البث المباشر

ابو الحسن علي ابن حمزة الكسائي مبلغ احاديث الائمة

الإثنين 11 فبراير 2019 - 12:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 212

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من معالم الصادقين واللامعين في مجل خطواتهم العلمية والفكرية هو المرحوم العالم الكبير ابو الحسن علي بن حمزة الكسائي، الكسائي هذا عنوان كما يقال اظهر واوضح من الشمس في رابعة النهار اننا لا نفتح كتاباً في علم النحو بأي زمن الف وفي اي وقت كتب، في اي عصر لا نفتح بحثاً لغوياً او كتاباً الا وامامنا اسم الكسائي ربما يرد اسمه في كل صفحة، ثم لما نستعرض اسماء القراء السبعة للقرآن، يقرأ بسبع صور لاداءه والا القرآن هو القرآن لكن مرة نقرأ مالك يوم الدين ومرة نقرأ ملك يوم الدين او قالت هت لك اوهيت لك، هذه تسمى بالقراءات السبعة، يعني سبعة اشخاص معنونين، هؤلاء كل واحد كان يقرأ بصورة من الصور، احد هؤلاء السبعة هو علي بن حمزة الكسائي، من هو الكسائي؟ 
هو من اهل الكوفة، اصالة كوفي وحينما نشطت الحركة الفكرية والعلمية في الكوفة كان مسجد الكوفة من المراكز العلمية المهمة بأعتباره مدرسة اهل البيت لما انتقلت من المدينة ‌انتقلت الى الكوفة وفي عهد الامام الصادق(ع) لما غطت حواضر المعرفة مدرسة الامام الصادق صار مسجد الكوفة من اكبر واعمق جامعات العالم العلمية حتى ان هناك رواية مشهورة يقول الحسن بن الوشي ادركت في مسجد الكوفة سبعمئة شيخ، يعني حتى الكبار وفاتت فرص والناس حرموا من منابع اهل البيت، الكل يقول حدثني جعفر بن محمد الصادق(ع) لهذا يسمون الامامية بالجعفرية لان الذي احيا ربوع المعرفة بعد طمسها وبعد غيابها وتحطيمها من قبل بني امية الذي احياها هو الامام الصادق(ع). 
علي بن حمزة الكسائي احد رجال هذه المدرسة فواظب على النتلمذ في مدرسة ‌اهل البيت وقرأ على أبان بن تغلب وهو من تلاميذ الامام الصادق النشطين واحد رواة الاحاديث، وقد اشاد بالكسائي وتشدده في محبة آل البيت صاحب كتاب اسرار الامامة، كما استدل الكثير من الكتاب على ذلك، اذكر هذه الملاحظة لان البعض شكك في ولاءه او ارتباطه بأهل البيت هذا التشكيك غير صحيح ولعل ان بعض كتابنا ايضاً اغفل يعني انطلت عليه الخديعة، علي بن حمزة الكسائي رجل شديد المودة لاهل البيت، مناهل علمه الاساسية من تلميذ الامام الصادق ابان بن تغلب، اشتهر الكسائي بأنه الرائد الاول في مدرسة الكوفة بعلم اللغو، كما انه احد القراء السبعة بقراءة القرآن في الامصار الاسلامية، الكسائي هو من اوائل من اسهموا في وضع قواعد اللغة العربية وارساء دعائمها، هنا اذكر ملاحظة مجملة، نشأ في بيئة عامية تامة وقضى شبابه وسط عائلة بعيدة عن العلم والعلماء ‌وايام شبابه الى كهولته كان بعيداً عن العلم بحيث لوكان احداً قد تنبأ له انك ستصبح بهذه المنزلة في علوم القرآن والنحو كان المتنبأ موضع سخرية واستهزاء لكن سبحان الله، تبدوهنا قيمة مجالسة اهل العلم والعلماء، الكسائي كان يذهب كثيراً لمجالسة صديق له من العلماء ومرة كان ذاهباً الى صديقه هذا، الكسائي كان متعباً بشدة فسأله العالم عن حاله قال لقد عييت فأظهر العالم اشمئزازه وقال اتجالسني وانت تلحن -يعني لا تتكلم باللغة الصحيحة- فقال الكسائي كيف لحنت؟
قال له العالم اسمع ان كنت تقصد الحيرة في الامور فقل عييت مخففاً وان كنت تقصد التعب وارهاق فقل اعييت، هنا احس الكسائي بأنه استهين به واستنكف من هذا الوضع وهو كان يشعر بقيمته فكان يربأ ان يصبح مثار اهانة، فراح يبحث بجدية وجهد عمن يعلمه اللغة العربية فأرشد الى معاذ بن مسلم وهو استاذ من اساتذة النحو، تتلمذ عنده حتى نفذ ما عنده يعني اخذ كل معلوماته وراح يبحث عن استاذ ارقى واصل وتابع بحوثه ودراساته حتى اصبح في اعلى مرحلة وفي قمة عالية من المعرفة بحيث الذين كانوا يعيبون عليه كلامه بالامس صارو دونه في مستوى العلم هذا اصبح مصداق للقائلة المعروفة في الفرع ما في الاصل وزيادة ثم ذهب الى البصرة وانضم الى حلقة الخليل بن احمد فدهش الخليل بن احمد مما شاهده ببراعة الكسائي في علم اللغة فسأله في حالة اعجاب من اين اخذ علمك فأجاب اخذت ذلك من بوادي نجد والحجاز وتهامة، كأن في الواقع كانت تقام اسواق ادبية في مناطق عديدة من بقاع العالم العربي وتسمى بسوق عكاظ، شعراء وادباء خطباء، علماء فكان يسافر الى البوادي ويتابع هذه التدوات، المهرجانات الادبية والشعرية، يستمع الى لغات العرب، يناقش اعلامها وقال المؤرخون انه انفذ خمسة عشر قنينة من الحبر في كتابة علوم اللغة «ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر» كما يقول ابو فراس يعني هذا الرجل كان عنده طموح وكان عنده اماني وحققها وبعد ذلك اصبح يقود مناظرات معقدة وضخمة ويتفوق بها، اشهر مناظرة خاضها الكسائي وانتصر فيها وتفوق هي المناظرة التي جرت بينه وبين سيبويه امام النحاة البصريين وفي محضر من العلماء المخضرمين وآخر الامر ان ينتصر انتصاراً كبيراً بعدما اصر المحكمون على تفوق الكسائي العلمي وفي آراءه وقال عنه الفراء «وهو من علماء النحو المشهورين يقول مدحني رجل من النحويين -كأنه الفراء كان يتردد عليه - يقول يوم من الايام احد علماء النحو قال لي ليس من مستواك ان تتردد على الكسائي فأنت اعلم واكبر درجة وقال ان لم تكن اعلم منه فعلى الاقل مثله، يقول اعجبتني نفسي ونعوذ بالله من الاعجاب بالنفس، من الاوبئة الخطيرة الروحية الخطيرة الامام امير المؤمنين يقول اعجاب المرء بنفسه دليل على قلة عقله لكن لما بقيت اتردد على الكسائي فهمت بأني كطائر يرغف بمنقاره من البحر والكسائي يتحدث الي» الكسائي رحمة الله عليه شاعر ملهم ايضاً وان لم الاحظ عنده الكثير من الشعر الا النوادر لكن قرأت له هذه المقطوعة يصف فيها النحو تعلمه يقول:

انما النحو قياس يتبع

وبه في كل امر ينتفع

فعلاً النحو في الكلام كالملح في الطعام كما يقال:

فأذا ما ابصر النحو الفتى

مر في المنطق مراً فأتسع

واذا لم يعرف النحو الفتى

هاب ان ينطق حسناً فأنقمع

فتراه يخفض الرقع

وما كان في نصب وفي خفض رفع

توفي الكسائي رحمه الله في ري بطهران عام 89 هـ تاركاً آثاراً علميه واسعة وتاريخاً مخلداً ‌فرحمه الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة