بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المنتجبين..
حضرات المستمعين الأفاضل، سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم حيث سنواصل فيها تفسير سورة محمد (ص) بداية من الآية الخامسة عشرة بعد الإستماع الى تلاوتها فكونوا معنا على بركة الله..
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ{15}
هنالك، أيها الأكارم، تعاليم عدة مكنونة في هذه الآية المباركة منها أولاً: ينبغي أن يستفاد لدعوة الناس الى الحق من جمال الجنة وما فيها من نعيم، في مقابل مغريات الحياة وزينتها.
ثانياً: ينال المتقون، الذين يغضون الطرف عن لذائذ الدنيا الفانية، لذات الآخرة ونعيمها الخالد.
ثالثاً: تجتمع في الجنة النعم المادية واللذات الحسية، الى جانب النعم الروحية والمعنوية.
رابعاً: النعم التي ينالها أهل الجنة مقرونة بمغفرة الله ورضاه وفي القابل يشرب أهل جهنم الماء الحميم المذل.
وخامساً: المعاد الجسماني حقيقة قرآنية يدل عليها الحديث عن العسل واللبن، وتقطيع أمعاء الكافرين.
أما الآن، إخوة الإيمان، ننصت خاشعين الى تلاوة الآية السادسة عشرة من سورة محمد (ص) المباركة..
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ{16}
أيها الأحبة، بعد الإشارة الى حال المؤمنين والكافرين تولت هذه الآية الحديث عن طريقة تعامل المنافقين مع الوحي الإلهي الى النبي (ص) وفيها يخبر الله نبيه (ص) أن بعض الكافرين الذين يظهرون الإسلام يشاركون المسلمين مجالسهم ويستمعون إلى الوحي كما يستمع المسلمون، ولكن لما كانوا محرومين من نعمة الإيمان فإنهم عاجزون عن فهم كلام الله ولذلك بعد مغادرتهم المجلس يبدأون بطرح الأسئلة والإستفسار حول ما قيل فيه.
ويُطمئن الله رسوله إلى أن هذه الأسئلة ليست ناشئة من رغبة في المعرفة، أو من عجز في البيان عند النبي (ص) بل منشؤها طبع الله على قلوب المنافقين وخضوعهم لأهوائهم التي تمنعهم من فهم الحق أو اتباعه إن فهموه.
ويستفاد من ورود جملة (واتبعوا أهواءهم) بعد جملة (طبع الله على قلوبهم) أن الإنسان، عندما يعرض عن الحق والفهم، يقع تحت سيطرة الهوى والشهوات.
أما الآن ندعوكم، إخوتنا الأكارم، الى الإستماع الى تلاوة الآية السابعة عشرة من سورة محمد (ص) المباركة..
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ{17}
أيها الأحبة؛ عبارتا "زادهم هدىً" في هذه الآية وعبارة "زدني علماً" كما ورد في الآية الرابعة عشرة بعد المئة من سورة طه، لا تدلان بالضرورة على زيادة الهدى والعلم، فحسب، بل تدلان على زيادة في الإستعداد والقدرات التي يتمتع بها صاحب العلم والمتمتع بالهداية. فما يزيد المؤمنين هدى أمور عدة منها الآيات والمعارف التي يشتمل عليها الوحي وكلام النبي والحكم الصادرة عنه والصبر على الأذى وتحمله.
ومما نتعلمه من هذه الآية المباركة أولاً: الإهتداء والتأثر بالتعاليم الإلهية، يرفعان استعداد الإنسان للهداية برعاية إلهية خاصة.
ثانياً: الخطوة التي يخطوها الإنسان يقابلها الله بخطوات.
ثالثاً: الهداية الحقيقية هي التي تنتهي بالإنسان الى الإتصاف بالتقوى.
ورابعاً: التقوى هدية وثواب إلهي يتفضل الله به على المهتدين.
بهذا أيها الأطائب، وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة ضمن برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير موجز آخر من سورة محمد (ص) تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. دمتم بخير وفي أمان الله.