البث المباشر

الشهيد عمرو بن الحمق الخزاعي ووثائق الاجرام الاموي

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 158

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في طليعة تلاميذ الامام امير المؤمنين(ع)، احد الارقام التي يعتز بها تاريخ الاسلامي هو عمرو بن الحمق الخزاعي(رض).
هو من الاشخاص الذي رباه الامام امير المؤمنين تربية وعناية متميزة وبكلمة واحدة اراد الامام لكل من هؤلاء ان يكون نموذجاً مصغراً لشخصية الامام امير المؤمنين(ع) في المجلات التي يتواجد فيها رقم من هؤلاء يحس الجميع ان علياً صغيراً بينهم، احد هؤلاء العناصر هو عمرو بن حمق الخزاعي.
كان لصيقاً بالامام امير المؤمنين(ع) ونقول بأنه ذائب في شخصية الامام وخير الحب والتعلق ما كان في الله ولا لمصلحة.
في يوم من الايام يخاطب عمرو امير المؤمنين فيقول: والله يا سيدي ما احببت للدنيا لا لمنزلة تكون في نفسي، انما احبك لخمس خصال اولاً: انك اول الناس بالاسلام ايماناً وثانياً: انك ابن عم رسول الله(ص) وثالثاً: انك المهاجر المجاهد في سبيل الله، رابعاً: انك زوج فاطمة(ع) وخامساً: انك اب لعترة رسول الله وهم العلويون ابناء رسول الله(ص) فوالله يا ابا الحسن لو قطعت الجبال الرواسي وعبرت البحار الطوامي في توهيم عدوك وتلقين حجتك كان ذلك قليلاً من كثير ما يجب عليّ حقك.
كان في طليعة الصحابة وله صلة متينة مع رسول الله وهو من الاشخاص الذين اسلموا قبل فتح مكة، وكان مخلصاً في اسلامه واسلم عن وعي وعن تفقه وعن خبرة تامة، وعمره كان خمس وعشرون عاماً انذاك لذلك احبه النبي(ص) وتقول كتب السير ان النبي دعا له مرة (هذه الدعوة لها قيمة): اللهم متعه في شبابه، وفعلاً قال ارباب السير ان عمرو بن الحمق بلغ عمره ثمانين سنة ولم تبض له شعره واحدة في رأسه.
دخل في ملاك اصحاب امير المؤمنين(ع) وكان صاحب خيارات خاصة ومواصفات خاصة حتى ان امير المؤمنين(ع) ذات يوم يقول له: ليت في احابي وجندي مئة مثلك يا خزاعي، ودعا له امير المؤمنين قائلاً: اللهم نور قلبه بالتقوى، واهده الى صراطك المستقيم.
يحزنني ان اذكر ان هذا الصحابي القدير هو احد الاشخاص الذين تمت تصفيته على يد الامويين، لما صار ابن زياد والياً على الكوفة وراح ينشر الارهاب والفرع ويطارد كل من كان متأثراً بشخصية الامام علي بن ابي طالب، كان في مقدمة من يطاردهم عمرو بن الحمق، اضطر هو وزميله رفاعه بن شداد ان يهربوا الى المدائن ولكن لجأ بني امية الى اسلوبهم المتعارف وهو زج النساء كرهائن فسجنت زوجته، معاوية سجنها في اسؤ حبوسه، لما علم عمرو بن الحمق(رض) ان ناموسه يتعرض الى هذا الاعتداء اضطر الى ان يسلم نفسه الى والي معاوية في الموصل وهو بلتعة بن ابي عبد الله فزجه في الحبس وارسل الى معاوية يطلب التعليمات في التصرف مع عمرو بن حمق واذا معاوية يجيبه جواباً فضيعاً يكشف عن طبيعته العدوانية ونزعته الوحشية فيكتب له اطعنه تسع طعنات بالمشاقص فطعنه فتوفي بالطنعة الاولى وقطع رأسه وارسله الى معاوية وهكذا كانت الحالة انذاك مع العديد من اصحاب رسول الله ومحبي اهل البيت(ع)، فلما وصل رأس عمرو الى معاوية لم يكتفي بذلك عمد الى اسالببه الاخرى القذرة فلف الرأس في منديل وارسله مع احد جلاوزته الى السجن واراد منه ان يدخل زنزانة امنة زوجة عمرو بن حمق ويلقي برأسه في حجرها فجأة صعقت وفتحت المنديل ورأت رأس زوجها فأنهارت وصاحت بصوت عالي زعزع السجن واهله، وقالت: وا حزناه غيبتموه عني طويلاً واهديتموه الىّ قتيلاً، فأهلاً وسهلاً لمن كنت له غير قالية وانا اليوم له غير ناسية وسأبقى طول الدهر له ناعية. والتفت بكل صلابة ورباطة جأش الى الرسول والذي كان بأمر من معاوية وينتظر ردة الفعل فقالت له: ارجع الى معاوية وقل له تقول زوجة عمرو ايتم الله ولدك واوحش منك اهلك ولا غفر لك ذنبك، رجع الى معاوية وبلغه بالجملة التي قالتها، فأمر بأحضارها فأحضروها بين ايدي معاوية فنظر اليها معاوية وسألها: هل انت صاحبة هذا الكلام يا عدوة الله؟ قالت: نعم انا لست عنه نازرة ولا معتذرة وقد اجتهدت في الدعاء عليك ان نفع الدعاء وان الحق لمن وراء العباد. احد المرتزقة قال: يا امير اقتلها، والله ما زوجها احق منها بالقتل، واستمرت المشادة بينها وبين معاوية وكانت تجيبه بشجاعة واخيراً امر معاوية بقتلها فقتلت رحمة الله عليها.
هذه الفاجعة هزت العالم الاسلامي وهذا المعنى يورده الامام الحسن(ع) كنقطة فاضحة في تاريخ بني امية بالرسائل المتبادلة بيت الحسين(ع) وبين معاوية فيكتب الحسين(ع) لمعاوية: "او لست قاتل عمرو بن حمق الخزاعي ذلك العبد الصالح صاحب رسول الله الذي ابلته العبادة ونحل جسمه واصفر لونه، وكنت قد اعطيته من المواثيق ما لو اعطيته لطائر على رأس جبل لنزل اليك ثم غدرت به".
لما نقرأ التاريخ بدقة وبعيد عن المؤثرات والميول والا مزجة وبأستقلال نرى تأريخ بني امية يعج بالعذر ويعج بأمثال هذه المواقف الاخلاقية والوحشية.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يتغمده برحمته وان يجعلنا ممن يهتدي بسيرة هؤلاء العظام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة