البث المباشر

العالم الفقيه ابو علي الفضل الحسن البصري

الإثنين 11 فبراير 2019 - 09:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 188

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
من رجالات الصادقين في منهج اهل البيت وناشري علومهم هو الحبر الاكبر ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي رضوان الله تعالى عليه، هو من مفاخر علماء الامامية ‌واعاظم رجالاتهم، هذا المفخرة الكبرى عاش تسعين سنة من العمر، ولادته عام 450 هجرية وتوفي عام 542 هجرية فهو من العلماء الذين اشتهروا بتقواهم وبورعهم وبجهادهم وبعطاءهم على مختلف المجالات وهو ايضاً من العلماء الذين اختاروا جوار الامام الرضا(ع) وحتى في مدفنه، توفي في مدينة سبزوار ولكن عثر على وصيته كان قد اوصى ان ينقل الى مشهد المقدسة وقبره هناك مشهور في مدينة مشهد منطقة تعرف بأسمه وتاريخياً تعرف بقتلكاه، قتلكاه يعني المكان المجزرة لان المنطقة هذه حدثت فيها مجزرة كبرى قام بها النواصب في عملية قتل جماعي لمحبي اهل البيت(ع)، قبره مشهور هناك ويزار، شهرته بالطبرسي لانه ينتسب الى طبرستان وهو اقليم من اقاليم الشمال الايراني يسمى بمازندران وقد اشتهر هذا العالم الفذ بمكارم اخلاقه وتواضعه وكثرة تلاميذه الا ان اكثر شهرته ترتبط بتفسيره القيم المعروف والمشهور تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن، الحقيقة هذا التفسير في غاية الاتقان وحسن الترتيب والتبويب ويشم في بحوثه اللغة والاعراب وبيان اسباب نزول الآيات وغير ذلك وطبعاً ما دمنا في الكلام عن التفسير، المفسرين للقرآن هم طبقات وهذا واضح ان اول من تكلم في علم التفسير او في تفسير القرآن بعد رسول الله(ص) هو مولى الموحدين امير المؤمنين(ع) يعني اعلم المسلمين اطلاقاً في كتاب الله وتأويله بلا منازع هو امير المؤمنين لان باب مدينة‌ علم رسول الله، انا مدينة العلم وعلي بابها، وهنا استشهد بكلمة ابن مسعود(رض) يقول ان القرآن نزل على سبعة احرف ما من حرف من حروفه الا وله ظهر وبطن وان علياً عنده الظاهر والباطن، الصنف الثاني بعد امير المؤمنين(ع) من المفسرين يأتي مثلاً حبر الامة‌ عبد الله بن العباس عم رسول الله، هو ترجمان القرآن ووارث بعض علوم رسول الله وقد دعا له النبي قائلاً اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ومن هنا تكثر الرواية عن ابن عباس في التفاسير وما من تفسير نفتحه ونقرأ فيه الا ونجد رأي ابن عباس في صدر الآراء وبعد ابن عباس يأتي بعد الصحابة كعبد الله بن مسعود ذو المقام العالي بين المفسرين وغيره من بعض الصحابة التابعون، التابعون ايضاً كثير من كتب من التابعين في تفسير القرآن في مقدمتهم يأتي مثلاً الشهيد سعيد بن جبير(رض) الذي استشهد عام 64 وكذلك عطية العوفي وهو ايضاً من رجالات الكوفة من فقهائها وحضر عند ابن عباس وله تفسير في ستة مجلدات وعطية العوفي هو الذي رافق جابر بن عبد الله الانصاري لزيارة ابي عبد الله الحسين(ع) ويدور الكلام بينه وبين جابر يا عطيه يا عطيه.... 
اذن اعود الى حديثي الى ‌المرحوم الفذ والمفسر الكبير والشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي، احتل المقام الرفيع بين المفسرين في كتابه مجمع البيان في تفسير القرآن وهنا انقل قصة غريبة تنشر في ترجمته والقصة تعود وربما هي كانت السبب في اتمام هذا السفر العظيم او الشروع به والقصة مجملها انه اصيب بمرض، وانتهت هذه الوعكة الى شبه غشوة يعني حالة صرع فالاطباء آنذاك ظنوا بأنه مات وانما حكموا طبياً انه مات فحمل الى المغتسل وغسل ودفن وفجأة عادت له حالة الوعي فرأى نفسه واذا هو في اللحد في ظلمات القبر ولامنفذ له فأخذ يأن قليلاً ثم نذر لله نذراً وهو في القبر ان نجاه الله سبحانه وتعالى وخلص من هذه المحنة يؤلف تفسيراً في القرآن الكريم، يؤلف كتاباً، بعد هذا ومن باب الاتفاق او يد الغيب فعلت ان سارقاً محترفاً في نبش المقابر وكان يسرق اكفان الموتى وجاءته وساقته مهنته الى نبش قبر الشيخ الطبرسي فمد يده ليجر الكفن فمسك الشيخ الطبرسي بيده ورغم ان النباش محترف الا انه ارتبك واراد الهرب وسحب يده وفزع وخاف فناداه الشيخ وطمأنه بأنه حي وان اهله ظنوا به الموت واخبره واعاد اليه الطمأنينة وحفر النباش القبر واخرج منه الشيخ وهنا اخذ الشيخ يحدثه على وضعيته ونذره وكيف ان الله هيأ له من ينفذه، النباش ايضاً رأى الشيخ مرعوب وظهر عليه الضعف فحمله على ‌ظهره الى اهله، فصعق اهله لما رأوه، اما هذا اللص حدثت له نقلة كبيرة في حياته، كيف الامور ترتبك وتشتبك في النتائج واذا هذا اللص بسبب هذه الحالة صار من اخلص اصدقاء الشيخ وصار من الصالحين وصار لا يبرح الشيخ اطلاقاً ودائماً مع الشيخ، اما الشيخ الطبرسي فقد بدأ بوفاء نذره وبدأ يكتب هذا التفسير وكان دائماً يدعو الله سبحانه وتعالى ان يمد في عمره حتى يكمل هذا السفر العظيم وفعلاً والحمدلله انتهى من تدوين هذا التفسير واتذكر وشاهدت مرة المرحوم الطباطبائي(رض) في مطار طهران وكان على وشك السفر الى مشهد فسألته عن تفسيره وانه ماذا يرى بعد تفسيره، ما هو التفسير المفضل للخطيب، ارجو ان لا يغيب عن مكتبتك تفسير مجمع البيان، هذه الخاطرة عززت عندي قيمة هذا الكتاب.
وقالوا بأن هذا النباش بقي ملازماً للشيخ الطبرسي وبقي ملازماً قبره الى ‌ان مات، وللشيخ الطبرسي ذرية صالحة ايضاً‌ في هذا المسار وسبحان الله هنيئاً لمن اولاده على ‌منهجه. الاديب يقول: 

بأبيه اقتدى عدي بالكرم

ومن يشابه ابه فما ظلم

الشيخ الطبرسي ذريته ايضاً‌ اسهموا في نشر علوم الرسول بخصوص ولده ابو نصر ابن الفضل الطبرسي عالم كبير ومحدث جليل كذلك حفيده صاحب كتاب مشكاة الانوار ايضاً له مؤلفات، ذكرت ان هذا العالم الجليل وهذا المفسر الكبير توفي في عام 548 في سبزوار ونقل جثمانه بوصيه منه الى مشهد الامام الرضا(ع) ودفن في مكان قبره الآن ويسمى بقتلكاه واذكر ان لقب الشيخ الطبرسي يطلق ايضاً على احد اعلام الامامية وهو الشيخ احمد الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج وهو غير هذا الشيخ الذي نتحدث عنه عموماً قبره الآن مزار مشهود ينعم بجوار الامام الرضا وينعم ببركات اعماله. نسأل الله ان يزيد من علو درجاته ويتغمده برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة