وبحسب موقع قناة الجزيرة القطرية بررت تلك الحملات موقفها تارة بقضايا فساد (لاحقاً تمت تبرئة قطر منها من قبل لجنة الأخلاق بالفيفا)، وتارة تجاوز قطر ملف حقوق الإنسان في العمالة التي شاركت في بناء البنية التحتية لملاعب كأس العالم، وتارة ثالثة بمنع قدوم المثليين ورفع شعاراتهم. والبعض برر المقاطعة بأن نظام التبريد في الملاعب يساعد على الانبعاثات الكربونية.
وكتب رئيس مركز أفق المستقبل للاستشارات بالكويت محمد سالم الراشد مقالا نشرته موقع الجزيرة في هذا الخصوص جاء فيه:
أعرف تماماً أن قطر رسمياً فندت هذه الافتراءات عبر تصريحات وزرائها المعنيين أو إعلامها الرسمي، لكن هناك أسباباً حقيقية تتعلق بجذور التفكير الغربي والأوروبي عن العالم الإسلامي ودوله وشعوبه، منذ مطلع نشأة الصراع بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي وحملات التشويه ورسم الذهنية الغربية عن المنطقة العربية الإسلامية السائد عبر تضليل الشعوب الغربية بأن شعوب هذه المنطقة مجموعة من البدائيين والجهلة وسيئي الأخلاق والمتخلفين في إدارة شؤونهم وذاتهم وأمورهم.
واستقر الرمز الإعلامي في السينما والتلفزيون والمسلسلات على صورة العربي الهمجي المتخلف والمنغلق، وأن وسيلته الوحيدة في التنقل هي "الجمل الغبي"، وأن سكناه "الخيام السوداء"، وتم تنميط العربي المسلم على أنه "صندوق بارود" أو "إرهابي"، وأن العالم لم يسلم من شرور إرهابه. ومع مرور الوقت ومع الانفتاح العالمي ورفض المنطقة العربية شعارات المثلية والتحرر أصبح تنميط رسم الصورة الذهنية الإعلامية الغربية عن شعوب المنطقة على أنها "شعوب تهضم حقوق الإنسان"، "وتطغى بنفطها على بيئة العالم".
لكن استضافة قطر لكأس العالم 2022 قلب كل هذه الصورة الذهنية التي رُسمت عبر عقود من الزمن؛ فقطر من خلال خطتها الميدانية لإنشاء بنية تحتية وبرنامج تخطيطي مذهل، وتشييد أقوى بنية تحتية لملاعب كأس العالم؛ أبهرت الشعوب الغربية (ومنهم المشجعون المشاركون) والإعلام الغربي بالمدنية الفائقة باستخدام الطاقة النظيفة والمدن الذكية والتقدم العمراني، فلم يجدوا تلك الخيام المتناثرة، ولا الجمال السارحة، ولا الانغلاق المزعوم؛ فقطر مع استضافة هذه النسخة من كأس العالم دولة حضارية مدنية زاهية متقدمة بين مدن خليجية مزدهرة، والأدهى أن شعب قطر والشعوب الخليجية شعوب واعية ومتحضرة وتفهم لغات الغرب والشرق، وتسهم بفعالية لإنجاح حدث عالمي بمستوى مدني متقدم.
ولأن قطر بذلت جهوداً عملية في إظهار الإسلام والدعوة له عبر الانفتاح والحوار العالمي من خلال مشاركة مؤسسات ورموز تتعامل بكرم ومروءة وحفاوة وقيم عالية مع الضيوف المشاركين، فقد مسحت ذلك كل الصور الذهنية التي رسمها الغرب عن العرب والدول الخليجية؛ كصورة الإرهاب والعنف والتخلف.
لذا؛ فإن الإعلام الغربي وزمرته من السياسيين الغربيين -بالإضافة إلى مؤسسات حاقدة وحاسدة- يخشون من أن تتأثر الشعوب الغربية بشكل خاص والشعوب العالمية بالتأثيرات القيمية للإسلام والكرم العربي والأفق المتقدم لشعب قطر وشعوب المنطقة الخليجية، وستمسح تلك الصورة الذهنية الفاسدة (التخلف، والإرهاب، والاستعباد، …).
إن شهرا من النشاط الكروي سيصاحبه شهر من العمل الدعوي والقيمي ورسم صورة جديدة عن إحدى مدن عالم المسلمين اليوم. ونداؤنا لكل مسلم وعربي وخليجي أن يكونوا قدوة لأقوام قادمين ليروا حقيقتنا كمسلمين، فقد أتاحت قطر بإمكاناتها فرصة للمسلمين للاستفادة في تدعيم الصورة الذهنية للمسلمين.
ولعل هذا يجيب عن سؤال: لماذا لم يشارك الرؤساء الغربيون؟ لأنهم -ببساطة- يخشون أن تضفي مشاركاتهم الشرعية الإعلامية والواقعية على الإجراءات التي اتخذتها قطر في إتاحة المجال لفهم شعوب المنطقة وحقيقتها، وأن كل ما رسمه الزعماء الغربيون طيلة عقود مضت قد يُمسح جزء كبير منه في شهر من خلال فاعلية كروية عالمية.