الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين الذين هم مصداق كامل في حبهم وولاءهم وتفانيهم في خدمة اهل البيت ومبادئ اهل البيت شاعر اهل البيت الحاج هاشم الكعبي، من اعلام الشعراء والادباء ومخل من مخول الشعراء في القرن الثاني عشر او اوائل القرن الثالث عشر الهجري القمري وفانه عام 1230 هجرية وقبره مشهود ومعروف في مدينة كربلاء، هذا الرجل في الواقع احد ابطال الشعراء الذين اشتهر شعره بالرثاء، وشعره مؤثر جداً الى درجة اشتهر حيث قيل في وصفه ان شعره من القلب الى القلب.
وانا الحقير السيد الكشميري لم اجد طوال خدمتي للمنبر الحسيني والتي دخلت العقد الخامس منها او السادس ام اجد خطيباً يستغني عن قراءه مقاطع من اشعار الحاج هاشم الكعبي رحمه الله خصوصاً وبالتأكيد يوم عاشوراء هذا المقطع المفجع:
وادبر ينحو المحصنات حصانه
ينوح ومن عظم المصيبة يعول
واقبلن الحجال وللاسى
تفاصيل لا يحصي لهن مفصّل
فواحدة تحنو عليه تضمه
واخرى عليه بالرداء تضلل
واخرى بفيض النحر تصبع شعرها
واخرى لما نالها ليس تعقل
اتذكر في كربلاء المقدسة لما كان اي خطيب يقرأ هذه الابيات خصوصاً وبنغمة شجية وطريقة مفجعة تتفاعل الجماهير كانت مع مضمون هذا الشعر حتى يسقط بعضهم من بكاءه وجزعه وتأثره.
هذا الشاعر البطل هو من مقاطعة خوزستان وهاجر الى العتبات المقدسة في العراق لطلب العلم ويذكر المؤرخون هذه الكتة عن سفره يقولون ان شاعرنا المترجم لم يكن من هذا الصنف يعني من صنف العلماء والادباء انما كان انسان في اسرته لكن كان يهوى الادب والعلم من طفولته فيذكرون ان يوماً من الايام وفي مجلس من المجالس استهان به احد افراد اسرته فأنزعج وقال له سأسافر عنكم ويوماً ما اعود وتكون انت في طليعة من يقبل يدي ثم سافر الى كربلاء والنجف وواصل طلب العلم وتخصص في الادب وفي الشعر وذاع صيته وقفل راجعاً لبلاده بعدما كسب تلك الشهرة وذلك الموقع الادبي فلما رجع الى منطقته خرج اهله لاستقباله استقبالاً حافلاً وكان في مقدمة المحتفين به هو ذلك الرجل الذي استهان به فأهوى عليه مقبلاً يده دون ان يتذكر سابقة فعلته مع الحاج هاشم الكعبي لكن الحاج هاشم الكعبي رضوان الله عليه ذكره بأنك في المجلس الفلاني تصرفت معي هكذا واجبتك والان تحقق ذلك.
على اي حال لا يسع المجال ان اتحدث كثيراً لكن اشير الى بعض النقاط في تاريخ هذا الرجل الذي هو واقعاً من الصادقين، صدقوا في ولاءهم وخدمتهم لاهل البيت وله ديوان من خيرة شعره وهذا الديوان يربو على مئتي صفحة وطبع عدة مرات وكنت حينما احضر بعض المحافل الادبية في النجف لا يمر مجلس الا ويرد الحديث عن الحاج هاشم الكعبي.
من ابرز قصائده التي نظمها حينما شعر بفجيعة كبرى كان قد سافر الى زيارة الحوراء زينب وفي تلك السنين كانت الحالة هناك ومع الاسف شاهد ما يجريه الامويون من اظهار الزينة بما يسمونه بعيد الظفر وكان هذا في اوائل القرن التاسع عشر الميلادي يعني مثلاً عام1920 سافر وكان ايام عاشوراء فتأثر كثيراً ونظم هذه القصيدة التي يقول فيها:
اهلال شهر العشر مالك كاسفاً
حتى كانك قد لبست حدادا
أفهل علمت بقتل سبط محمد
فلبست من حزن عليه سوادا
ثم يأتي في مقطع اخر من هذه القصيدة يقول:
أألم شمل الصبر بعد عصابة راحو
فرحن المكرومات بدادا
ثم يصف اهل البيت وما يشير اليه في البيت:
سبقوا الانام فضائلاً وفواضلاً
وماثراً ومفاخراً وسدادا
بيض كفتك اصولهم وفروعهم
ان تستزيد هداية ورشادا
ثم يقول:
وأنا الغريب ببلدة قد احرزت
ايام حزن المصطفى اعيادا
هذا كان مما حزّ في نفسه ان يرى الاعياد المصطنعة التي صنعتها تلك الحملة المسعورة الحافدة ضد اهل البيت ان عاسكوا رسول الله واهل البيت ومحبيهم، واي مناسبة كانت تشكل حزن واسى لاهل البيت كانوا يجعلون منها عيداً فباعتبار ان يوم عاشوراء كما يعرفه الامام الصادق اقرح جفوننا يعني لا يوم كيوم عاشوراء بالنسبة الى ذكريات الاحزان عند اهل البيت من هنا جعل هذا اكبر عيد يسمونه بعيد الظفر، ويذكر استاذ يونس صفي الدين انه كان في الدار البيضاء وشاهد بعينيه الدفوف والطبول وتبادل التهاني والافراح وانتشار الاعراس والزينة بمناسبة ايام محرم وكان يسأل يونس صفي الدين فيقولون ان هذا عيد موروث من الاجداد وانذاك وجه سؤالاً للمراكز العلمية وكتب الى المرحوم السيد محسن الحكيم وكتب الى المرحوم الزين محرر جريدة العرفان يسألهم لماذا السكوت عن هذه البدع وامثالها وطبعاً هذه يتاجر بها مثل قضية الصيام ايام العشرة ويوم عاشوراء وكتب المرحوم الشيخ عبدالواحد الانصاري في هذا كتاباً اسماه مذاهب ابتدعتها السياسة في الاسلام يشير الى هذا المعنى.
للحاج هاشم الكعبي مقاطع اخرى جميلة من شعره تخص اهل البيت(ع) والديوان كله يخص اهل البيت لكن هذه مقاطع منتقاة مثلاً يخاطب الزهراء(ع) في مقطع شعري رائع جداً:
أفاطم بضعة الهادي
ويا من جعلت ولاءها اقصى مرادي
احب لا جلها من ينتميها
ومن يعزى اليها في البلاد
واهوى كل منتسب اليها
وان كان البغيض من الاعادي
وابغض في هواها كل قوم
وان اصفو بزعمهم ودادي
علقت بحبهم كفي وقلبي
فهم ذحري وحرزي في معادي
ومن جميل ما قرأت لهذا الشاعر البطل ابياتاً لعله كان في حرج شديد فتوجه لزيارة ابي الفضل العباس(ع) وفي الطريق يقول هو نظمت هذه الابيات:
ميامين ان نودا لدفع ملمة
اتوا فأزالوا الضر طراً مع البلوي
ثم يقول:
لكم يا بني خير الورى لا لغيركم
على كل حال مني البث والشكوى
وان كنت في الشامات والعرب
شاسع فعلمي لا يخفى السّر والنجوى
اباالفضل يا عباس كم لك من يد علي
وهذي بعضها فأدفع البلوى
عليكم سلام الله يا خير خلقه
متى امّ حاد نحوكم يكثر العدوى
أسأل الله يتغمده برحمته ويرحمنا معه ويحشرنا جميعاً مع اهل البيت(ع). والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******