الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من معالم المجاهدين الصادقين في خدمة اهل البيت هو المجاهد الكبير العلامة الشيخ موسى الكاظمي ولا نعلم ان كان من اهل مدينة الكاظمية ام انه ينحدر من اسرة كانت تقيم سابقاً في مدينة الكاظمين، ما قرأناه عنه في ترجمته المجاهد الشيخ موسى الكاظمي وهو عالم كبير ومجاهد عنيد ومن رموز العاملين بصدق واخلاص في مناخ الولاء لاهل البيت(ع) عاش هذا العالم الكبير العشرين سنة الاخيرة من حياته في البلقان في البانيا، الحديث عن هذا الرجل العامل للاسلام يعيدنا الى الحديث عن محنة كبرى للمسلمين في بلاد البلقان بعد هزيمة العثمانين احتلت اورپا معظم بلدان البلقان بما فيها البانيا، كانت البانيا آنذاك تعد الدولة الاسلامية الوحيدة وكان يوجد فيها تواجد كبير ومهم للفكر الامامي، مجموعة من العلماء كانوا وجاليات من المرتبطين بأهل البيت، على شكل مجموعات صوفية وكانت لديهم تكيات او ما نسميها اليوم بالحسينيات تسمى تكية بالتعبير التركي بالاضافة الى المساجد الشهيرة هناك، في عام 1912 اعلنت البانيا استقلالها بسبب تحرك بعض القادة السياسيين او بعض قادة الاحزاب الالبان وآنذاك عملت دولة النمسا وغيرها من اجل ان تعطى سمة الاستقلال فقويت شوكتهم واخذت البانيا تبتعد شيئاً فشيئاً عن الاسلام وبمرور فترة طويلة ابتعدوا عن كل ما يمت الى الاسلام بصلة وقام هؤلاء المتحزبون القاء الكلمات العربية وغيروها بالحروف اللاتينية على غرار ما فعل كمال اتاترك في تركيا، في الواقع تبدد وجه البانيا الاسلامي الذي دام اربعمئة سنة ولم يتوقفوا عند هذا الحد دمروا كل التراث الاسلامي وبعنوان توسعة الشوارع او اعادة تخطيط المدن تقريباً ابادوا وازالوا كل الآثار والتكيات لبعض المساجد ولبعض المعالم الدينية وبعض المساجد التي سلمت حولوها الى متاحف وحتى القوانين والاحوال الشخصية بدلوها الى نظام اوربي وهذا الوضع وهذه الاجراءات اللادينية حفزت الكثير من الشباب الشيعة او الشباب الواعين من مختلف المذاهب الى التحرك فصار هناك بعض التحرك وكان يقودها العلماء وفي طليعتهم الشيخ موسى الكاظمي، كان هؤلاء العلماء يعبئون الشارع الالباني بروح المقاومة لهذا المسخ في هويته ورفض الثوار الغاء ارتباطهم بالاسلام وبالتراث المدون باللغة العربية واعلنوا مراراً عن سخطهم اما بتظاهرة هادئة واما بأضراب عن الطعام واما بأحتجاج بصورة من الصور وبلغت فورة هذا السخط ذروتها عام 1914 خضع الحكام الذين هم في تضامن مع الاوربيين خضعوا الى مطالب الثوار وتراجعوا وتم تعيين رئيس مسلم للبلاد بدلاً من الحاكم الالباني الاصولي كما تم تعيين مفتي مسلم واعطي ذلك المفتي صفة رسمية وهذه سميت بالثورة الالبانية وقائدها هو العالم الشيخ موسى الكاظمي الذي كان بمثابه مرجع ديني في مدينة تيرانا عاصمة البانيا، هذه الثورة القت بظلالها على الدول المجاورة وفي الواقع تسللت الافكار الثورية خصوصاً على الجاليات الاسلامية وانسحبت على اكثر من الجاليات الاسلامية التي كانوا يتواجدون في دول اوربا المجاورة، آنذاك اخذت بعض الصحف هنا وهناك تحذر من توسع هذه الحركة وانتشارها الى مساحات واسعة وما يترتب عليها من تثقيف وتوعية للمسلمين في اوروبا، كان الصحفيون وبعض السياسيين في الدول المجاورة يصفوها بالخطر الاسلامي او بالقنبلة الاسلامية الىان تفاقم الوضع وزحفت القوات اليونانية في اجتياح البانيا بنفس السنة يعني عام 1914 لكن صارت حالة مواجهة شديدة وفشلت القوات اليونانية في تحقيق اهدافها لكن استمرت حالة الصراع والتدمير بين القوات اليونانية من جهة والقوات العربية التي كانت تتضامن معها من جهة اخرى وبالتالي قضوا على الوجود الاسلامي في هذا البلد واعتقلوا الثوار فقتل من قتل وسجن من سجن وغيب من غيب بمن فيهم المجاهد المرحوم الشيخ موسى الكاظمي وقد ذكر المؤرخ الشهير الكاتب محمد موفاكو في كتابه الثقافة الالبانية في الابجدية سلسلة عالم المعرفة كان يكتب عن صلابة المرحوم الشيخ موسى الكاظمي وجهاده فيقول رغم ان الشيخ موسى الكاظمي كان ضعيف البنية نحيف الجسد وكان كبير السن الا انه كان يتحرك مع الشباب بروح وثابة وفعال وخفيف الحركة وكان يدربهم تدريباً دقيقاً على المقاومة والثبات حتى انهم كانوا احياناً يخرجون الى الادغال والى المناطق النائية ليتدربوا فلم يكن عندهم من الغذاء ما يكفيهم الا في اليوم الواحد وجبة واحدة صغيرة من الغذاء وكان معهم الشيخ موسى الكاظمي بنفس الطريقة ولايتناول اكثر من ذلك رغم انه كبير السن وكثير المسؤوليات لكنه كان رجل الجهاد الصلب والقائد المحنك ولا يفوتني ان انوه هذه الملاحظة بأنه خلال المواجهات بين الاسلاميين وبين الصرب من جهة واليونانيين من جهة وكان الصرب واليونانيون متضامنين كانت هناك عروض كبيرة تعرض على الشيخ موسى الكاظمي مثلاً عرض عليه بالسفر الى دمشق واعطاءه مبالغ من المال او اعطاءه صفة رسمية منصب واموال شريطة ان يهادن الثوار ويداهنهم لكنه رفض وحذر اولاده بأن لا يأخذوا بهذه الاغراءات بعد غيابه فهذه صورة عابرة عن هذا المجاهد الكبير والقائد المحنك وقلت بأنه رغم تدرسيه ورغم احياءه ليالي شهر رمضان في المجالس والمحافل ورغم كبر سنه ورغم مسؤولياته المختلفة لم يكن يتوانى عن الوظيفة الاساسية والمهمة الاولى لعالم الدين وهي مقاومة الانحراف وحماية الوطن وحماية الاسلام من السطو الصليبي الالحادي ولاينساه القادة هؤلاء الملحدون لا ينساه رجلاً صلباً وقائداً محنكاً، اما عن وفاته فلم يكتب التاريخ اين كانت وفاته ومتى توفي ويعتقد البعض انه غاب مع تلك المجموعات التي اخذت الى معسكرات الاسر وبالتالي قضي عليها لكن في بعض المذكرات قيل انه شهد في القوقاز مع مجموعات من الاسرى الذين اسروا وذهب آخرون الى انهم نقلوا الى مكان او امكنة جزر نائية، جزر اليونان عموماً الرجل ضحى بحياته ووجوده في خدمة دينه وخدمة اهدافه وخدمة مبادئ الاسلام وترك له اثراً كبيراً وتاريخاً حافلاً بالاعمال الجهادية رحمه الله بواسع رحمته وكثر في المسلمين امثاله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******