته يلاحظ انه يبدأ في كتاباته في الصلاة على النبي وآله واضف الى ذلك بعض المقاطع من اشعاره مما يدل دلالة واضحة على تفكيره وارتباطه بأهل البيت(ع) هذا الرجل له حياة خاصة واسلوب خاص في عيشه اولاً اشتهر عنه انه كان فيه تعاظم وتيه ويشعر بشخصية عالية واما دراساته فيبدو انه درس الفقه على كل المذاهب الاسلامية ونتيجة للحالة آنذاك ولتحركه وعلاقاته فكان يتثقف بثقافة المذاهب كلها اولاً لتسلحه بالعلم وثانياً لا خفاء امره لئلا يسلط الضوء عليه وبالتالي يدخل في قائمة التصفيات فمن اجل النجاه من الاعداء كان يظهر في الساحة وكأنه لايرتبط بجهة معينة، المرحوم ابو الفوارس شهاب الدين سعد بن صفي التميمي يعرف بأنه من شعراء المنام شعراء المنام كما روى ابن خلكان ان احد القضاة وهو الشيخ نصر الله بن مجلي كان من كبار علماء الجمهور "علماء السنة" هذا الشيخ نصر الله القاضي يقول رأيت في المنام الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) فقلت له يا امير المؤمنين انتم يوم فتح مكة عاملتم الناس بالاحسان والمعروف، عفوتم عنهم، اعلنتم من دخل دار ابا سفيان فهو آمن، من دخل دار صفوان فهو آمن، ارأيت ما فعل بأبناءكم بنو امية في كربلاء، ارأيت كيف سبوا عيالاتكم؟
فأجابه الامام، ان جوابك عند بن صيفي التميمي يعني ابو الفوارس سعد بن صيفي، فيستيقظ الشيخ نصر الله وبأني عند الصباح الباكر الى دار الشاعر ابي الفوارس، يطرق عليه باب الدار ويقص عليه هذه الرؤية فأجهش بن صيفي بالبكاء وقال له سبحان الله، يا شيخ نصر الله اقسم بالله العظيم اني بالامس نظمت ابياتاً وما نطقت بها فمي لاحد ثم قرأ هذه الابيات على الشيخ نصر الله:
ملكنا فكان العفو منا سجية
ولما ملكتم سال بالدم ابطح
وحللتم قتل الاسارى وطالما
غدونا عن الاسرى نعفو ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
فكل اناء بالذي فيه ينضح
استغرب الشيخ نصرالله وعلى هذا الجواب الذي لم يعرف عنه احد وكيف بالمنام احال اليه امير المؤمنين، المكان الذي يحصل عليه الجواب، هذا يشير اشارة جميلة القرآن يقول: «والبلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا» «لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة».
ابو الفوارس سعد بن صيفي التميمي له ديوان شعر وديوان لمجموعة رسائل دونها واشتهرت بالفصاحة والبلاغة وان هذه الرسائل من يقرأها يلاحظ ان الرجل دؤوب واول ما يفتتح رسالته بالصلاة على النبي وآله دون ان يضيف كلمة اخرى ثم هذه القطعة الشعرية من شعره، يروي له ابن شهر آشوب رحمه الله مقاطع في اهل البيت ومنها ما يشير به ابن صيفي الى الامام امير المؤمنين وقضية وبالاحرى معجزة رد الشمس للامام امير المؤمنين، معجزة رد الشمس اوردها المرحوم الاميني من مصادر عامة من مصادر الجمهور، ابن صيفي يشير الى هذه المعجزة فيقول:
صدوف عن الزاد الشهي فؤاده
رغيب الى زاد التقى والفضائل
جرئ الى قول الصواب لسانه
اذا ما الفتاوي افحمت بالمسائل
ثم يقول:
اعيدت له شمس الاصيل جلالة
وقد حال ثوب الصبح في ارض بابل
وقرأت لابن صيفي قطعة شعرية جميلة في آل البيت يقول فيها:
قوم اذا اخذ المديح قصائداً
اخذوه عن طه وعن ياسين
واذا انطوى ارق الاضالع
وفروا ميسور زادهم على المسكين
يشير الى ما اشارت اليه سورة هل اتى في ثمانية عشر آية «ويطعمون الطعام»:
واذا عصى امر الموالي خادم
نفذت اوامر هم على جبرين
واذا تفاخرت الرجال بسيد
فخروا بأنزع في العلوم بطين
المستغاث اذا تصافحت القنا
وغدت صفون الخيل غير صفون
ما اشكلت يوم الجدال قضية
الا بدل شلها بقين
ثم يقول:
مستودع السر الخفي وموضع
الحق الجلي وفتنة المفتون
يشير الى هذا المعنى بأن السر الذي كان في صدر النبي(ص) لم يبح لها بأحد الا للامام امير المؤمنين وهو ما اشار اليه مراراً قال علمني رسول الله الف باب من العلم يفتح لي من كل باب الف باب ولذلك احد الادباء لما يخاطب امير المؤمنين يقول:
نحن نهواك لا لشئ سوى
انك من احمد اخ ووزير
ومفاتيح من علوم حباها
لك اذ كنت كنزها المذخور
هذا المعني يتناوله المرحوم ابن صيفي ابو الفوارس شهاب الدين يقول:
ما اشكلت يوم الجدال قضية
الا وبدل شكها بيقين
مستودع السر الخفي وموضع
الحق الجلي وفتنة المفتون
اجمالاً انه شخصية يفتخر بها تاريخ الصادقين من رجالات الثقافة الاسلامية ومذياعاً مهماً لفكر اهل البيت. توفي عام 574 هـ ولم يذكر المؤرخون عام ولادته، تغمده الله برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******