الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في طليعة الحديث عن الصادقين يأتي اسم بطل من ابطال الاسلام وهو عطية العوفي، وعطية العوفي هو من اصحاب او من زوار الامام ابي عبد الله الحسين(ع)، طبعاً يرد الحديث عن عطية ولكن يصفه اصحاب المقاتل بعطية الكوفي وهذا طبعاً اشتباه وبعضهم يشتبه اشتباهاً آخر فيصفه انه غلام لجابر ين عبد الله الانصاري حتى يرد هذا في المقاتل مما يتحدث ارباب المقاتل عن زيارة يوم الاربعين، يروون بأن خرج جابر الانصاري ومعه غلامه عطية وهذا طبعاً اشتباه فعطية الكوفي هو عطية العوفي ربما هذا ورد بالاشتباه المطبعي وبعد ذلك استعمل بهذا الشكل او ربما البعض يصفه بأنه من اهل الكوفة، عموماً الاشتباه المهم انه لم يكن غلاماً لجابر الانصاري وانما تصاحبا على هذه النية، الامر كان بهذه الصورة، جابر بن عبد الله الانصاري لما تهيأ لزيارة الحسين(ع)وبأعتبار انه كان مكفوفاً فكان بحاجة الى من يكون بجانبه وفعلاً الصدفة خدمته ان التقى هذا الرجل العظيم المبجل وهو عطية العوفي ليتصاحبا ويزورا الحسين(ع) يوم الاربعين وليكونا هما من اوائل من زار الحسين(ع) يوم الاربعين وليكونا هما من اوائل من زار الحسين(ع) وحظيا بهذا الشرف واي شرف اكبر من هذا الشرف ان يزور الحسين(ع) سبط رسول الله وسيد الشهداء.
طبعاً عطية العوفي هو من علماء الكوفة واتصف واشتهر بأنه من قراء القرآن ومن اعلام الكوفة في هذا السياق ومن مفسري القرآن الكريم وكانت ولادته بنفس السنة التي تولى فيها امامنا امير المؤمنين(ع) الخلافة يعني عام 35 هـ ونشأ من صغره متشبعاً بولاء اهل البيت وكان ولوعاً منذ صيه بقراءة القرآن وكان حسن الصوت، بعد ذلك اخذ يتدرب على حفظ القرآن وقراءة القرآن عند عبد الله بن عباس حبر الامة وذكر المؤرخون ان عطية العوفي قرأ القرآن عند عبد الله بن عباس سبعين مرة يعني سبعين دورة ختم القرآن، وقرأ تفسير القرآن عند عبد الله بن عباس ثلاث مرات وله تفسير من التفاسير المهمة من تفاسير القرآن القديمة والمهمة تفسير لعطية العوفي يقع في خمس مجلدات، نعم وعبد الله بن عباس اول من فسر القرآن واخذ تفسيره من الامام امير المؤمنين، هذا يصح ان نقول بأن اول مفسر للقرآن هو امير المؤمنين، المفسر الاول للقرآن هم اهل البيت واميرهم امير المؤمنين لكن عبد الله بن عباس المشهور بحبر الامة كان يتلقى القرآن من امير المؤمنين وكان يردد لان بعض الخصوم والحساد كانوا يأخذوا عليه ذلك فكان يردد عبد الله بن عباس رحمه الله بأن القرآن نزل على سبعة احرف وكل حرف له ظاهر وباطن وان امير المؤمنين اعرف بمعاني القرآن على الاحرف السبعة من ظاهره وباطنه وهو الذي ذكر عدد الآيات التي نزلت في القرآن بحق الامام امير المؤمنين، وهي اكثر من ثلاثمئة آية وهذه الحالة اكد عليها ونص عليها المؤرخون.
على اي حال اذن عطية العوفي هذا موقعه العلمي وهذا موقعه بالنسبة الى ارتباطه بأهل البيت، واشتهر عطية العوفي بصلابته وهذا المظهر كقرينة واضحة، اصطحابه لجابر الانصاري لزيارة الحسين في ذلك الجو الملبد وطبعاً الوقت كان ملغوم وبني امية كانوا في اوج قدرتهم بعدما اطاحوا بالحسين(ع) واهل بيته وكانت المنطقة ملغومة بالرصد الا انه تجاهل كل ذلك الرعب وادار ظهره لذلك البطش واتفق مع جابر وقصدا زيارة الحسين(ع).
وهذا عطية العوفي هو الذي ذهب للقاء الامام زين العابدين لما اقبل وعاد وهو يلطم على رأسه وينادي يا جابر قم واستقبل حرم الله وحرم رسوله، هذا امامك زين العابدين(ع)، تعرض عطية العوفي الى حملات من التنكيل والايذاء فكان ينشر علوم اهل البيت وفضائل اهل البيت فقبض عليه في شيراز وآنذاك كانت تخضع شيراز لسلطة بني امية ايام الحجاج ومن الاتفاقات الملفتة للنظر ان الوالي كان على شيراز هو من ابناء عمومة الحجاج وهو عبد الله بن قيس الثقفي فبالاضافة الى التوصيات من الحجاج كان هو ايضاً حاقداً، وشهد عطية العوفي يخطب في المحافل وينشر فضل اهل البيت ويكشف مظالم اهل البيت وينشر للناس فضائح بني امية، فضاق الحجاج ذرعاً منه وامر الوالي بالقبض على عطية وقبض بن قيس على عطية العوفي وعرض عليه اما ان يسب اهل البيت واما ان يبقى سجيناً فآثر السجن على ذلك من باب «زي السجن احب الي مما يدعونني اليه» الا انه يعني الوالي رفع امره الى الحجاج فكتب له الحجاج وهو يعطيه التعليمات بهذه الصورة، ان اعرض على عطية امرين اما ان يصعد المنبر فيلعن علياً وطبعاً هذه سياستهم المتبعة آنذاك، سياسة بني امية كانت قائمة على هذا القالب فيكتب اليه اما ان يصعد المنبر ويلعن علياً واما ان تضربه اربعمئه سوط، فعلاً احضر امام الوالي فعرض عليه ذلك قال له اما ان تصعد المنبر يوم الجمعة وتسب علي بن ابي طالب واما ان اضربك بسوطي هذا اربعمئة سوط فألتفت اليه وقال له: انا لا اتراجع عن ولائي لعلي بن ابي طالب حتى لو ضربتني اربعة آلاف سوط.
طبعاً هذا الموقف ينمو عن فهم قيم اهل البيت، ينمو لفهم مبادئ اهل البيت في نفوس هؤلاء العظام امثال عطية العوفي وغيره ممن آثروا البقاء على ولاء اهل البيت ولرب قائل يقول هذه تهلكة لا، لان هؤلاء تركوا آثاراً في التاريخ لتقف عليها الاجيال القادمة ومن خلالها تصدر حكماً وتنتزع فهماً بقيمة ولاء اهل البيت، وقيمة محبة امير المؤمنين(ع) ولانعني بالمحبة بمعناها الضيق وانما المحب لمن يحب مطيع، فلما رأى ذلك الوالي اصرار عطية العوفي على ذلك احضر جلاده وامره ان يضربه اربعمئة سوط، فضربه ذلك الجلاد وقيل ان الجلاد تواطأ في الامر وهذا نفهم من خلاله ان اعوان الظلمة ربما احياناً يحدث لديهم ارتباك فالمهم بعدما ضربوه، القوه في مزبلة ظناً منهم بأنه مات الا انه نجى واستمر ينشر علوم اهل البيت حتى توفي(رض) عام 111 هـ فرحمه الله بواسع رحمته ونور ضريحه ببركة ولاءه لعلي واهل بيته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******