البث المباشر

يعقوب ابن اسحاق الدورقي احد علماء النحو الكبار

الخميس 7 فبراير 2019 - 20:17 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقبن: الحلقة 131

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من ابرز الصادقين والذين كان له الدور الكبير، من الذين ترك بصماته في التاريخ هو يعقوب بن اسحق الدورقي، وطبعاً هذا كنيته ابو يوسف الاهواز، وهو ابن السكيت اشتهر ايضاً بهذا العنوان، يعقوب بن اسحق هذا العالم الجليل من ابرز علماء العرب وكان ضليعاً في علم النحو بحيث يعد من اقران سيبويه او الاخفش او امثالهما مثلاً على هذا المستوى خصوصاً في علم النحو، في علم اللغة وكان ثقة وجليل ومحترم ومن خواص الاماميين التقيين، الامام الجواد والامام الهادي(ع) وطبعاً ذكر المؤرخون ان له مؤلفات وتصانيف كثيرة في مختلف العلوم وذكروا بعض اسماء‌ هذه المصنفات.
ومن ابرز كتبه كتاب «تهذيب الالفاظ» ومن ابرز كتبه ايضاً «اصلاح المنطق» وهذا طبعاً من الكتب النافعة والممتعة ويذكر ابن خلكان نقلاً‌ عن ابي العباس المبرد وهو من الفلاسفة ومن المدرسين قال: ما رأيت للبغدادين كتاباً احسن من كتاب ابن السكيت في المنطق.
هذا الرجل العظيم انتقاه المتوكل ليدرس ولديه وهما المعتز والمؤيد وطبعاً كانت هذه السيرة آنذاك وحتى يومنا هذا ربما، ان الامراء او الملوك او السلاطين لا يزجون ابناءهم في مدارس عامة مع سائر ابناء الناس انما كانوا ينتقون المدرس الحاذق والماهر والخبير ويكون هذا يتولى تدريس ابناءهم، وطبعاً يتكفل تهذيب اخلاقهم تعليمهم ولايكون مدرس لهم على المستوى العلمي فقط وانما على المستوى الاجتماعي ومدرس من هذا النوع طبعاً يصبح له موقع خاص ومكانه خاصة وخصوصاً اذا كانت لتربيته لتدريسه كان اثر كبير ومعطيات واضحة يصبح هذا من الشخصيات المقربة لدى العاهل او الامير او السلطان فيقدم له الهدايا ويقدم له الهباة وغير ذلك، طبعاً ابن السكيت حظي بهذا الموقع الذي اشرت اليه آنفاً وتولى ‌تدريس ابناء المتوكل واصبحا يتعلقان به، يعني صارت صلة او انسجام روحي بين هذين الولدين وبين ابن السكيت وهنا العقدة الكبيرة والتي ادت الى استشهاد هذا الرجل، في تلك الايام استفحلت الموجة المسعورة التي قادها العباسيون وبالخصوص المتوكل لتدمير آثار اهل البيت والقضاء على ‌كل من يردد اسم اهل البيت واصبحت الحضارة آنذاك تتسم بأبرز طابع وهو الاساءة لاهل البيت وهتك اهل البيت والناس على ‌دين ملوكهم، المتوكل كان احياناً يقيم حفلات ماجنة ويتعمد استعمال السخرية للامام امير المؤمنين(ع) حتى ‌ان كان عنده المخنث اسمه عبّادة او عبادة او من هذا القبيل، هذا كان مهرج وبنفس الوقت يقوم بأعمال سخرية ليضحك المتوكل وجلساءه وكان يتعمد طبعاً بتوصية وبترغيب من المتوكل ان يستهين بأسم الامام امير المؤمنين ويستهين بأسم الزهراء(ع) وبأسم اهل البيت هكذا وفي ظل هذا الوضع وشي بأبن السكيت الى المتوكل، هناك بعض الجواسيس او بعض المتلقين صاروا يقدمون المعلومات والوشاية الى ‌المتوكل عن هذا الرجل وانه هذا يشكل خطورة على ‌بيت المتوكل بالذات اذا كان ابناءه يدرسان عند مدرس كهذا وخصوصاً ينسجمان معه بذلك الارتباط الروحي، معناه انهما لايستبعد يصبحان في يوم من الايام يتوددان ويرتبطان بالامام امير المؤمنين، فالمتوكل صعق لهذا الخبر ولهذه المعلومات وارسل خلف ابن السكيت وقلت ان ابن السكيت كان يتمتع بهباة غير الرواتب راتبه شهرياً كان الف دينار، كان يعطيه المتوكل في كل عيد من الاعياد اربعة آلاف دينار بالاضافة الى موقعه الاجتماعي وموقعه السياسي وغير ذلك، فلما سمع المتوكل بأن ابن السكيت في باطنه يوالي علياً ‌وفاطمة ويوالي اهل البيت بقي متحيراً وطبعاً ما من شك ان ابن السكيت وامثاله من العظماء‌ غير بعيدين عن مغزى تشريع التقية وكانوا يعرفون للتقية معناها ومغزاها وكيف ان الاسلام شرع التقية كملجأ يستطيع فيه العامل للاسلام ان يستخدم الطرق المتلوية للافلات من قبضة خصومه وللنجاة بنفسه وطبعاً هذا حدث، كثير من عظماء الاسلام امثال عمار بن ياسر(رض) كما وصفته الآية: «الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان» نحن لدينا هذا الترخيص من اهل البيت تشريعياً ان يتظاهر العامل للاسلام يتظاهر بعكس ما يبطن للنجاة بالنفس ولكن احياناً يفور الولاء في نفوس هؤلاء العظماء ويشتعل في جوفهم الغضب من اجل الله سبحانه وتعالى، هذا هو جهاد بحد ذاته. الكلمه المخلصة، يقول الامام الصادق(ع) في باب تعريف انواع الجهاد «وافضله كلمة حق امام سلطان جائر».
سبحان الله من مصاديق هذا الجهاد، هذا النوع من الجهاد هو موقف محمد بن السكيت(رض)، احضره المتوكل بعدما وصلت اليه هذه المعلومات الخطيرة بالنسبة له، احضره وكان يجلس عنده ولداه وهما المعتز والمؤيد واذا يفاجئ ابن السكيت بكلمة المتوكل وهو يسأله: يا ابا يوسف ايهما احب اليك ولدي هذين ام الحسن والحسين؟
وما ان تفوه المتوكل بهذه الكلمة الا وشب الغضب في جوف هذا الرجل البطل ابن السكيت فألتفت اليه وهو يخاطب المتوكل قائلاً: ما تقول والله لشسع نعل قنبر عندي خير منك ومن ولديك هذين، يقول له: انت مجنون تخاطبني ايهما احب لديك، الحسن والحسين ام المعتز والمؤيد، تقيس بين الحسن والحسين وبين ولديك، شسع نعل قنبر،‌ قطعة يعني من حذاء قنبر وقنبر طبعاً خادم عند امير المؤمنين، والله لشسع نعل قنبر عندي خير منك ومن ولديك هذين.
ولم يكتفي بهذا وانما انبرى يبين عظمة الحسن والحسين ويتحدث بفضائلهما وكأن الرجل احس بأن كلمته هذه ستكون السلم للاعدام لذلك اراد الرجل ان يأخذ حقه ويقتص من قاتله فيقتل قاتله وهو في اصيل الحياة، قتله بهذا طبعاً اي قتل للعباسيين والمتوكل اشد من فضائل الحسن والحسين واستمر يردد فضائل الحسن والحسين الى ان صاح المتوكل بالاتراك، هؤلاء الجلادين جلاوزة خاصين فهجموا عليه وداسوا بطنه حتى لفظ انفاسه الاخيرة.
وفي رواية ان المتوكل احضر جلادا وقال له استخرج لسانه من قفاه وطبعاً خلال استقرائي لتاريخ العباسيين ومعلوماتي الضئيلة عن سلوك العباسيين لم اجد هذه الحالة غريبة في سلوكهم يعني كم وكم تعاملوا مع خصومهم بأسوأ من هذه الوسائل واقبح من هذه الممارسات فكان استشهاد هذا العالم الجليل في اليوم الخامس من شهر رجب عام 244 هـ ليلقي ربه شهيداً‌ صابراً استشهد على حب عليً واهل بيته والدفاع عنهم ونعمة النهاية والسلام عليكم ورحمة الله.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة