البث المباشر

السيد حيدر الحلي والشعر الحسيني

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 163

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين ابا القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين الذين احببت الحديث عنه في هذه الحلقة هو احد شعراء اهل البيت وبالخصوص مناره من منارات الرثاة للحسين(ع) وهو المرحوم السيد حيدر الحلي رضوان الله عليه.
هو من الشعراء الصادقين في رثاءه ونظمه في اهل البيت بالخصوص رثاء ابي الاحرار الحسين(ع) وهذا هو جهاد بحد ذاته وجهاد اللسان.
السيد حيدر الحلي ينتهي نسباً الى الامام الحسين(ع) ولادته في الخامس عشر من شهر شعبان عام 1246 هجرية يعني عام 1830 ميلادية، نشأ هذا الشاعر يتيماً، توفي والده وهو صغير وترعرع في اجواء العلم والادب وكان السيد حيدر الحلي لغوياً عارفاً وقد اقر له معاصروه بأنه من فحول الشعراء وهو ايضاً من بناة النهضة الادبية في الحلة وقد سمعت وقرأت انه حينما كان يدخل مجلساً ادبياً او ندوة شعرية يستقبل بهذه الكلمة:
قالوا اذا جاءكم موسى بعصاه فقد اتاكم حيدر بأدبه، كان يخضع الكل لتقييم ادبه، وكان موضع تقدير من كبار العلماء والمراجع حتى ذكر ان المرحوم المجدد الشيرازي اعلى الله مقامه كان اذا دخل عليه السيد حيدر الحلي في سامراء يتودد اليه ويتقرب اليه بتقبيل يده وهذا عكس المتعارف بأن المرجع تقبل يده. اما بالنسبة للسيد حيدر كان المجدد الشيرازي يقبل يده وذلك تقديراً لجهوده وجهاده وشهره.
ترجمه اكثر من مترجم كالمرحوم السيد الامين في "اعيان الشيعة" والخاقاني في "شعراء الغدير" والسيد جواد شبر استاذ الخطباء في "ادب الطب" والمرحوم الاميني في "الغدير" وهكذا المرحوم اغا بزرك الطهراني في "الذريعة" وغيره.
بالاضافة الى ذلك كتبت عن حياته رسالتان في الماجستير احدهما من كلية الاداب في جامعة بغداد والثانية في جامعة بيروت وكان عنوان الرسالة هي "ترجمة شاعرنا المجاهد السيد حيدر الحلي".
عرف الحلي انه من اصحاب الحوليات اي انه لا يذيع شعره الا بعد مرور حول كامل او اكثر لانه كان يستمر في تنقيحه بشكل مكثف ويعتني به ولذلك كان زعيم الخطباء في عصره وهو الشيخ محمد علي اليعقوبي يشبهه بزهير بن ابي سلمى لانه كان يدقق في قصائده مثلاً مئة مرة ثم نشرها.
في هذا الاطار يذكر احد معاصريه من الادباء قال انه نظم قصيدة حماسية استنهاضية في الامام المهدي(ع) فجئت اليه وسألته عنها واذا به اخرج لي عدة نسخ فعلمت انه يعيد النظر في قصائده وكان مطلع تلك القصيدة:

ان ضاع وترك يابن حامي الدين

لا قال سيفك للمنايا كوني

وكانت لديه قصائد اخرى خصوصاً في استنهاض الامام المهدي(ع) منها قصيدته المشهورة الميمة:

ان لم اقف حيث جيش الموت يزدحم

فلا مشت بي في طرق العلا قدم

من حامل لولي الامر مأكلة تطوي

على نفثات كلها ضرم

ثم يذكر للامام المهدي(ع) مصائبه الى ان يقول:

وحمل امك قدماً اسقط حنكاً

وطفل جدك في سهم الردى فطم

كان السيد حيدر الحلي مشهوراً بالتقى وبالصلاح وكثرة العبادة، وذكر عنه انه قال: رأيت في المنام فاطمة الزهراء(ع) فدنوت منها لا سلم عليها ورأيتها حزينة المنظهر وقالت:

اناعي قتلى الطف لازلت ناعياً

تهيج على طول الليالي البواكيا

يقول السيد حيدر الحلي: فأنتبهت من المنام باكياً وهذا البيت على ذهني:

اناعي قتلى الطف لازلت ناعياً

تهيج على طول الليالي البواكيا

يقول: انا احفظ هذا البيت وتعاطت معي قريحتي فأخذت ابكي وانا اقول:

اعد ذكرهم في كربلا انّ ذكرهم

طوى جزعاً طي السجل فؤاديا

ودع مقلتي تحمر بعد بياضها

وبعد رزايا تترك الدمع داميا

الى ان يقول:

ومما يزيل القلب عن مستقره

ويترك زند الغيظ في الصدر واريا

وقوف بنات الوحي عند طليقها

بحال له يشجين حتى الاعاديا

الى ما هنا لك من هذه القصائد.
كان المرحوم السيد حيدر الحلي(رض) يصفه مترجموه غني النفس مترفع الطبع، حتى ذكر المرحوم الاميني في الغدير ان السيد حيدر الحلي زار سامراء وبعد زيارة الامامين العسكريين قصد السيد المجدد الشيرازي وبعد ايام ردّ المرحوم الشيرازي عليه الزيارة وحمل له مئة ليرة ذهبية العملة المتعاملة انذاك ودفعها له بكل احترام ثم قبل معلناً انه انما فعل ذلك لانه شاعر اهل البيت هذا استمرار لسيرة اهل البيت في تشويق الشعراء واعطاهم الهبات، الامام زين العابدين، الامام الرضا يعطي جبته لدعبل، يعطي فرسه.
اشتهر من بين قصائد السيد حيدر الحلي ثلاث وعشرون قصيدة في رثاء الحسين(ع) وهي من روائع شعره واتذكر منذ صغري وارتباطي بالمنبر وحتى الان لاحظت ان شعره هو المفضل قبل شعر غيره حتى اني في عمان في مسقط قرأت خمسة عشر عاماً بأستمرار، لا ازال اتذكر تجاوب المستمعين معي حينما اقرأ قصائده وكيف يتسابق المستمعون معي في قرائتها خاصة وعلى وجه التأكيد القصيدة العينية:

قد عهدن الربوع وهي ربيع

اين لا اين انسى المجموع

او القصيدة العينية الثانية:

الله يا حامي الشريعة

اتقر وهي كذا مروعة

او قصيدة العظيمة:
كفاني ظنا ان ترى في الحسين .... والخ.
في الواقع شعره يمطر الدموع وله عدة اثار ادبية منها كتاب "دمية القصر في شعراء العصر" و"العقد المفصل" و"كتاب الاشجان" وديوان شعر.
لقد رثاه الكثير من شعراء ومنهم الشاعر السيد محمد سعيد الحبوبي(رض).
الذي قال فيه:

ابن لي نحوي لو تطيق بيانا

الست لعدنان فماً ولسانا

الى ان قال في رثاءه:

فمن للقوا الغر بعدك حيدر

ومن ذا يساجلها ....

توفي المرحوم السيد حيدر الحلي(رض) عام 1304 هجرية في الحلة في التاسع من ربيع الثاني ودفن في النجف بجوار مولاه امير المؤمنين(ع) بالصحن الحيدري، تغمده الله برحمته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة