البث المباشر

عثمان ابن حنيف الانصاري

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 160

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من رموز الصادقين والذين يحتفظ لهم التاريخ بملف نير وساطع بالمكرومات هو الصحابي الجليل عثمان بن حنيف الانصاري(رض).
عثمان بن حنيف هو من النخبة المفضلة من تلاميذ الامام اميرالمؤنين(ع) لما بويع الامام بالخلافة واقام دولته الاسلامية، بالنسبة لممثليه والولاة كان دقيقاً جداً وانتخب لكل بلد رجلاً حافلاً بالاستعداد والمواهب اللائقة لاهل ذلك البلد او الكفوءة في تنفيذ مهمته بأعتبار طباع الشعوب تختلف وسلوكياتهم تختلف كذلك، دفق الامام امير المؤمنين(ع) في هذه الارقام واختار للبصرة هذا الرقم المفصل وهو عثمان بن حنيف الانصاري وهو تلميذ وزميل للامام وله دور جهادي رائد، وسبق للخليفة الثاني ان اناط لهذا الرجل مهام كبيرة نظراً للافق الذي كان يحمله والمؤهلات التي كان يتمتع بها فلم يستغني عن مواهبه.
بعد ان اناط له الامام مهمة تمثيله في البصرة كان خاضعاً لرقابة صارمة من الامام امير المؤمنين كسائر الولاة لان مسألة التفتيش الاداري وملاحقة الموظفين ومراقبتهم بذلك الاسلوب الذي ابتكره الامام امير المؤمنين وهو التفتيش الاداري السليم والدقيق بأن كان يرسل شخصيات تذوب نفسها في المستوى الشعبي وتتخفى وعن كثب تراقب الوالي وكيفية ادارته لمهمته وفي نفس الوقت تستقطب الاراء وتعمل على جمع المعلومات الدقيقة وتقديمها للامام امير المؤمنين(ع).
في هذا السياق نلاحظ ان هنا رسالة مهمة كتبها الامام امير المؤمنين الى عثمان بن حنيف وتعتبر هذه الرسالة من الوثائق الصارخة والصادعة بسلوكية الامام امير المؤمنين وتحسسه لمشاعر الناس والام الامة، ورغم ان عثمان بن حنيف من النخبة المفصلة ومن تلاميذ امير المؤمنين لكن الامام كان يراقبه كما يراقب غيره من الولاة ولهنة وما اعظم هذه الهنة في نفس الامام امير المؤمنين واذا بالامام علي يتناول القلم ويكتب اليه: "اما بعد، يا بن حنيف فقد بلغني ان رجلاً من فتية اهل البصرة دعاك الى مأدبة فأسرعت اليها تستطاب لك الالوان وتنقل اليك الجفان، ثم يعاتبه الامام يقول: ما ظننت انك تجيب الى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو، فأنظر الى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فألفظه وما ايقنت بطيب وجوده فنل منه".
الاطعام ومسألة الوليمة مسألة ركز عليها اهل البيت، ومن الاعمال المحببة للرسول ولاهل البيت الاطعام اما بشرطها وشروطها ان يكون الاطعام لوجه الله "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" الانسان لم يصنع وليمة او اطعام يكون الغرض الاول والاخير هو الله سبحانه وتعالى، اما اذا كان الاطعام عنوانه لله ولكن هو في الواقع مدارات، مداهنة، مجاملة او رشوة بمعنى مغلف، يكره الامام امير المؤمنين هذا النوع من السلوك لهذا الامام يقول: وما ظننت يعني لم اتوقع منك وانت انسان مهذب وكأنسان في سلوكك يجب ان تكون علياً صغيراً، "وما ظننت انك تجيب الى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو، فأنظر الى ما تقضمه من هذا المقضم".
في الواقع اللقمة التي يتناولها الانسان في وليمة كهذه تشكل له ناراً صالية في جوفه.
الرسالة هذه مدرسة وهي موسوعة اخلاقية وتربوية وموجودة في نهج البلاغة في قسم الرسائل او المكاتبات وهي ميثاق كامل لطبيعة عمل الامام امير المؤمنين وسيرته في ادارة الخلافة.
عثمان بن حنيف(رض) له موقعه عند الامام امير المؤمنين وله دور جهادي رائد وخصوصاً في مواجهة فتنة الناكثين، لاقى بلاءاً شديداً عندما واجه الناكثين وواجههم ببسالة ولك هي فتنة ما اعظمها ما اعظمها من فتنة، كان يردد "رأيت الحروب فشيبنني فلم ار يوماً كيوم الجمل".
اجمالاً كان الناكثون قد طوقوا البصرة وهو والي هناك فأراد منه التعاون معهم والتنسيق فأرسلوا اليه يطالبونه الاستسلام وان يسلمهم مفتاح البلد وان يقبل بهم كثوار الا ان عثمان بن حنيف هو من رجال المبادئ والقيم ووقع في حيرة، استشار الا حنف بن قيس وهو ايضاً كان صلباً فأشار عليه بالمقاومة ويجب ان يقف ويناضل، فوقف وثبت ولم يهادن واشتبك الناس هناك وكانت فتنة عمياء وصار الناس شعباً وفريق قليل منهم مع عثمان بن حنيف والاكثرية مع الناكثين تضاربوا وتشاتموا ثم ان الناكثين اختلفوا فيما بينهم، وكانت صلاة الصبح هي مدار المشكلة والعقدة، جماعة كانوا يقدمون طلحة لامامة الصلاة فأذا ما اراد ان ينوي جماعة الزبير سحبوه وقدموا الزبير، اراد الزبير ان ينوي الصلاة والصراع كان على هذه الركيزة ان من يقيم الصلاة هو الامام وهو ولي الامر وتمت القضية بأن طلعت الشمس ولم يؤدوا الصلاة واما عثمان بن حنيف نتفوا شعره حاجبيه وارادوا قتله وكان مروان بن الحكم على رأس هذه الجماعة وقتل جماعة من المصلين رغم ان الزبير وطلحة وعدوهم بالعفو لكن لما القوا السلاح غدروا بهم وقتلوهم شر قتل.
اخيراً التقى عثمان بن حنيف بالامام امير المؤمنين ويراه الامام بتلك الحالة وقد ضربوه ونتفوا شعره تأثر الامام وتفاعل بهذا المنظر بألم ويقول: "فارقتني شيخاً وجئتني امرداً" وفي رواية يقول للامام "فارقتك شيخاً وجئتك امرداً". فقال الامام: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ولم يتخلى عثمان عن نصرة الامام امير المؤمنين واستمر ساكناً في الكوفة الى بدايات عهد معاوية فتوفي صابراً على هذه المحنة ودفن بالكوفة.
تغمده الله برحمته والسلام عليه وعليكم ورحمة الله بركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة