الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله بيته الطيبين الطاهرين.
شق ظلام الجهل فجر المعرفة
بصبحه الصادق رسماً وصفة
بل اشرقت حقيقة الحقائق
مذ بزغت شمس محيا الصادق(ع)
الامام الصادق بابي هو وامي سادس الائمة من اهل البيت هو منهل الموارد ومصدر المذاهب. كان يقول(ع): "علمنا غابر ومزبور ونكث في القلوب ونقر في الاسماع". طالعاً الامام سأل عن ذلك فقال الغابر هو العلم بما يكون ومزبور العلم بما مضى ونكث في القلوب هو الالهام ونقر في الاسماع وهو صوت الملك، لان الفرق بين النبي والامام ان النبي يرى الوحي والامام لايراه لكنه يأخذ محتواه طبعاً.
نحن نعتقد الائمة كل منهم محدث، يعني هناك حديث او اكثر من حديث حدث به نقلاً عن ابيه عن ابيه عن جده رسول الله (ص).
الامام الصادق(ع) واجه لونين من الانحراف، طبعاً الانحراف لون منه على الصعيد السياسي ومتمثل بالجهاز الحاكم آنذاك واللون الآخر على صعيد الامة بسبب ذلك الانحراف الخطير في جهل الامة بواقع الرسالة.
آل العباس كانوا يعملون على اقتلاع جذور الائمة واستئصالها من الجذور، لذلك اصبح موقف الامام الصادق موقف حساس ودقيق للغاية فأولاً الامام كان يعمل على نسف آثار وخطورة ذلك المخطط العباسي، ثم بالاضافة الى هذا كان الامام دؤوب على اعداد جيل يؤمن بالامام وبالامامة وبشخص الامام وعصمته ايماناً مطلقاً، ويعي اهدافه الكبيرة ويدعم تخطيطه في مجال الحكم ويحرس ما يحققه للامة من مكاسب الامام(ع) كان يردد هذه الكلمة "علمنا غابر" وكان مثلاً من الاشياء التي تفترى على الامامية ان عندهم علم الجفر وهو علم الحروب وتستخرج منه الحوادث.
وطبعاً هذا خطأ، الجفر في الواقع هو ابن المعز هذا عمره اربعة اشهر يفصل عن امه. ويقال له جفر لماذا الامام يقول عندنا علم الجفر طبعاً العلم الذي كان يخشى على ضياعه يكتب على جلد هذا الحيوان، وهو جلد الجفر يقاوم ولايتلف.
وكانت ربما حقيبة الامام مليئة بالعلوم وهي مصنوعة من هذا الجلد. لذلك يردد هذا المعنى الشاعر ابو العلاء المعري يقول: لقد عجبوا لآل البيت لما/اتا هم علمهم في جلد جفر/ومرآة المنجم وهي صغرى/تريه كل عامرة وقفر. الامام الصادق (ع) كما اشرت هو مصدر المذاهب الاسلامية والمنبع لكل العلوم الاسلامية.
وقد رأيت مقالاً طبعاً لا يسع المجال لذكره، المقال كتبته مجلة العربي الشهيرة المعروفة في العدد الرابع والعشرين كتبت مجلة العربي جواباً لسؤال سأل محررها آنذاك المرحوم الدكتور احمد زكي سأل اي المذاهب اقدم فاجاب في هذه المجلة الدكتور احمد زكي: "ان اقدم المذاهب الاسلامية هو المذهب الجعفري" وقال والكلام للدكتور احمد زكي: "بان رؤساء المذاهب درسوا عند الصادق(ع) والصادق درس عند ابيه الباقر والباقر درس عند ابيه زين العابدين وهكذا الى جده رسول الله وقد درس ابو حنيفة عند الامام الصادق سنتين وقال كلمته الشهيرة: "لو السنتان لهلك النعمان" وايضاً مالك بن انس امام المالكية درس عند الامام الصادق وكان راوياً عنه وتلميذاً له كذلك المرحوم الشافعي امام المذهب الشافعي درس عند الاولين اما احمد بن حنبل وهو آخر هم اخذ العلم عن محمد بن زفرة وابن زفرة اخذ العلم عن محمد بن الحسن ومحمد بن الحسن اخذ العلم عن عبد الله بن عباس وابن عباس اخذ العلم عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع)". هذا ما ذكره الدكتور احمد زكي، الامام الصادق(ع) هو كان المصدر الاساسي لتراث اهل البيت وحضارة اهل البيت.
طبعاً الامام الصادق كان ينمي هذا الشعور عند الامة الاسلامية والجيل الاسلامي بان يفهموا الادوار المختلفة التي يمر بها الائمة في اداء رسالتهم. البعض كان يرى ان الامام الصادق نعوذ بالله متقاعس، لان هذه الشهرة وهذا البعد الذي كان يشغله في اذهان الناس، وانه لا يتحرك على المسار الدموي او المواجهة الدموية. هؤلاء كانوا يغفلون في فهمهم الضيق عن ما يدركه اهل البيت ادراكاً طبيعياً لحقائق الامور.
مثلاً الامام الصادق(ع) في حوار له مع احد اصحابه يوضح لنا هذا المضمون الذي اشرت اليه هذا سدير الصيرفي يقول: "دخلت على الامام الصادق فقلت له ما يسعك القعود وقال: "ولم يا سدير" قلت: "لكثرة مواليك محبيك انصارك"، الامام كان يصغي ثم سأله قال: وكم عسى ان يكونوا هؤلاء كم تتصور يكونوا" قال: "مئة الف الامام" قال: "مئة الف" في لهجة تعجب قال سدير: "نعم ومئتي الف" رد الامام بانبهار وتعجب اكبر: "ومئتي الف" فقال: "نعم ونصف الدنيا" يقول سدير سكت عني الامام ثم ذهبنا سوياً الى ينبع فقال الامام وهو ينظر الى قطيع صغير من الطير الى سرب صغير من الطير قال: "والله يا سدير لوكان لي انصار بعدد هؤلاء ما وسعني القعود".
تأملوا ايها الاخوة، الامام كان يدرك اعماق المشاكل والابعاد في الامور الدقيقة. كان يريد الامام ان يهذب اصحابه على ان يستوعبوا خصوصيات ظروفهم والواقع الذي يعايشونه.
كان يقول (ع) مخاطباً لهم: "لا اريد الشاب منكم الا في حالتين اما معلماً او متعلماً" في خطوة لاستثمار الوقت ولترجمة عظمة الوقت هذا الوقت الثمين، لا اريد الشاب منكم الا في حالتين اما متعلم او معلم.
وكان ينادي(ع): "كثرة مدارسة العلم تفتح ابواب العلم". كان الامام الصادق(ع) يأمر احد تلاميذه وهو المفضل بن عمر يقول له: "اذا رأيت نزاعاً بين اثنين من محبينا عليك ببذل المال لانهاء ذلك النزاع، لان النزاع والتخاصم بين ابناء الطائفة يذهب هيبتها الصراع بين الاخوين بين المسلمين يذهب هيبة الامة ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم اي قوتكم.
مثلاً مر الامام(ع) يوماً على جماعة وكانوا يرددون كلاماً لايتناسب وشأنهم فالتفت اليهم الامام وقال: "مه اني اكره لكم ان تكونوا سبابين". طبعاً هذا الخلق شرعة القرآن على لسان رسول الله واستمر باعطاء واثراء للامة هم اولاده الائمة(ع).
يوم من الايام دخل على الامام الصادق عبد الله بن المقفع ويقول: "سيدي بين لي معني هذه الآية "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها" فاذا كانت هذه الجلود عصت الله فما ذنب الجلود غيرها تعذب" فقال الامام: "لو ان فخاراً اخذ لبنة والقاها في الماء حتى ذابت ثم جمعها واعادها الى حالتها الاولى أليست هي وهي غيرها" فقال: سيدي الآن علمت فقال له الامام: "انت على عدم ايمانك بما تقول فان كان الامر كما تقول وهو ليس كما تقول فلقد نجونا ونجوت، وان كان الامركما تقول فقد نجونا وهلكت".
هذا ايضاً جانب من جوانب موقف الامام الصادق التهذيبي في نشره لعلوم جده رسول الله.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا لموالاة اهل البيت قولاً وفعلاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******