البث المباشر

الفقيه الزاهد عبد الله ابن محمد البشروي الخراساني المشهور بالفاضل التوني

الإثنين 11 فبراير 2019 - 11:48 بتوقيت طهران

إذاعة طهران-: مع الصادقين: الحلقة 209

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من منائر الصادقين ومن رموز المجاهدين المرحوم المولى عبد الله بن محمد البشروي الخراساني والمشهور عند اهل العلم وعند الحوزات العلمية بالفاضل التوني قدس الله سره، في مدينة كرمانشاه تسمى باختران، في هذه المدينة توجد قبور عديدة لجهابذة من العلماء الكبار ولعل السبب في ذلك ظاهراً يعود لتردد العلماء على هذه المدينة خلال السفر الى العراق لزيارة العتبات المقدسة ذهاباً واياباً‌ فربما البعض منهم كان يمرض ويدركه الاجل فيدفن هناك لان السفر كان مضني ولذلك نقرأ مثلاً للمرحوم كاشف الغطاء توفي في تلك المنطقة وغيره وغيره من العلماء الكبار، من قبور العلماء ومشاهد العلماء المشهورة في مدينة كرمانشاه في منطقة القنصرة المشهورة پل شاه، حتي ان سواق التكاسي يعرف القبر بپل شاه، يوجد هناك قبر الفاضل التوني(رض)وعليه قبة ‌وقد بنيت في ذلك الزمان بأمر حاكم المنطقة، توفي المرحوم الفاضل التوني هناك عند رجوعه من زيارة قبر امير المؤمنين(ع) وبقية العتبات المقدسة، المولى عبد الله بن محمد البشروي الخراساني وهو الفاضل التوني قال عنه الميرزا الافندي في ترجمته «وهذا المولى، كان من اورع اهل زمانه واتقاهم وقد تأثر به وببركته وبركة اخيه المولى احمد التوني تحول اهل المدينة ‌كلهم الى صلحاء اتقياء» اي خدمة واي صداقة مع الله احلى من هذه الصداقة ان يعمل الانسان على انقاذ انسان فكيف بانقاذ اهل مدينة بكاملها، فاصبحت له مكانة علمية في زمانه مما اضطر حاكم ذلك الوقت وهو السلطان الشاه عباس الصفوي الى ان يزور الفاضل التوني وهذا مؤشر واضح علي شهرته وعظمته لان المؤلوف ان السلاطين ذلك الوقت وغيره يزارون ولايزورون لكن حينما يحلق العالم بفضل تعففه وزهده ويختص برتبة القائد الروحي يضطر السلاطين للركوع على اعتابهم وهذا تكريم من الله، هذا مدد من الله عزوجل لمن يبلغ رسالته ويقوم بحمل اعباء شريعة سيد المرسلين، وقد اشتهر الفاضل التوني رحمه الله بترفعه عن طلب اي امر دنيوي مما يترجم اخلاصه لله تعالى وصدقه في نيته وهذا دأب علماء الامامية الذين سجل لهم التاريخ سيرتهم النزيهة عن كل انواع التقرب والتملق الى ملوك عصورهم الاما شذ وندر، في هذا الاطار اذكر قضية ذكرها المؤرخون جرت للفاضل التوني مع الشاه عباس الصفوي وتبدأ القصة من هنا وهو ان الفاضل التوني(رض) اسس مدرسة علمية لتخرج طلاب وعلماء وفتح ابوابها لينضم اليها الطلاب لدراسة الفقه والاصول ولتكون مركزاً ومعلماً لتأهيل طلاب العلوم الدينية وتربيتهم وبالتالي نشرهم في الاقطار الاسلامية من اجل الدعوة الى الله والى الاسلام ونشر وبث مبادئ اهل البيت(ع) هذه المدرسة‌ في البدايات ما انظم اليها طلاب وهنا حدثت للفاضل التوني هذه الحالة الجميلة ويناسب ان اذكرها على عجل وبأجمال، الحادثة هي ان الشاه عباس الصفوي جاء يوماً لزيارة الملا عبد الله وبالضمن كان معه حاشتيه وطاقمه الخاص فأطلع على المدرسة وكيفية انشائها ثم استغرب الشاه عباس عن عدم التحاق احد بها، سأل الفاضل التوني سماحة الشيخ لا ارى احد منضم الى مدرستكم، ابتسم الفاضل التوني وقال له سأجيبك بعداً، انتهت الزيارة، فبعد مدة قصيرة‌ ايضاً زار الشاه الملا عبد الله وعند خروجه سأل عندك حاجة؟ قال لا ليس لي حاجة، الح عليه قال لا ثم قال نعم تنفذها قال اي والله، قال حاجتي ان اركب انا علي راحلتك وانت تمشي بين يدي على قدميك في الشوارع، وكان يمكن ان يقول له اركب على راحلة امشي بها الى جنبك، قال: تفضل، نزل الشاه عباس وصعد الفاضل التوني مكانه لكن سأله ما هو السبب وما قصدك من هذا، ايضاً قال له سأجيبك بعداً، ساروا في الشوارع، الفاضل التوني راكب والسلطان يمشي والناس بكل طبقاتها تنظر وبعد فترة توادعا وافترقا وانتهى كل شئ، بعد مدة طويلة زار الشاه الملا عبد الله زيارة ثالثة طبعاً تكررت الزيارات وجاء الى المدرسة‌ فوجد المدرسة غاصة بالطلاب والدراسة على اشدها، بمختلف المراحل فتعجب الشاه وسأل الفاضل التوني، ما تلك الخلوة وما هذا الازدحام، هتا تبسم الفاضل التوني وقال الان اجيبك على سؤاليك، سؤالك الاول في الزيارة الاولى لماذا لم يكن في المدرسة احد؟ سؤالك الثاني لما ركبت راحلتك؟ السبب انها خالية كانت، والآن امتلأت هو جهل الناس لقدر العالم والعلم لكن لما شاهدوا منك هذا الاجلال والتقدير لاهل العلم والعلماء والاحترام بحيث انا راكب فرسك وانت ماشي بين يدي علم الناس منزلة العلم والعلماء فتدفقوا على التسجيل هنا لطلب العلم وهذا جواب سؤالك الاول والثاني، في الواقع هؤلاء تشغلهم الدنيا والمناصب ولا يدركون السر الكبير في بركة وجود العالم وبركة وجود اهل العلم، نحن نعرف ان قرية اذا خلت من طبيب تفشت فيها الاوبئة والامراض تأكلها وتأكل القريب والبعيد والمواشي والزرع ولكن اذا كان طبيب ينقذها من الاوبئة والامراض فكيف اذا كانت الاوبئة الفكرية والامراض وحالات الانحطاط الاخلاقي وجود العالم هو اهم من وجود الطبيب لذلك دعاء الامام امير المؤمنين(ع) «ونسألك اللهم المعافاة في الاديان كما نسألك المعافاة في الابدان» الذي يطبب الابدان هو الطبيب ولكن الذي يطبب الاديان هو العالم، فلما يكرم العالم من اعلى مركز في اتخاذ القرار وهو رأس القيادة بطبيعة الحال الناس تدرك عظمة العالم وتدرك منزلته، ولكن بشرطها وشروطها ان يكون اول ما يتوفر في العالم عفة نفسه فممن برز في هذا الملا عبد الله الفاضل التوني ويذكره اساتذة الحوزات بهذه الصفة بالفاضل التوني ولما يصفه بالفاضل لغزارة علمه، يعبرون عنه بالفاضل في ابحاثهم وتقريراتهم وفي تدريسهم، وهو احد المبتكرين في النظريات الاصولية اكتفي بهذا وأسأل الله سبحانه وتعالى ان يتغمده بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة