بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" وتفسير موجز من آي الذكر الحكيم حيث سنواصل فيها بيان آيات سورة القمر المباركة بدأً بالإستماع الى تلاوة الآيات الثالثة والعشرين حتى السابعة والعشرين منها فابقوا معنا على بركة الله...
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ{23} فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ{24} أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ{25} سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ{26} إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ{27}
"سعر" أيها الأفاضل، جمع "سعير" وهي النار الحامية، وكذلك جمع "سَعـر" وهو الجنون و"أشر" الشخص المغرور بنفسه.
وبحسب الآية الرابعة والعشرين يقول الكافرون " فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ" أي إننا في ضلال وجنون لو اتبعنا بشراً مثلنا. ويرد الله سبحانه في الآية السابعة والأربعين فيقول عزوجل " إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ"
وفي قصة النبي الصالح (ع)، أن قومه طلبوا منه أن يخرج لهم من الجبل ناقة، ولكنهم عندما تحققت المعجزة عقروا الناقة وقتلوها.
ومما تشيره لنا هذه الآيات المباركات أولاً: لا يملك الكفار في مقابل دعوة الأنبياء أي منطق أو حجة داحضة، بل يقولون: لماذا هو النبي ولسنا نحن!
ثانياً: لا يسعى الأنبياء لتمييز أنفسهم بحياة مختلفة عن حياة الناس.
ثالثاً: يسقط الإنسان في بعض الحالات الى درجة يرى فيها اتباع النبي المعصوم الذي يؤيد دعوته بالحجج والمعجزات، يرى اتباعه ضلالاً وجنوناً.
رابعاً: على الدعاة الى الله أن يوطنوا النفس على تلقي أقبح الإتهامات.
خامساً: المعجزات هي من وسائل إمتحان الناس واختبارهم.
سادساً: الأنبياء يخضِعون أممهم للرقابة الدائمة.
وسابعاً: على القادة الدينيين أن يتحلوا بالصبر والأناة.
أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيات الثامنة والعشرين حتى الثانية والثلاثين من سورة القمر المباركة..
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ{28} فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ{29} فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{30} إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ{31} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{32}
تقسيم الماء بين الناس والناقة، عزيزي المستمع، هو امتحان إلهي. وكان على قوم النبي صالح (ع) أن يراعوا تكليفهم في هذا المجال ولا يقربوا الماء في اليوم المخصص للناقة.
وفي الآية الخامسة والخمسين بعد المئة من سورة الشعراء، يقول عز من قائل " قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ" و"شرب" أي سهم ونصيب من الماء، وتستخدم كلمة شرب بهذا المعنى للماء.
و أما التعاطي، أيها الأكارم، هو أخذ الشيء الذي لا ينبغي أخذه. وتدل هذه الصيغة، التي هي من باب تفاعل، على نوع من التبادل والتفاهم بين القاتل وبين سائر الناس.
و"هشيم" العشب اليابس المقطع. و"محتظر" هو الشخص الذي يعد العشب اليابس ويجمعه للأنعام والحيوانات.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمات أولاً: بعض العاجزين يخشون القيام بالأفعال المنكرة، ولكنهم يدعون غيرهم من أهل الجرأة الى فعل ما يعجزون عن فعله بقوله تعالى (فنادوا صاحبهم).
ثانياً: أهل الشر مستعدون للقيام بقبائح الأفعال، ولا يفوّتون فرصة مناسبة لإرتكاب شرورهم.
ثالثاً: ينبغي شكر النعمة وتقديرها، وإن لم يتحقق التقدير، فالعذاب هو الجواب المناسب.
رابعاً: في نقل الأحداث التاريخية بحسب المنهج القرآني، لا أهمية للزمان والأشخاص، وإنما المهم هو العبرة والدوافع والنتائج، فلم يذكر الله عزوجل في هذه الآية لا إسم عاقر الناقة، ولا زمان الحادثة، ولا مكانها المحدد.
خامساً: على الرغم من أن القاتل واحد، فإن فعله أدى إلى هلاك قومه جميعاً.
سادساً: من الممكن أن يؤدي التمرد والعناد إلى هلاك الأمم.
سابعاً وأخيراً: يقدم القرآن الكريم أدق المعلومات التاريخية وأصحها، وأكثرها امتلاءً بالعبر، بلغة سهلة يسيرة الفهم.
إلى هنا، حضرات المستمعين الأفاضل، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" آملين أن قد نالت رضاكم.. ختاماً تقبلوا تحيات إخوتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم دمتم بخير وعافية وفي أمان الله.