البث المباشر

الصحابية الجليلة أم أيمن وشهادة الحق

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادين: الحلقة 149

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الذين صدقوا بما عاهدوا الله عليه هي المرأة المجاهدة ام ايمن(رض).
ام ايمن والحديث عنها جميل جداً، هذه المرأة الصالحة كانت جارية سوداء انتقلت للنبي(ص) ارثاً عن امه (آمنه) واصبحت ام ايمن حاضنة للنبي وبقيت مع النبي حتى تزوج رسول الله خديجة فهي في الواقع شبيه بالام لرسول الله(ص).
كنيتها ام ايمن واسمها بركة، اعتقها رسول الله ضمن السياسة المتبعة التي قادها رسول الله من اجل استئصال حالة الرق والقضاء عليها وبعد ذلك اتبعه الامام امير المؤمنين والائمة الطاهرون، الامام علي اعتق الف مملوك، الامام زين العابدين اعتق الف مملوك وهكذا.
بعد ان اعتقها رسول الله(ص) صبحت مرأة كسائر النساء حرة، زوجها رجلاً صحابياً اسمه عبيد الخزرجي فأنجبت منه ولداً سمته ايمن وهو احدا لتسعة الذين ثبتوا مع رسول الله ولم ينهزموا يوم حنين واستشهد بعد ذلك في سبيل الله، كنية هذه المرأة بولدها وبعد ان مات عبيد الخزرجي زوجها رسول الله صحابياً مشهوراً جليلاً اخر وهو زيد بن حارثة فولدت له ولده اسامة بن زيد واسامة شاب مخضرم ولمواهبه وقدراته جعله رسول الله قائداً لتلك السرية المعروفة بسرية اسامة وامره النبي وكان انذاك النبي في مرضه الذي توفي فيه، فأمر اسامة ان يعسكر بالجرف ويقيم هناك وعينه رسول الله بصفته القائد العام للمسلمين امراً على ذلك المعسكر.
وذكر المؤرخون بالاجماع ان النبي كان يردد "نفذوا لما يرد الكلام عن السن وهل ان السن يرتبط بالكفاءة يبطله الاستدلال ان الكفاءات لا ترتبط بالسن وليست هناك ملازمه بين السن وبين القدرات والمواهب واوضح دليل على ذلك تنصيب رسول الله اسامة قائداً لتلك السرية وهو ابن سبعة عشر سنة وضمن الجنود المجندين هناك من يصل عمره الى اكثر من ثمانين سنة وربما اكثر".
ام ايمن هي ام ايمن وهي ام اسامة بن زيد(رض) وهنا اذكر حادثة ظريفة ذكرها الشيخ الطوسي في الامالي بأن عمر بن عثمان عيّر اسامة بن زيد بعبارة سفيهة ودار بينهما سجال وجدل شديد فعمر بن عثمان قال له: يا بن السوداء، ما اطغاك قال: "انت اطغى مني اذ تعيرني بأمي وامي والله خير من امك وهي ام ايمن مولاة رسول الله وقد بشرها رسول الله في اكثر من موطن بالجنة وان ابي خير من ابيك لانه زيد بن حارثة صاحب رسول الله وحبيبه ومولاه وشهيد الاسلام في غزوة موتة".
وفي هذا الاطار ما اجود قول الاديب:

رب سوداء وهي بيضاء فعلاً

حسد المسك عندما الكافور

ربما تجد انساناً اسمه بخيل لكن مضموناً ما اشد كرمه وما اوسع سخاءه او ربما تجد انساناً لونه اسود لكن هو سيد الاحرار وتجد انساناً ناصع اللون ابيض ولكنه اشد من العبد القن اذن ليست المسألة ذات ارتباط:

مثل قرص العيون يحسبه الناس

سواداً وانما هو نور

وانتقل بعض اللقطات عن هذه المرأة التي قلت بأنها رموز من رموز الصادقين هذه المرأة، قال الكتاب انه لما اقتيد الامام علي(ع)مجبوراً على البيعة الى المسجد قسراً ولا حول ولا قوة الا بالله.
ام ايمن هي احد الشهود التي شهدت للزهراء فاطمة(ع) بأن رسول الله انحلها فدكاً بالاضافة الى الشهود الاخرين وهم الحسن والحسين واسماء والامام امير المؤمنين الا انه طعن بشهادتها بأنها امرأة اعجمية لا تفصح.
ام ايمن هي احدى المتحدثات للحوراء زينب بنت الامام امير المؤمنين كان تحدثها بما سمعته من رسول الله ومن الامام علي والزهراء(ع) حول بعض الاحداث ومستجدات الامور، التطورات وكانت الحوراء زينب تصغي اليها ولهذا عند احتضار الامام امير المؤمنين في الكوفة كانت الحوراء زينب تسأل الامام علي بعض الاسئلة، كان الامام يرد عليها ثم يقول: "الحديث كما حدثتك ام ايمن، كما سمعتيه من ام ايمن" بمعني ان الامام كان يقر لام ايمن بالتوفيق واعتمد حديثها من يعتمده الامام على كفاه شرفاً وما بعده شرف.
ذكر المرحوم الصدوق في الامالي ان ام ايمن رأت في المنام كأن عضواً من اعضاء النبي سقط في بيتها وعندما استيقظت كانت منزعجة وتبكي بكاءاً شديداً حتى اثار بكاءها جزع جيرانها الى ان سألت الرسول(ص) عن تفسيرا وتأويل منامها، النبي ابتسم وقال: يا ام ايمن ستلد فاطمة ولدي الحسين فتربينه وتلبينه فيكون احد اعضائي في بيتك، فلما ولد الحسين(ع) وفي السابع من ولادته امر رسول الله، حلق رأسه وتصدق بوزن شعره فضة على المساكين وعق عنه كبشاً ثم هيأته ام ايمن ولفته في برد من ثياب رسول الله، كانت ام ايمن تلفه احياناً بثوب من ثياب رسول الله او ثوب من ثياب الزهراء.
رحم الله الشيخ الفرطوسي يقول يخاطب الحسين(ع): 

فلقد ولدت مطهراً في بردة

من برد فاطمة تحاك وتلحم

فأقبلت ام ايمن بعد ان لفت الحسين ببردة الرسول وجاءت به الى رسول الله، فصاح النبي مرحباً بالحامل والمحمول، يا ام ايمن هذا تأويل رؤياك، الآن تطبقت الرؤيا تماماً واخيراً وليس اخراً، ان ام ايمن بعد وفاة الزهراء(ع) ضاقت الدنيا بعينها فقطعت على نفسها ان لا تكون في المدينة وطبعاً ليس من السهل ان يترك الانسان وطنه خصوصاً كالمدينة المنورة لكن لما قررت الهجرة من المدينة الى مكة كان بعض المعاريف والاصحاب يسألنها لماذا تهجرين المدينة؟
فكان جوابها هذا "بأني لا استطيع ان انظر الى مواضع كانت تسكنها الزهراء" فقررت السفر الى مكة وفي الطريق عطشت عطشاً شديداً فرفعت يدها الى السماء ودعت ربها "يا ربي ايقتلني العطش وانا خادمة فاطمة واحبها" فانزل الله عليها دلواً من السماء فشربت ولم تشعر بعدها بجوع ولا عطش حتى توفيت بعد سبع سنوات وكان الناس يتفقدونها في مواضع لا يوجد فيها الماء فلا يجدون فيها عطشاً وهنا اذكر هذه الملاحظة واذكرها بمرارة وقلبي يتقطع واشعر بالاسف، لقد قرأت في كتاب "الاصابة" لابن حجر، لاحظت ان هذا المؤرخ وللاسف الشديد يروي هذه القصة بكاملها وكيف نزل عليها الدلو من السماء وكيف ان الله استجاب دعاءها لكنه يحذف قسمها على الله بأنها خادمة الزهراء وتحبها، يروي القضية بالكامل ولكنه يحذف هذه الجملة ولا اقول الا هذه الكلمة لا حول ولا قوة الا بالله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة