البث المباشر

الشاعر مهيار الدليمي ومظلومية أهل البيت(ع)

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 152

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
من مشاهير الصادقين في توددهم وفي تفانيهم لاهل البيت هو الشاعر البطل مهيار الديلمي البغدادي.
كنيته ابو الحسن مهيار بن مرزويه، شاعر لامع من شعراء اهل البيت ومن المجاهدين في سبيل ال الرسول على صعيد الكلمة. هكذا وجدت في كتب التاريخ ان شعره وادبه ربما كان اوقع من السيوف الحادة واشد ضراوة من السيوف المسلولة وهذا جهاد رائع، اي جهاد افضل من كلمة حق تنطلق امام سلطان جائر.
مهيار الديلمي هو من غلمان الشريف الرضي وملازم له ولصيق به وقال عنه شيخنا الحر العاملي في "الامل": ان مهياراً جمع بين فصاحة العرب ومعاني العجم، بأعتبار اصوله غير عربية لكن نشأته ببغداد، وقد جمعت روائع قصائده في اهل البيت في اربع مجلدات ضخمة، تتضمن اكثر من واحد وعشرين الف بيت موزعة في ابعمئة وتسع قصائد، في الجزء الاول مئة وقصيدتان، الجزء الثاني مئة وخمس وخمسين قصيدة، في الجزء الثالث خمس وتسعين قصيدة وفي الجزء الرابع سبع وخمسين قصيدة.
ان هذا البطل مهيار الديلمي نشأ في بغداد ايام البويهيين وعاصر خلفاء كثيرين من البويهيين والعباسيين، لا نجده يمدح خليفة جائراً ببيت واحد من الشعر رغم انه كان يمتلك استخدام العنوان الثانوي، التقية لكن رفض اطلاقاً علماً ان في زمانه يعني بعد وفاة الشريف الرضي، كان مهيار الديلمي عشرين عاماً هو سيد الادب لا ينازعه في هذا العنوان اي احد.
ومن روائع شعره في اهل البيت(ع):

معشر الرشد والهدى حكم البغي

عليهم سفاهة والظلال

يا لقوم اذ يقتلون علياً

وهو للمحل فيهم قتال

ويسرون بغضه وهو

لا تقبل الاّ بحبه الاعمال

وتحاك الاخبار والله يدري

كيف كانت يوم الغدير الحال

يشير الى هذا اليوم الذي هو اجمل الكلمة في هذا اليوم الامام الباقر(ع):

فلم ار مثل ذاك اليوم يوماً

ولم ار مثله حقاً اضيعا

حادثة بهذه الضخامة والشهود فيها ثمانية عشر الف واذا تهضم وتغطى وتدفن، اي فضاعة اكبر من هذه الفضاعة، لهذا يقول مهيار:

وتحاك الاخبار والله يدري

كيف كانت يوم الغدير الحال

وينتهي الى القول:

حبكم كان فك اسري من الشرك

وفي منكبي له اغلال

مهيار الديلمي لما يخاطب اهل البيت بقصائده وبهذا النوع من الاصرار والتباهي والافتخار، فتقول الاخبار بأن ابا القاسم بن برهان سمع هذه القصيدة فلم يستمزج ذلك فيخاطب مهيار قائلاً:
يا مهيار سمعت شعرك وسمعتك تقول كذا وكذا ثم قال: يا مهيار انت انتقلت بأسلامك من زاوية بن النار الى زاوية اخرى، يعني اعتبر مدحك نوع من الانحراف وهجومك لاعداء اهل البيت وادانته لهم فيقول مهيار لماذا؟
قال: لانك كنت مجوسياً ثم اسلمت فصرت في شعرك تسب السلف الصالح، بهذه المناسبة اذكر قضية، ان احد الطغاة امر بأن ترفع الزيارة المكتوبة في حرم ابي عبد الله الحسين، قال لان فيها شتيمة للسلف الصالح، لماذا يقول الزائر لعن الله امة قتلتك ولعن الله امة ظلمتك او ربما مثلاً يأتي انسان فيقول اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد واخر تابع لهم على ذلك، القرآن يقول في اكثر من آية "ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعدّ لهم عذاباً مهيناً" والنبي يقول "من اذى فاطمة فقد اذاني" هذه حالة صريحة وواضحة، اذا انكرناها انكرنا القرآن.
فأبو القاسم بن برهان يحتج على مهيار بأنك بأسلامك انتقلت من زاوية في النار الى زاوية اخرى لانك كنت مجوسياً ثم اسلمت فصرت في شعرك تسب السلف الصالح يعني الان انت في النار فقال مهيار: والله انا لا اسب الاّ من سبّه الله ورسوله، القرآن يلعنهم، من يؤذون رسول الله ويحاربون علياً، والنبي يخاطب علياً: "يا علي حربك حربي وسلمك سلمي" يؤذون الزهراء والنبي يقول: "من اذى فاطمة فقد اذاني".
وفي مجال الحديث عن هذا الشاعر البطل مهيار الديلمي البغدادي نجد ابن خلكان يروي قسماً من شعره ثم يعقب يقول: انه كان فصيح القول، مقدماً على اهله في عشرين عاماً. وقد رأيت من شعره مقاطع يرثي بها السلف الصالح مثلاً يرثي الشيخ المفيد في قصيدة مطولة مطلعها:

ما بعد يومك سلوة لمعللي

مني ولا ظفرت لسمع معولي

وهناك قصيدة يرثي بها الشريف الرضي(رض) وهي قصيدة مليئة بالحكمة يقول فيها:

ابكيك للدنيا التي طلقتها

زهداً وقد القت اليك زمامها

يشير الى سلوك الشريف الرضي وزهده في الدنيا وكيف انه اقتدى بجده امير المؤمنين حينما كان يردد "اليك عني يا دنيا فقد طلقتك ثلاثاً لا رجعة لك فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير، آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشت الطريق" الشريف كان يتغنى بهذه الحالة ولذلك يقول مهيار الديلمي حينما يرثي الشريف الرضي:

ابكيك للدنيا التي طلقتها

زهداً وقد القت اليك زمامها

في العشرين سنة التي كان فيها مهيار الديلمي سيد الادب كان يتردد اليه المئات من الادباء والتاريخ يقول ان بيته كان شبه مدرسة او اكاديمية للادب فيجمع اليه المئات من الادباء من مختلف الاقطار، يتعلمون منه الادب والمفاهيم والقوافي وغيرها حتى انه بعد ان مات شعر هؤلاء بخسارة وفراغ كبير ورثوه في الكثير من القصائد الجميلة.
عاش واحد وستين وبعضهم يقول عاش خمسة وستين سنة وكانت له مهابة في النفوس عظيمة وقد توفي في بغداد ودفن هناك عام 428 وكتب الادب الكثيرة حافلة بقصائده وجميل شعره.
نسأل الله ان يكون شعره وولاءه لاهل البيت ذخراً له يوم القيامة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة