البث المباشر

من جهاد الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء

الإثنين 11 فبراير 2019 - 09:53 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 200

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
رحم الله هذا المشعل الوهاج بين الصادقين وهو الحبر الاعظم المقدس الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، لا اعتقد ان احداً منا لم يسمع بدوي هذا الاسم اسم مخلد في سماء العلم والمعرفة، المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء هو احد رائدي المشروع النهضوي للطائفة الامامية او لعلماء الطائفة الامامية. وقد ولد في مدينة النجف الاشرف عام 1294 هـ، ادركته وانا في بواكير صباي ولايزال تمثاله المبارك في ذهني كان جهوري الصوت مهيوب المنظر وقور الهيئة وكان المرحوم كاشف الغطاء عالماً وفقيهاً اصولياً بارعاً وكان ايضاً كاتباً وخطيباً واديباً يعني صرع الكتاب بقلمه وافحم المتكلمين بنطقه وارجف ممثلي الدول والسياسيين بأحاديثه وقوة شخصيته حينما كان يفاوض او يناقش كان يهيمن على ‌الموقف، وقد انفرد المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بالزعامة الدينية في مدينة النجف الاشرف في بداية الثلاثينات الى اواسط الخمسينات تقريباً يعني اصبح المرجع الكبير للطائفة واختلف في منهجه ومشربه عن مراجع التقليد فتجاوز دائرة حياتهم وانطلق يطل على ‌العالم الاسلامي والعربي حتى اصبح زعيم المسلمين والعرب في الاقطار العربية وقد اذعنت له كتاب مصر وسوريا ولبنان وكان جريئاً بطلاً في النقد فكان يخطب في صحن النجف الاشرف يدوي صوته،‌ يصدع بالنصائح، بالارشادات العامة للمسلمين ورغم ان هناك ظروف حوزوية حاولت الالتفاف عليه ولا اريد ان ادخل في هذا واذكر اسبابها وتداعياتها لكن فرض نفسه عليها بقلمه واقدامه وادبه وابرز ما يلوح في ملف المرحوم كاشف الغطاء هو سفره الى المسجد الاقصى عام 1350هـ وهذه السفره كانت سفرة مفعمة بالبركات، كأنه عزم رجال العالم الاسلامي وعلماء المذاهب الاسلامية واتفقوا على ان يعقدوا مهرجاناً كبيراً في القدس -انقذها الله من ايدي الصهاينة- ارادوا انعقاد مهرجان كبير في مناسبة ليلة المعراج والاسراء بحكم المناسبة وبحكم البقعة في 27 رجب عام 1931م وارادوا بأن يكون هذا المهرجان مكان تجمع ليتداولوا شؤون العالم الاسلامي وشؤون المسلمين بالخصوص قضية فلسطين وآثار وعد بلفور المشؤوم فأول مرة يدعى عالم من النجف الاشرف الى هذا المهرجان، شهر كانون الاول عام 1931 م غادر المرحوم كاشف الغطاء النجف بعد ان ودعه جمهور عظيم ضم العلماء والوجوه والساسة والتجار والكتاب وغيرهم وفي ذلك الاحتفال القى البعض قصائد خصوصاً كبير خطباء المنبر الحسيني آنذاك الشيخ محمد علي اليعقوبي القى قصيدة رائعة ثم سافر المرحوم الى سوريا ومن هناك الى ‌فلسطين وحضر المؤتمر ولدى ‌انعقاد المؤتمر دعي الشيخ الى المنصة ليلقي كلمته، كل العلماء الذين تحدثوا كانوا يتحدثون بورقة بمعنى انهم اعدوا خطابهم من قبل بصحائف وكانت هناك لجنة تدرس الكلمة ‌قبل ان يلقيها ذلك العالم، عالم المغرب، عالم المشرق، عالم فلان بلد الا هذا العالم الوحيد،‌ العمة الشيعية الوحيدة، عمة المرحوم كاشف الغطاء لما طلبوا منه كلمته، قال لم ادون كلمتي، انا اتكلم ارتجالاً، قالوا وهل تستطيع على ان تتكلم لفترة طويلة قال: بلى، فكانت هذه ظاهرة غريبة لهم، ارتقى اعواد المنصة وخطب ساعة كاملة ارتجالاً بدون اي قصاصة اوورقة فأدهش الحفل والمحتفلون وقرروا بعد ذلك جميعاً ان يأتموا به في الصلاة.
بعض المرافقين للمرحوم كاشف الغطاء يقول لما خطب ومنتصف خطابه بذلك الصوت الجهوري وهذه البلاغة صعقوا فصار تحول في المؤتمر ودعوه الى‌ ان يكون اماماً فصلى بهم صلاة المغرب واتم به اكثر من خمسين الفاً، كانوا يحضرون المؤتمر، فلما صلى واجاد طلبوا منه ان يبقى اماماً للمؤتمرين طوال ايام المهرجان واستطاع المرحوم كاشف الغطاء من هنا ان يثبت وجوداً للمسلمين بشكل عام وللامامية ‌بشكل خاص وذاع صيته في العالم الاسلامي والغربي ثم عاد الى العراق فأستقبله اهل النجف عن بكرة ابيهم علماء وساسة وكل الاصناف حتى من عشائر الفرات الاوسط والجنوب واحتفلت النجف احتفالاً مشهوداً يوم وصوله في الرابع من شهر رمضان المبارك عام 1931 والقصائد الرنانة ‌ومنها القصيدة للمرحوم الشيخ عبدالمهدي مطر قال فيها:

يا هلال الغرب ما هذا السرى

سرار فعل النظار طال الانتظار

ثم يقول: 

يا ابا الحارث لا ريع الحمى

والحمى انت فيه الليث المثار

لا دجت شبهته في حالك

لا يجلي ليلها منك نهار

اما على‌ صعيد القلم والعطاء الفكري والفقهي فله مؤلفات نافعة ككتاب تحرير المجلة او المراجعات الريحانية، الدين والاسلام وله العديد من القصائد في رثاء الحسين وفي فضائل اهل البيت، في مقتل السيد عبدالرزاق المقرم في اواخره يذكر اربعة او خمسة من اروع القصائد التي نظمها المرحوم كاشف الغطاء في رثاء الحسين(ع):

لله اي رزية عظمت بها

عظمت فهانت دونها الارزاء

اما موقعه الاجتماعي والسياسي فقد كان مهاباً‌ هياباً‌ يقول كلمته بكل جرأة وعلى سبيل المثال هذه القصة وبأيجاز طبعاً القصة طويلة في اوائل الخمسينات اعتقلت حكومة العراق، احد العلماء الكتاب في النجف بأسم السيد الكفائي، اعتقلته لتأليفه كتاباً فسروه بأنه طائفي يثير الطائفية وبقي ذلك العالم معتقلاً فترة ينتظر محاكمته وربما كان الحكم قاسي فآخر الامر ارسل المرحوم كاشف الغطاء الى رئيس الوزراء آنذاك نور السعيد باشا ارسل له برقية مختصرة ومهمة، قال فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم، الى كذا دولة... الكتاب يحرق والكفائي يطلق والموضوع يغلق والا فأقرأ لعرشك الفاتحة» ما ان استلم رئيس الوزراء البرقية الا واطلق سراح ذلك الكاتب وارسل مندوباً اعتذر للمرحوم كاشف الغطاء، توفي المرحوم في كرند اثناء سفره لزيارة الامام الرضا واعيد جثمانه الى النجف وذلك عام 1373 هجرية ودفن بمقبرته الخاصة في وادي السلام، تغمده الله برحمته وزاد من علو درجاته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة