البث المباشر

فضة جارية الزهراء(س) والمتكلمة بالقرآن

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:21 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 157

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين مصداقية، احدى الفرائد من الصحابيات وهي فضة جارية مولاتنا فاطمة الزهراء(ع).
فضة يعدها "صاحب الاصابة" بأنها من الصحابيات الجليلات ويروي صاحب الاصابة بأن ورقة بن عبد الله يقول: رأيت امرأة جليلة في البيت الحرام تدعو عند الكعبة وتقسم على الله بأهل البيت وتذكر اسماء النبي وعلي والحسن والحسين وفاطمة، ويبدو وان الظرف كان حرجاً بحيث ان المجاهرة بهذا اللون من الدعاء والتوسل الى الله بأسماء اهل البيت كان امراً ملفتاً للنظر، بحيث ان ورقة بن عبد الله اخذ من هذا المعنى مأخذاً فألح على ان يعرف من هذه المرأة الى ان اقترب اليها وهو يقول: يا امة الله من انت؟
فلم تعر كلامه اهمية، ثم يقول بعد ذلك صادفت هذه المرأة في سوق الطعام بمكة، فلما نظرت اليها قلت: يا امة الله سمعتك في البيت الحرام عند الكعبة وانت تتوسلين الى الله بأسماء اهل البيت، فمن انت؟
قالت: اما عرفتني، انا فضة جارية الزهراء فاطمة.
ويستمر الحوار بينهم ويسألها عن الزهراء(ع)، فتتحدث له حديثاً مسهباً يمكن الرجوع اليه في كتاب "الاصابة"، مثلاً تقول له: كانت سيدتي فاطمة تبكي بكاءاً خفياً بعد وفاة ابيها الى سبعة ايام ثم علا نحيبها وارتفع بكاءها الى اخر حديثه.
فضة هي من المصادر التي اعتمدها المفسرون بالنسبة الى سورة هل اتى، حديث سبب نزول هذه الآيات "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً" لان فضة كانت مع اهل البيت وهي ايضاً تصدقت واقتدت بامير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين، ويذكر اصحاب السير ان فضة هي ذات اصول هندية وعندما انتخبت كجارية للزهراء كانت مؤهلة بأعداد نفسي بحيث انها تأقلمت بأخلاق الزهراء وعاملتها الزهراء بالمناصفة وكما يذكر اصحاب التاريخ ان الزهراء لم تتعامل مع فضة كجارية انما جعلت الامر مناصفة يوم كانت فضة تستريح والزهراء تقوم بشؤون البيت واليوم الثاني تقوم فضة بذلك يعني وضعت فضة بطولها بالنسبة الى مهام البيت.
هناك مؤشرات نعرف من خلالها مكانت فضة عند الزهراء فاطمة مثلاً الزهراء(ع) عندما اعترتها تلك الحالة الطارئة او ذلك الحدث المؤسف، المؤلم والمحزن، واعترتها حالة المخاض وهي بين الباب الحائط ولما اسقطت جنينها ما نادت بنية زينب ولابنية ام كلثوم ولكنها نادت اه يا فضة اليك فخذيني، نعرف موقع فضة عند الزهراء تقول:

يا فضة اسنديني فلقد وربي اسقطوا جنيني واسقطت

بنت الهدى وا حزنا جنينها ذاك المسمى محسنا

اهمية فضة عند الزهراء فاطمة(ع)، مثلاً الامام امير المؤمنين يقول: اخذت عليّ فاطمة انها اذا توفيت لا اخبر احداً بوفاتها من الرجال الاّ عمها العباس وولديها وسلمان وعمار والمقداد وابوذر وحذيفة ومن النساء ام سلمة وام ايمن واسماء وفضة جاريتها، بمعنى انها تأتي بموقع خاص.
نلاحظ ايضاً ان الامام امير المؤمنين لما انشغل بتجهيز الزهراء(ع) كانت فضة تعاونه، تأتي بالماء واسماء بنت عميس تريق الماء وكان الامام يغسلها الى ان همّ الامام بأن يعقد الرداء على الزهراء نادى يا حسن ويا حسين ويا زينب ويا ام كلثوم ويا فضة "هذا موقعها".
فضة بسبب معاشرتها للزهراء(ع) حفظت القرآن وتعلمت الكثير من الاسرار، مثلاً كانت الزهراء(ع) تأمر فضة بأن تصعد على سطح الدار عند الغروب وتأمرها بمراقبة قرص الشمس، فتسألها اذا غاب قرص الشمس نصفه وبقي نصفه تخبرها فتفزع الزهراء بمخدعها بالدعاء الى الله، وذات يوم سألت مولاتها: يا سيدني لماذا تختارين هذه اللحظة، اعلمتها بأنها التقطت هذه المعلومة من ابيها رسول الله حيث اخبرها بأن هذه اللحظة من اللحظات التي يستجاب بها الدعاء.
الزهراء(ع) كانت تدعو للمؤمنين والمؤمنات للارحام فتسألها فضة وكذلك ابنتها زينب، لماذا لم تسمع مرة واحدة تدعو لنفسها؟ فكان جوا الزهراء(ع) لفضة ولابنتها زينب: الجار ثم الدار.
نتيجة هذه المعاشرة في هذه الفترة القصيرة التي عاشتها في كنف اهل البيت وبالخصوص معاشرة خاصة مع الزهراء، حفظت القرآن والت على نفسها ان لا تتحدث الا بالقرآن، حيث ان المؤرخين يقولون ان عشرين عاماً ما تكلمت كلمة واحدة غير آيات القرآن، لكن كانت نتيجة تسلطها في حفظ القرآن وفهم معانيه تستل الآية المناسبة للجواب حتى ذكر المؤرخون ان اعرابياً قال: كنت في البادية وانا على راحلتي وكانت ايام رواح الى الحج فوجدت امرأة في الصحراء مسنة متجهة الى الحج ماشية، فأدركت ان هذه المرأة قد ضيعت القافلة او تخلفت عنها، فسألتها من انت؟ واذا اسمع هذه المرأة ترد علي قالت: فقل سلام فسوف تعلمون، سلمت واذا بها تقرأ هذه الآية: "سلام قولاً من رب رحيم".
قلت لها: ما تصنعين ها هنا؟ 
قالت: ومن يهدي الله فلا مضلّ له.
سألتها أأنت من الجن؟ ام من الانس؟
واذا بها تقرأ هذه الآية "يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد" قلت لها من اين جئت؟ فقالت وهي تقرأ هذه الآية: "ينادون من مكان بعيد".
قلت لها ان انت ذاهبة؟ 
قالت: "ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً".
سألتها كم من يوم خرجتي؟ 
قالت: "ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة ايام". فقلت لها اردفك على الناقة؟
قالت: "لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا".
نزلت واركبتها فلما ركبت قالت: "سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين".
فتحت الطعام وقلت أتأكلين؟
قالت: "وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام".
يقول ثم وصلنا الى قافلة سألتها: امة الله ألك في هذه القافلة احد؟
قالت: وما محمد الا رسول، يا يحيى خذ الكتاب بقوة، يا داود، يا موسى ونادت بهذه الاسماء واذا بأربعة شبان، فقلت لهم من هذه المرأة؟
قالوا: هذه جارية الزهراء، امنا فضة ما تكلمت منذ سنين الاّ بالقرآن وهذه من بركات معاشرتها للزهراء فاطمة.
وقد حضرت فضة مأساة اهل البيت وهي احد الرواة لمأساة كربلاء، رحمها الله وسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة