الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا معلم البشرية المصطفى ابي القاسم محمد(ص) وآله الطيبين الطاهرين.
دخل رسول الله(ص) ذات يوم على علي فوجد علياً وفاطمة(ع) يطحنان في الجاروش، فقال النبي(ص): "ايكما اعيا" اي ايكما يشعر بتعب اكثر فقال علي(ع): "فاطمة يا رسول الله" فقال رسول الله لفاطمة: "قوي يا بنيه" فقامت فاطمة وجلس النبي(ص) موضعها مع علي فواساه في طحن الحب.
انها قصة وليست كالقصص، قصة فيها درس كبير بل دروس كبيرة في التعامل العائلي والحياة العائلية والبيئة الاسرية.
اننا نجد كيف رسول الله (ص) وهو والد الزوجة وابوها يبادر الى مساعدة ابنته وصهره، هذا اول الدروس الكبيرة والجميلة التي نستلهمها من سيرة هؤلاء الصادقين(ع). كثير من الناس نجدهم وللاسف لايساعدون اهلهم بل نجدهم يضيفون الى متاعب العائلة متاعب اخرى احياناً، ام الزوجة واحياناً ابو الزوجة احياناً ابو الزوج او ام الزوج واحياناً ذوو هذين.
والحال ان السعادة العائلية تتحقق عندما يسعى الجميع لتقديم العون والمساعدة الى الزوج والزوجة كل بمقدار وسعه وطاقته، او على الاقل الاحجام عن ايذائهما والتدخل في حياتهما. ما اكثر العوائل التي تتحطم نتيجة تدخل الاب او الام للزوج او الزوجة في حياتهما فضلاً عن مساعدتهما للزوج او الزوجة.
ان هذا الدرس نأخذه من رسول الله(ص)، نجده عندما يدخل على علي وفاطمة في بيتهما ويراهما يطحنان الحب في الطاحونة في الجاروش، يسأل ايكما قد اعيا ايكما اشد تعباً. انما يسأل هذا لاجل ان يساعدهما ويرفع عن كاهلهما شيئاً من عب الحياة العائلية.
ما اعظم هذا الخلق الاسلامي، وما اجمل هذا الدرس النبوي واما الدرس الثاني فهو ايثار علي لفاطمة على نفسه. نحن نسمع ونرى كيف ان علياً(ع) حينما يسأله رسول الله او يسألهما رسول الله ايكم اعيا يبادر علي(ع) الى اخبار رسول الله بان فاطمة اشد اعياءاً وتعباً فهي قد قامت بشؤون اولادها قامت بشؤون البيت المختلفة وتقوم الآن بمساعدة علي في طحن الحب في الجاروش، ولاشك انها اتعب واعيا واشد تعباً من علي(ع).
ان هذا الايثار اللطيف العظيم لفاطمة على النفس درس جميل آخر من دروس العائلة الاسلامية، من الدروس التي نستلهمها من حياة الصادقين وسيرتهم في المجال العائلي.
كان بامكان علي ان يقول كلنا تعب او نحن في مستوى واحد من التعب ولكن علياً يعلم ان طاقة زوجته فاطمة محدودة وقدراتها ليست بمقدار قدرات علي ثم هي قد تحملت قبل ذلك بعض اعباء البيت كالحضانة والقيام بشؤون اولادها ولاشك او على الاقل من المحتمل بقوة انها اكثر تعباً منه، ولهذا اجاب رسول الله(ص) بهذا الكلام فقال فاطمة يا رسول الله اي فاطمة اكثر تعباً مني وهي احوج الى الاستراحة.
هذا درس لطيف وعظيم في الايثار، ان الايثار ليس فقط بان تقدم طعامك لمن يحتاج الى الطعام وانت تبقى جائعاً. الايثار ان تعطي الراحة للآخرين وتكون نفسك في تعب، وهذه هي خصلة المؤمن خصلة المؤمن الصادق.
ان علياً(ع) آثر ان يتحمل متاعب الطحن وتستريح فاطمة(ع)، وهذا ايثار كبير ولاشك، ونحن وللاسف لانرى الا قليلاً في حياتنا مثل هذا الايثار. فلطالما وكثيراً ما نجد الرجال يتملصون من العمل ويتهربون من العمل داخل البيت ويلقون المسؤولية على زوجاتهم وعلى ازواجهم ثم ان فاطمة(ع) مع انها تحب ان تعمل وتقوم بمسؤولياتها داخل البيت وتساعد زوجها علياً(ع)، لكنها مع ذلك نجدها رغم متاعبها تعمل وتشتغل معه وتساعده على هذا العمل الخشن والصعب.
الدرس الثالث الذي نتعلمه من هذه القصة اللطيفة هو جلوس رسول الله بتواضع الى جنب علي ومساعدته وتقديم العون له في طحن بقية الحب، وهذا خلق جميل ينبغي ان يقتدي به الجميع ويتأسى به ويتعلمه من سيد العالمين ورحمة الباري سبحانه وتعالى في حق البشرية جميعاً محمد(ص). والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قدمنالكم مع الصادقين.
*******