الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآلا بيته الطيبين الطاهرين.
من رجالات التاريخ والذين احتفظ لهم التاريخ بسجل جميل وشريف هو القائد والامير والشاعر والشجاع والسخي والكريم هو ابو دلف. طبعاً كنيته ابو دلف وهو قاسم بن عيسى العجلي وهو من امراء ربيعة وكان سيد اهله ورئيس عشيرته وهي ربيعة، الرجل ابو دلف كان لفترة طويلة قائد قوات هارون الرشيد ولم يكن يتظاهر بولاءه لاهل البيت وذلك من اجل ان يستمر في منصبه ويستطيع استغلال ذلك لخدمة فكر اهل البيت بمجرى آخر او بمجاري اخرى، انه كان شاعراً مجداً مجيداً وكان شجاعاً بطلاً وكان سخياً، حتى قال عنه المؤرخون بأن صديقاً له يعرف بابن جبلة كان يمدح ابا دلف ثم انقطع عنه لفترة فظن ابو دلف انه انقطع لجفاءه كتب له رسالة لماذا انقطعت عني وهل انك استغللت بري، رسالته مجملها الى ابن جبلة فرد عليه ابن جبلة بأبيات قال فيها:
هجرتك لم اهجرك عن كفر نعمة
وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما اتيتك زائراً فأفرطت
في بري حتى عجزت عن الشكر
لما وصلت هذه الابيات الى ابي دلف اعجبته جداً وارتاح لهذا المضمون فكتب له جواباً وارفق الجواب بألف دينار، طبعاً ذاك اليوم الف دينار مبلغ فكتب له ايضاً على نفس القافية والوزن في جواب جميل من جملة ابياته التي اجاب بها ابن جبلة قال وجدت له قولاً علي بقصده:
الى وزاد به براً على بري
فزودته مالا بدوم بقاءه
وزودني مدحاً يدوم على الدهر
ومما يكتب عن هذا القائد ابي دلف تكتب عنه قضايا جميلة اذكر بعضا منها على سبيل الاجمال والاختصار كان لابي دلف ولد يبغض علياً هذا ليس بغريب لان القرآن يقول يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي تعبير القرآن الحي والميت، الميت يعني الكافر والحي هو المؤمن الذكي الواعي على اي حال كان له ولد يبغض علياً فذات يوم كان ابو دلف يتحدث الى جمع كانوا عنده والظاهر انهم من الموالين لاهل البيت وجرى الحديث عن الامام امير المؤمنين وبغض الامام واستعرضوا كلمة رسول الله مخاطباً علياً لايحبك الا مؤمن ولايبغضك الا ولد شبهة او غير حلال فالظاهران ابنه تشنج لما سمع ذلك قال له وكيف يخاطب اباه قال انا ولدك وانا ابغض علياً كيف يكون هذا الحديث يتطابق وانا ولدك وبين يديك هنا تبسم ابودلف وقال له اذن دعني اصارحك يا بني، وذكر له القضية التي اعرض عن ذكرها مفصلاً ومن اراد التعرف عليها بشكل كامل فيمكن مراجعة كتاب كشف اليقين للمسعودي وهذا من كتب الجمهور يذكر هذه القضية مفصلة، اخيراً اقول قال له بصراحة، هذا الرجل ابودلف(رض) بلغ من سخاءه وولاءه مبلغاً كبيراً. طبعاً وفاته سنة 220 من الهجرة ولما توفي مدحه الشعراء بمدائح عظيمة وقصائد كبيرة لعل بعض منها موجود في الاغاني ومنها موجود في العقد الفريد وما الى ذلك.
يقول احد اصحابه بأن ابادلف مرض مرضاً شديداً هذا مرضه الذي توفي فيه واستمر شهراً وهو في حالة احتضار يشكون انه مات ثم يتحرك شهر كامل يقول احد الملازمين له قبل وفاته بيوم كنت عنده وقد ظهر بصحوة تامة يبدو انها صحوة الموت مثلاً وكان متعافياً وظننا انه برئ فكان جالس وفي هذه الاثناء طرقت الباب فتحت الباب واذا بشبان عشرة لكن مضطربين تعلوهم الصفرة وثيابهم رثة في حالة هلع ايضاً فتحت الباب سألوني بحذر هذا بيت ابودلف؟ قلت نعم ماذا تريدون؟ قالوا نريد الدخول عليه. فدخلت سألني ما الخبر؟ قلت بأن القضية كذا هناك اشكال غريبة قال فليدخلوا، فدخلوا عليه وقالوا له يا ابا دلف بلغنا عنك انك توالي علياً وفاطمة ونحن ابناء علي وفاطمة وقد كنا في السجن، في سجن الرشيد سنيناً والآن خلا سبيلنا ونريد الرجوع الى المدينة الى اهالينا وهذه ملابسنا كما تراها على ابداننا لسنوات ولا عندنا شئ من المال. والظاهر انهم كانوا منقطعين عن العالم تماماً فتأثر ابودلف وصاح لاحد جلسائه او اصحابه ائتني بالمال فأعطى كل واحد منهم الف درهم فرحوا واستبشروا ثم امر بغسل ابدانهم وامر بكسوتهم بملابس جديدة واطعمهم، ارتاحوا، فرحوا وخرجوا على اساس السفر الى المدينة ما ان ابتعدوا عن البيت الا ذلك الرجل يناديهم ويقول القائد يناديكم فرجعوا ولكن خامرهم شئ من القلق ربما استثنى ويريد يسحب المال فلما دخلوا اخرج عشر قصاصات وامر كل واحد منهم ان يمضي فيها واستلم الف درهم في حب علي وفاطمة ثم التفت الى اقرانه واصحابه قال لهم اذا مت ضعوا هذه الوريقات في كفني لأباهي بها مولاتي فاطمة فعلاً، وضعت في كفنه وفعلاً هو باليوم الثاني ودع الحياة ليلقى ربه فرحاً بولاء اهل البيت. فرحمه الله وزاد في علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******