البث المباشر

يحيى خان الملقب بآصف الدولة بهادر

الإثنين 11 فبراير 2019 - 09:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 199

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مصاديق الصادقين في خدمة اهل البيت ومحبيهم المرحوم يحيى خان الملقب بآصف الدولة بهادر، وقد يبدو هذا الاسم غريباً ‌على ‌اذهان البعض، على اي حال نادراً ما نسمع بأسم من هذا القبيل، هذا الرجل في الواقع كان جندياً من جنود الامام الصادق(ع) وقدم الخدمات الجليلة والاثرية لمراقد اهل البيت بالخصوص مدينة بطل الاسلام والمسلمين امير المؤمنين(ع)، الرجل هذا هندي، آصف الدولة بهادر كان وزيراً‌ عند احد السلاطين الهنود قبل حوالي اكثر من مئتي سنة يعني حدود 210 ولم يمر ولم اعثر في الواقع على اصول هذا الرجل وانه هل كان من اصول هندية ‌او من بلد آخر على كل هذا لا يهمنا الذي يهمنا عطاء هذا الرجل وحياته، كان وزيراً وكان ثرياً فجاء الى زيارة مثوى امير المؤمنين، زار يحيى خان النجف وكانت آنذاك النجف ارض قاحلة لامياه فيها ولازراعة ولامباني وانما بيوت بسيطة وكانت دائماً مهددة بالغارات وخاصة غارات النواصب من اعداء الاسلام، اعداء اهل البيت وبأعتبار النجف انها قلعة للعلم والله سبحانه وتعالى جعلها حاضرة العالم الاسلامي ومصدر اشعاع فكان الاعداء يستهدفونها قبل اي هدف آخر، فكان اهل البلد وبالخصوص رواء اهل البلد مصدره مياه آلابار وطبعاً آلابار العميقة لان النجف في مستوى مرتفع فكان السقائون ينقلون المياه بصعوبة بالغة من آلابار البعيدة وكان الماء مالح او مر ولكن الناس كانت صابرة على كل ذلك لقاء شيء واحد وهو جوار امير المؤمنين وزيارة امير المؤمنين واتخطر احد العلماء كنت ادرس عنده بالنجف وفي الصباح الباكر اذهب للدراسة عنده وكانت قبة الامام امير المؤمنين ترى من سطح بيته بوضوح فكان كل يوم لما يستيقظ من المنام كان يقف في سطح بيته امام القبة ويسلم على امير المؤمنين وكان يقول من فمه الى‌ اذني كان يقول انا اكتفي بأن لو يومياً يضربوني بأسواط وفقط انظر كل صباح الى ‌قبة الامام اقبل بتلك الاسواط واعيش الى ان اموت، هكذا كان التقدير والتثمين لزيارة ‌المولى ‌امير المؤمنين(ع) فالبلد وزيارة‌ هذا البلد مفخرة من المفاخر للانسان في الدنيا وفي الاخرة وهو جوار امير المؤمنين وطبعاً كان القادم من النجف او الساكن بالنجف لما يسألوه ويسافر كان يردد هذه الجملة «ماي بير وخبز شعير وزيارة الامير» هذا المثل الشعبي السائد لكن كل هذه المصاعب كانت تتبخر حينما يقف الانسان امام ضريح الامام امير المؤمنين(ع) فاولئك الذين جاوروا الامام في الواقع عاشوا عيشة صعبة يحفرون الآبار، يشربون الماء القراح الطعام الخشن لكنهم يشعرون بأنهم سعداء‌ لانهم يستنشقون هذا العبير:

الطيب ما ان رأى ‌الناس في سهل ولاجبل

اصفى هواءً ولا احلى من النجف

كأن تربته مسك يفوح او عنبر

دافه العطار في صدف

حفت بير وبحر من جوانبها

فالبحر في طرف والبر في طرف

لما وصل المرحوم يحيى خان الملقب بآصف الدولة ‌بهادر وزار امير المؤمنين رأى ‌البلد على هذه الحال وشاهد كيف يعيش اهله ذلك العيش الصعب استغرب، وكان ميسور الحال، هينئاً لمن عنده مال ويصرفه في مورده ويصرفه في محله، استغرب كيف يعيش الناس فنظر الى المياه المالحة وكيف تستخرج من الآبار تأثر وقام بمشروع ضخم، جمع رؤساء القبائل التي تسكن النجف وحوالي النجف ووجوه البلد والمهندسين وبذل لهم الاموال الطائلة فشق جدولاً من المسيب عبر الكوفة لارواء اهل الكوفة والنجف واحياء الاراضي الزراعية، هذا الذي يعرف الان بشط الكوفة، شط يحيى ‌خان بهادر، انفق الملايين من الاموال بشكل ما كان يعقله احد واستمر المشروع اربع سنوات فسرى ماء الفرات من المسيب الى الكوفة مروراً بالمناطق الاخرى وانتهاءً الى الشنافية والى ما هناك، هذا كان عام 1208 هجرية كما ذكر صاحب كتاب معارف الرجال وارخ احدهم هذا المشروع بهذا التاريخ الجميل صدقة جارية فلما نحسب الحروف يكون عام 1208 هجرية واي صدقة جارية اصدق من هذا المشروع، هذا المشروع كان في البداية لم يكن بهذه السعة وهذا العرض، اجريت عليه توسيعات وتعريض حتى اصبح يعرف بشط الكوفة وتجري فيه السفن واجري منه فرع صوب النجف وهذا كان متلاحق بعد ذلك وذلك عام 1282 هـ وبأمر وعلى نفقة احد العلماء الكبار وهو السيد اسدالله الاصفهاني واصبح النهر يعرف بأسم هذا الفرعي وكان هذا النهر يعرف بكري السيد وكان الماء يجري فيه لارواء اهل النجف وبعد ذلك انقطع الماء بسبب امتلاء هذا النهر بالطين والاوساخ ويذكر صاحب معارف الرجال انه حينما وصل الماء‌ الى مدينة النجف كان يوماً مشهوداً وارخ احد الشعراء بقوله:

مذ اسد الله الهمام السرى

سليل ساقي الناس من كوثر

اجرى الى الغري ماء مري

قد ارخوه جاء ماء الغري

يبدو انه سنوات تعاقبت والمشروع كان يضفى عليه شيء من التطوير والتوسيع ثم توالت اعمال عديدة‌ من هذا القبيل وطبعاً‌ كل ذلك كان لاحقاً بأحد الخدمة او المتبرعين وخصوصاً الذين كانوا يزورون قبر امير المؤمنين(ع)، اعود الى آصف الدولة بهادر، هذا الرجل كان من اشد الموالين لأمير المؤمنين هذا كان من عاداته، عنده ديوانيه يعني مجلس كان يجلس في ديوانه فاذا كان اول قادم اليه سيد من ابناء الرسول كان يتفاءل بذلك اليوم خيراً بالصدقة مثلاً يدخل الديوان يسأله انت من يقول له انا سيد يبتهج ويقول اليوم يوم خير وبركة وفعلاً كان يرى ذلك ولما مات يحيى خان آصف الدولة بهادر وجدوا في وصيته ان توزع ثلث امواله على ‌ذرية رسول الله من السادة والعلويات وقال المؤرخون لما وزع ثلثه شمل الالاف من ابناء‌ الرسول ولو لم يكن له الا هذا العمل لكفاه بهجة وسروراً يوم القيامة، أسأل الله ان يرفع درجاته ويحشره مع النبي والزهراء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة