الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من نوادر الصادقين والشهداء في سبيل العقيدة والمبدأ المرحوم المجاهد مجد الملك وهو اسعد بن محمد بن موسى البراوشتاني القمي(رض) هذا الرقم الناصع في تاريخه وفي عطاءه هو باني بناء البقيع المقدس، هو من الذين اشتهروا بالملك، اشتهروا بالسلطة، كان صاحب منصب وزير واشتهر بأيمانه واشتهر بثرائه ومن النادر جداً ان تجتمع هذه الحالات الثلاثة بأعتبار انه هناك شبه تباين، السلطة تصطدم مع الايمان من الصعب ان يكون معها ايمان كذلك الثراء من الصعب ان يكون معه ايمان فلو ان عنصراً ملك هذه الملاكات الثلاثة فهذا يدل على تسلط عقله وعلى قدرته في معاكسة الهوى ومشتهيات النفس، مجد الملك اسعد بن محمد كان وزيراً للسلطان بركيارق ابن ملك شاه بالاضافة الى منصبه في الوزارة كان ايضاً ثرياً وكان بنفس الوقت معروفاً بأيمانه، قالت عنه السير بأنه كان مواظباً على فعل الخيرات ملتزم بالصلاة والصيام ونوافل الليل وكان سخياً باذلاً لماله، جواد الطبع وله ايادي بيضاء وواسعة في تشييد عتبات اهل البيت يعني كان ينفق من امواله الخاصة لصيانة الابنية المرتبطة بأهل البيت او اعادة بناءها من جديد وهذا توفيق نادراً ما يحضى به الناس فقد اسس الكثير وشيد الكثير من المباني سواء في العراق او في مكة والمدينة او في بلاد اخرى كأفغانستان وغيرها حتى يقال ان مزار شريف ولربما اتحدث عنه في حلقة خاصة ايضاً بناه مجد الملك، فشيد بناء البقيع على تلك الصورة التي ربما نشاهد صورتها في بعض المصادر التاريخية وطبعاً البناء كان محكماً ولم يكن بناء البقيع وحده شيده هناك لا بل الاضافة الى بناء البقيع بنى قبة الصحابي عثمان بن مظعون، بنى علي قبر ام البنين بناءًا وبنى بناءًا على قبر فاطمة بنت اسد ام الامام امير المؤمنين وهذه المباني كلها هدمت بعد ان صدرت الاوامر بهدم البقيع وذلك في عام 926 م المصادف 8 شوال عام 1344 هـ وكانت ولم تزل هذه العملية تشكل ظاهرة حزن واسى لاهل البيت ولمحبي اهل البيت ورحم الله اليعقوبي نظم قصيدة في ذلك:
أثامن شوال بعثت لنا الاسى
كأن من شهر المحرم عاشر
وشاعر آخر قال:
ويك يا شوال اخزيت الشهور
فيك هدت لبني الهادي قبور
واتذكر ان بعض الادباء نظم قصيدة في ذلك مروعة ومؤلمة قال في مطلعها:
لعمرك ان فاجعة البقيع
يشيب لهو لها قلب الرضيع
وسوف تكون فاتحة الرزايا
اذا لم نصح من هذا الهجوع
فهل من مسلم لله يرأى
حقوق نبيه الهادي الشفيع
اذن هذا البناء هدم عام 44 هـ، هذا البناء بناه المرحوم مجد الملك في وقتها ولم يذكر التاريخ او الذين دونوا ترجمته تاريخ ولادته او وفاته، هذا لم اعثر عليه، بالاضافة الى ذلك، مجد الملك هو الذي بنى مشهد السيد عبد العظيم الحسني ومشهد حمزة ابن الامام زين العابدين(ع) بمحاذاته وكذلك قبور العديد من السادة والاشراف والفاطميين، قالت السير عنه انه كان كريماً يمد الانطاع في الليالي ويطعم الناس وكان سمح الطبع وبعيد تماماً عن التعصب حتى انه ذات يوم دخل عليه رجلان واحد من محبي اهل البيت والثاني بالعكس من العامة وكان لكل من الشخصين عطاء من السلطان بركيارق اين ملك شاه فأمر مجد الملك بأعطاء الذي من الجمهور حقه نقداً اما الثاني احاله الى كتاب بعض النواحي، يعني الامناء على المال فأشكل عليه بعض جلسائه بأنه كان ينتظروا منه عكس ذلك، لم فعلت هذا؟ وكان المفروض ان تتصرف بالعكس فقال فعلت هذا ليعلم الناس انني بعيد عن التعصب في المعاملات وان الناس عندي سواسية وكأسنان المشط، الحمدلله ما نجد في شخصيات اهل البيت من تعامل بتعصب بالعكس ربما الاطراف المقابلة تعاملت بتعصب اما بالنسبة الى اهل البيت، هذا امامنا زين العابدين(ع) يباغت بيته مروان بن الحكم ومعروف في سوابقه مع الامام زين العابدين في سوابقه مع الحوراء زينب، في سوابقه مع الحسين(ع) ولكن الامام تعامل بتلك الاريحية ولم يعط للنفس التعصب اي مجال لتضعط عليه قال له اهلاً بك وسهلاً ادخل فأنت آمن ثلاثة اشهر ونصف كان الامام زين العابدين يعول به وبجماعته وبأولاده ومجموعة من العوائل، ابداً لانجد رائحة للتعصب في تعامل اهل البيت واصحاب اهل البيت وشخصيات المؤمنين من محبي اهل البيت، الحديث عن مجد الملك الذي بنى الكثير من العتبات وبنى البقيع، كان يكره سفك الدماء وكان رجلاً مسالماً ويحب السلم والتعامل بالمحبة، اما قضية استشهاده، استشهد(رض) قالوا بسبب خلافات السلاطين آنذاك ولكن لدى التتبع والتنقيب نلاحظ حقيقة غائبة عن اقلام المؤرخين وهو ان هذا الرجل اصبحت له سمعة كبيرة وصار يسود غيره فأثارت حفيظة بعض الحساد وربما كان تعلقه بأهل البيت والحاحه على احياء عتبات اهل البيت وهذا عامل آخر لاثارة الاحقاد عليه فعملوا على افساد الاجواء عنده وصاروا يوشون في اذن هذا وذاك من الحكام حوله حتى انه اتهموه بتهم مختلفة الى ان ذات يوم كان راكباً على فرسه الى منزله فضربوه من خلفه بسهم سقط الى الارض صريعاً وقلت انه لم يقتل كما ذكر المؤرخون بتلك الاسباب وانما بسبب توجهه نحو اهل البيت وخدماته الجليلة لهم وكان استشهاده عام 492 هـ وبعد استشهاده حمل جثمانه اولاده فوجدوا في وصيته انه كتب يطلب بنقل جثمانه الى كربلاء، فنقل جثمانه الى مدينة كربلاء ودفن بجوار سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين في الرواق الذي خلق ظهر الامام، نسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******