بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد على ما هدانا لصراطه المستقيم.. ثم الصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية مباركة طيبة نقدمها لكم وأنتم تستمعون من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، الى حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) وتفسير ميسر آخر من آيات سورة فصلت المباركة إنطلاقاً من الآية الثالثة عشر والرابعة عشر بعد الإستماع اليها:
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ{13} إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ{14}
أيها الأكارم.. تشير هاتان الآيتان الى أن الحجة التي تمسك بها الكفار والمشركون في رفضهم دعوة الأنبياء هي قولهم: إن الله لو أراد هدايتنا لأرسل إلينا ملكاً رسولاً، لا إنساناً مثلنا.
مع أن الله عزوجل أرسل النبي من البشر ليكون لهم قدوة وأسوة ولكي يدرك ما يحتاجون.
أما ما تعلمنا هاتان الآيتان هي أولاً: لابد للقادة الربانيين من توقع إنحراف الناس، والتفكير في علاج ذلك، حسب قوله عز من قائل (فإن أعرضوا).. ثانياً: الإنذار ضروري لإصلاح المتكبرين. ثالثاً: العقاب الإلهي لا يقتصر أمره على الآخرة . ورابعاً: العذاب الإلهي يأتي بعد إتمام الحجة.
والآن مستمعينا الأفاضل نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الخامسة عشر والسادسة عشر من سورة فصلت المباركة:
فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ{15} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ{16}
إخوتنا الأكارم، تشير هاتان الآيتان الى قصة قوم عاد، فهم قد سكنوا جنوب جزيرة العرب، وكانوا يمتازون بالقوة والقدرة على القتال، وكانت لديهم قلاع محصنة، وأبنية عالية، وهذا هو سبب غرورهم واستكبارهم.
كما تبين بأن القوة والقدرة تكون محلاً للمدح والثناء متى ما أدرك الإنسان أنها من الله وفي سبيل الله سبحانه وتعالى.
فتعلمنا الآيتان أولاً: لابد في سرد التاريخ من الإهتمام بما يكون درساً وعبرة، فلم يتحدث القرآن الكريم عن عدد قوم عاد وأسماء قبائلهم ونحو ذلك.. ثانياً: سبب التكبر هو الغرور لدى المتكبر من قدرة وعدم وجود منافس له حسب قوله عز من قائل (من أشد منا قوة) .. ثالثا: علاج التكبر ومحاربة تفضيل الذات النظر الى القدرة الإلهية لقوله تعالى (من أشد منا قوة..) فيجيب عزوجل (..الذي خلقهم هو أشد منهم) ورابعاً: الإستمرار والإصرار على الكفر والعناد هو سبب هلاك الكفار.
والآن أيها الأحبة، نستمع وإياكم الى تلاوة الآيتين السابعة عشر والثامنة عشر من سورة فصلت المباركة:
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{17} وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ{18}
إخوة الإيمان، أرسل الله تعالى الى ثمود، النبي صالح عليه السلام، وكانوا يقيمون في منطقة بين المدينة والشام يطلق عليه (وادي القرى)، وكانوا يملكون مؤهلات جسدية وأراضي زراعية. وورد في بعض الآيات أن عذاب قوم ثمود كان صاعقة من السماء، وورد في بعض آخر من الآيات أنه كان الزلزلة، ويمكن أن يكونا معناً لقوله تعالى (صاعقة العذاب).
إخوتنا الأفاضل.. تعلمنا هاتان الآيتان اولاً: التاريخ هو أفضل درس للإعتبار كم أن السنة الإلهية قضت بهداية الناس.
ثانياً: الكفر السريع موجب للعذاب السريع. ثالثا: الأسوأ من الغفلة والكفر الإستمرار عليهما ورابعاً: الإيمان والتقوى سر النجاة حسب قوله تعالى (ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون)
وبهذا إخوة الإيمان وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) نشكر لكم طيب المتابعة وحسن الإستماع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.