الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قبور ببغداد واخرى بطيبة
واخرى بفخ نالها صلوات
هذه الاشارة من الشاعر دعبل الى بطل او الى حادثة قادها بطل من اعلام الجهاد ومنارة من منارات الصادقين وهو الحسين بن علي بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى(ع) وهذه حادثة فخ او بالاصح ثورة فخ مأساة مروعة حاكت في وقائعها ما حدث في كربلاء يعني لولا الميزة او حالة الاختلاف الواحدة وهي سبي النساء في كربلاء ربما كانت تضاهي واقعة الطف بكاملها الامام الجواد(ع) يقول لم يكن لنا مصرع بعد الطف اعظم من يوم فخ يعني يريد ان يبين فداحة هذا الحادث الجلل، بهذه الحادثة قطعت رؤوس وتركت الاجساد مبضعة مشوهة ايام وليالي وما كان احد يجرؤ على ان يتقدم ويدفن الاجساد وبعض القادة من اهل البيت من اولاد اهل البيت حملوا اسرى الى الخليفة العباسي بايجاز السبب في قيام هذه الانتفاضة او هذه الثورة هو ان الخليفة العباسي موسى الهادي وبسبب ما ورثه من ابيه ومن جده المنصور من عداء شديد من ابيه المنصور ومن المهدي لاهل البيت كان يتحين يستغل الفرص والمناسبات لايذائهم بشتى السبل الى ان كان موظف كل امكانياته في المدينة المنورة لهتك آل الرسول، وايذاء آل الرسول وكلنا يعرف ان المدينة المنورة هي المعقل الاول لآل رسول الله لذرية الرسول واللعلويين، طالبيين وغيرهم ففي خطوة استفزازية او حاقدة على اهل البيت عين هذا الخليفة موسى الهادي العباسي والي على المدينة وكأنه انتقاه انتقاءاً وهو من؟ هو عمر بن عبد العزيز ابن الخليفة الثاني يعني حفيد الخليفة الثاني.
هذا عمر بن عبد العزيز طبعاً غير عمر بن عبد العزيز حفيد عبد الملك بن مروان ومع النظر بالفارق بينهما هذا عمر بن عبد العزيز كان شرس وحاقد على العلويين وهذا هو السبب الذي كان وراء انتخابه وانتقاءه والي على المدينة فهذا اخذ يضايق العلويين ويناصبهم العداء ويعمل على اذلالهم مثلاً من جملة اجراءاته التعسفية بالنسبة للعلويين بحيث كان يفترض بأن يكون العلويون هم النمط المحترم بين الناس باعتبار المرء يحفظ في ولده وهؤلاء اولاد رسول الله وكم وكم النبي اوصى بذريته اوصى بعترته اوصى بمنتسبيه كان الواقع بخلاف هذا تماماً كان يشاكس كل هذه القواعد وكل هذه الاخلاقيات فمثلاً يلزم كل عروي ان يأتي كل يوم يوقع من باب اثبات الحضور وهذا لما يذهب العلوي الى المكان الذي يجب ان يوقع فيه كم يلاقي يومياً من الاهانات من الاستهزاء من الايذاء من الكلمات الجارحة.
هذا نوع احياناً كان يفتعل قضايا وينسبها لآل الرسول وذلك كنوع من حرب الاعصاب او هتك آل الرسول مثلاً افتعل ذات يوم قضية وهو انه زعم بأنه وجد ابناء الامام الحسن وبعض عيون الشيعة في مجلس شراب بالمدينة وطبعاً هذه حالة تشق على الناس ان يستمعوا اليها ولما كانت الافواه قد كمت فقط الاعلام الرسمي، الاعلام الرسمي اخذ ينشر بين صفوف الناس انه عثر على مجلس او تجمع من هذا القبيل في مجلس شراب وكان الحضار ابناء رسول الله كما احياناً نلاحظ بعض الطغاة لما يريد يسقط شخصية من عين الامة من عين المجتمع يدفعون بواحد في التلفزيون يجلس وينسب لتلك الشخصية اشياء يقول كنت معه كذا ذهبنا فعلنا كذا، هذا الامر متروك الى وعي الناس ان تعرف ما هذا الكلام ومن يقف وراءه؟ وما هو الهدف من وراءه هذا الاسلوب اعتمده هذا الوالي واتهم ابناء الامام الحسن بهذه التهمة واحضر الحسن بن محمد بن عبد الله المحض وضربه امام الناس ثمانين سوطاً وضرب البقية خمسة عشر سوطاً كل واحد ثم طافوا بهم في الشوارع لا ذلالهم وهتكهم وبقي يطارد الحسن ويبحث عنه ويهدد الحسين قائلاً لتأتيني بالحسن والا فعلت بك كذا وكذا.
الحسن بن محمد بن عبد الله المحض ماذا كان الافراز؟ من هذا افرزت هذه الموجة الغاضية الحاقدة من العلويين تجمعوا وتجمع معهم الناس الذين تيقظوا للنكتة او للفتنة واجمعوا على الانتفاضة ضد هذا الوالي، فعلاً هرب الوالي فخرياً، هارباً، خائفاً، وطوقت المدينة وهنا يروى ان الحسين بن علي وهو قائد الحركة استشار الامام الكاظم بعد ما بلغت ذروة الاذى للعلويين والهتك والاساءة الامام الكاظم اخبره بأنك مقتول يعني هذه العملية تكلفك ثمناً وان كانت معطياتها ايجابية فأحد الضراب يقول له الامام ان القوم فساق يظهرون ايماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً يعني انت لا تتصور ان كل من وقف معك واجابك لتمجيد هذا العمل سيقف معك قسم منهم يضمرون نفاقاً ويظهرون ايماناً والامام يقول له: "انا لله وانا اليه راجعون" وعند الله احتسبكم من عصبة اجمالاً الانتفاضة نـجحت واقام العلويون دولتهم والتحق بهم الطالبيون وبايعه ثلة من الناس واتجه صوب مكة لينقذ الحرم المكي من هذه العصابات في الطريق عارضوا الجيش العباسي وطبعاً جيش معبء وهيئ للقضاء على الحسين وعلى دولته وبعد صراع دام وصراع قاسي بدأ يوم التروية عام 169 هجريه فسقط الكثير من الطرفين من اصحاب الحسين واصابه سهم هذا اثر اثراً بليغاً بالحسين فبعد انتهاء المعركة طبعاً انتصر فيها الجيش العباسي وقتل اصحاب الحسين، دفن العباسيون جثث قتلاهم وتركوا يعني نظير الحادثة في كربلاء، تركوا اجساد ابناء الرسول مقطعة رؤوسها، مفلقة، مشوهة وبقيت هكذا على الرمضاء واقتادوا من بقي من العلويين احياءاً الى الخليفة والحسين استشهد وذهبت قياداته وما تبقى منهم ادخلوا مقيدين بالسلاسل على موسى الهادي العباسي وقال المؤرخون بأنه اخذ يباشر قتلهم بيده يعني من باب النكاية والتشفي وكان يتنوع بقتلهم بسكين المؤرخون يقولون بسكين كانت بيده وهو يردد:
بني عمنا لا تنطقوا الشعر بعدما
دفنتم بصحراء الغميم القوافيا
فان قلتم انا ظلمنا فلم نكن
ظلمنا ولكن قد اسأنا التقاضيا
بلغ ذلك الامام موسى بن جعفر(ع) ما حدث من مأساة ومن استشهاد هذا البطل الغيور وهو الحسين استرجع الامام باكياً قال انا الله وانا اليه راجعون وهو يقول مضى الحسين مسلماً صواماً شهيداً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، بعد هذه المأساة حمل الخليفة العباسي الامام موسىالكاظم مسؤولياتها وتبعاتها وكان يتوعد ويهدد ودخل هدد بأكثر من هذا كان يهدد بأنه سيأتي بنفسه الى المدينة وينبش البقيع ويستخرج اجساد الائمة ويقتل الامام الكاظم بأبشع صورة، طبعاً تهديداته جدية تلقاها المؤمنين فدخل بعض افراد السلطة حزينين مضطربين تبسم الامام متمثلاً وهو يقول:
زعمت سخينة ان ستغلب ربها
وليغلبن مغالب الغلاب
وبعد ذلك انتقم الله من هذا الطاغية حيث قتلته احدى جواريه في مؤامرة حاكته امه الخيزران بعد ان خافت منه على ولدها المأمون وطبعاً ما ذاع خبر مقتله في المدينة لكن الامام الكاظم احضر اصحابه وبشرهم بذلك وسألوه عن المصدر قال انه رأى جده رسول الله يخبره بأن الله انتقم من موسى الهادي وفي رواية ان علي بن يقطين كان يزود. الامام على اي حال هذه الحادثة ثورة فخ او مأساة فخ التي اشار اليها دعبل:
قبور ببغداد واخرى بطيبة
واخرى بفخ نالها صلوات
شكلت ظاهرة حزن وأسى لاهل البيت وبقي الائمة دائماً يرددون ذكرى هذا البطل العظيم الثائر وهو الحسين قائد فخ رحمة الله عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******