البث المباشر

ابو الحسين علي ابن محمد

الأحد 10 فبراير 2019 - 14:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 175

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مشاهير الصادقين هو محامي اهل البيت ومحبهم والمتفاني بولاءه لهم المرحوم ابو الحسين علي بن محمد الحماني الكوفي المشهور بالافوه. هو من احفاد الامام امير المؤمنين(ع) من طريق زيد الشهيد(رض)، نسبته الى حمان لانه سكن الكوفة في محلة بني حمان فنسب اليهم، اشتقاق الشهرة من منطقة السكن حالة واردة والاهم اولاد الرسول اصالة ينتهون الى رسول الله(ص) وهم حجازيون من مكة المكرمة لكن يشتهرون بسبب توطنهم في اوطان متنوعة نتيجة الضغوطات ونتيجة ظلم الطواغيت وعوامل سياسية واجتماعية وعوامل طائفية، لذلك نسمع مثلاً ‌السيد ابو الحسن الاصفهاني والسيد منشاءه من الحجاز من مكة المكرمة ‌لكن بما انه ولد هناك او المرحوم السيد كاظم اليزدي او المرحوم السيد البروجردي هو طباطبائي من ابناء الامام الحسن فلذلك المرحوم السيد ابو الحسين علي بن محمد الحماني اشتهر بهذه الشهرة.
هو من فقهاء اهل البيت(ع) وممن نشر ثقافة اهل البيت وفقههم في عاصمة التشيع في العراق انذاك وهي الكوفة خصوصاً في القرن الثالث من الهجرة النبوية المباركة، الحماني كان عالماً وخطيباً ومؤلفاً وشاعراً‌ واشتهر بغزارة علمه وشعره وتحضرني هذه الخاطرة ان المتوكل العباسي عندما احضر الامام الهادي(ع) وسأله اسئلة وكان قبلها قد سأل ابن الجهم عن اشعر الناس فعد له اشخاصاً، لكنه لما سأل الامام الهادي(ع)، من اشعر الناس في نظرك؟
كان جواب الامام ذو معطيات عديدة، اجاب الامام ان اشعر الناس هو ابو الحسين علي بن محمد الحماني ثم استطرد الامام الهادي قائلاً: الذي يقول في شعره:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمد خدود وامتداد اصابع

فلما تنازعنا المقال قضى لنا عليهم:

بما يهوى نداء الصوامع

ترانا سكوتاً والشهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع

فأن رسول الله احمد جدنا

ونحن بنوه كالنجوم الطوالع

فقال المتوكل: وما نداء الصوامع؟

فقال له الامام: نداء الصوامع، اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً رسول الله وهو يا متوكل جدي ام جدك؟ فضحك المجتمعون وضحك المتوكل وهو يقول: والله انه جدك لاندفعكم عنه.
لما نمر بحياة السيد الحماني(رض) نراها مفعمة بالنكد والنكبات، حياته كلها سجون وتعذيب وتهديد كأنه اقتدى بآبائه واجداده، كان ذلك ثمناً لتصلبه في موالاة اجداده اهل البيت، ذكر المؤرخون انه سجن مراراً واحياناً في زنزانات بعيدة مهجورة عن البلد حتى ‌لا يزار من قبل اي احد، معظم جهاد الحماني(رض) تركز على صعيد لسانه وهذا جهاد اللسان من اروع واهم انواع الجهاد يقول الاديب:

وما فاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليد

عندما نمر بشعر المرحوم الحماني نجد شعره صارخاً وكان يصعق بفضائل اهل البيت حتى في مراسلاته ومكاتباته وفي عتابه لبعض اصدقاءه مثلاً سجنه ابوالحمد الموفق بالله عام 278 مرتين وكانت التهم مفتعلة ومختلفة فكتب اليه من السجن هذه الابيات وطبعاً الابيات طويلة ويقول من جملتها:

قد كان جدك عبد الله خيراب

لابني علي حسين الخير والحسن

والكف يهن منها كل انملة

ما كان من اختها الاخرى ‌من الوهن

لان جد الموفق اسمه عبد الله وله ولدين وهما الحسن والحسين واليهما يشير الشاعر، وله ايضاً من الشعر نماذج بارعة ‌مثلاً ‌له هذه المقطوعة في اهل البيت(ع):

بين الوصي وبين المصطفى نسب

تختال فيه المعالي والمحاميد

كانا كشمس نهار في البروج

كما ادارها ثم احكام وتجويد

قوم لماء المعالي في وجوههم

عند التكرم تصويب وتصعيد

محسدون ومن يعقد بحبهم

حبل المودة يضحى وهو محسود

لا ينكر الدهر ان الوى بحقهم

فالدهر مذ كان مذموم ومحمود

لما يقول «محسدون» يشير بهذه الى ‌قوله تعالى: «بسم الله الرحمن الرحيم / ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله»لانه ورد في التاريخ والتفسير ان هذه الآية مقصود بها اهل البيت كما يروي ابن ابي الحديد في شرح النهج في الجزء الثاني الصفحة 236، وكذلك في رواية عن الامام الباقر انه قرأ هذه الآية «ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله» وهو يقول نحن والله الناس.
ومن مقاطع شعر الحماني(رض) الجيد قوله في حديث النبي(ص): «اني تارك فيكم الثقلين» وهو يخاطب الحسن والحسين:

انتما سيد اشباب الجنان

عند يوم الفوزين والروعتين

انتما والقرآن في الارض مذ

ازل مثل السماء والفرقدين

فهما من خلافة الله في الارض

بحق مقام مستخلفين

قاله الصادق الامين ولن يفترقا

دون حوضه واردين

وقد ذكر المؤرخون له الكثير من القصائد والمقاطع الشعرية التي تحفل بها الدواوين والمجاميع، واخيراً ونحن في سيرة هذا المجاهد العظيم السيد ابو الحسين الحماني اذكر بأنه لم يحدد المؤرخون التاريخ الدقيق لوفاته لكن ذكروا بأنه من المعمرين وان معظم ايام حياته قضاها في السجون ولكن سجون متقطعة وفي امكنة متعددة والتهم مختلفة، هذا العمر كان ما شاء الله حافلاً بمسلسل من العطاء والجهاد وتخطى اهل البيت علماً وثقافة وكتابة وادباً وشعراً وهذه هي اعظم الارصدة وازكاها وانقاها عند الله فلم يذكر المؤرخون سبب وفاته الا ان تاريخ وفاته كان عام 301 من الهجرة تغمده الله برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة