السلام عليكم ايها الاخوة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.
عن جابر بن محمد الانصاري صحابي رسول الله قال ان النبي(ص) اقام اياماً لم يطعم طعاماً حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل ازواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئاً فاتى ابنته فاطمة(ع) فقال يا نبي هل عندك شيئاً اكله فاني جائع فقالت لا والله، فلما خرج رسول الله(ص) من عندها بعثت عليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته فاطمة منها فوضعته في جفنة لها وعطت عليها وقالت لاثرن بها رسول الله(ص) على نفسي ومن عندي وكان كل اهل بيت فاطمة ابناءها وبعلها وهي محتاجينالى شبعة طعام، فبعثت حسناً او حسيناً الى رسول الله(ص) فعاد النبي اليها فقالت بأبي انت وامي قد اتانا الله بشئ فخبأته قال هلمي أتي بذلك الشئ فأتته فكشفت عن الجفنة فاذا هي مملوءة خبزاً ولحماً اكثر مما أتت به الجارة، فلما نظرت اليه بهتت فعرفت انها كرامة من الله عزوجل، فحمدت الله وصلت على نبيه فقال رسول الله(ص) من اين لك هذا يا نبيه؟ فقالت الزهراء(ع) "هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب" فحمد الله عزوجل وقال: الحمد لله الذي جعلك شبية بسيدة نساء العالمين في نساء بني اسرائيل في وقتهم فانها اي مريم كانت اذا رزقها الله وسألت عنه قالت: "هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب" ثم بعث رسول الله(ص) الى علي ثم اكل النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع ازواج النبي واهل بيته جميعاً وشبعوا وبقيت الجفنة اي ذلك الاناء على ما هو عليه بقيت كما هي قالت: فاطمة فاوسعت منها انفقت من ذلك الطعام على جميع جيراني وجعل الله فيها البركة والخير كما فعل الله بمريم(ع). وقد وردت هذه الرواية في تفسير الثعلبي وابن مؤذن في اربعين باسنادهما عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الانصاري.
هذه القصة العظيمة والجميلة والرائعة التي رواها السنة والشيعة في مصادرهم تنطوي على نقاط جديرة بالاهتمام وفيها دروس لنا نحن المسلمون اتباع رسول الله(ص) النقطة الاولى المستفادة من هذه القصة زهد رسول الله(ص) وهو من هو حيث هو في عصره بني وقائد زمني كان يملك السلطتين السلطة الدينية والسلطة الدينوية ومع ذلك كان يزهد في الاموال ولا يصرف منها شيئاً في مصلحته الخاصة وعلى معيشته.
رسول الله(ص) حدثت له هذه القصة وهو في المدينة وقد ولد الحسن والحسين اي هذا حدث في السنة الاخيرة من حياته اي في الوقت الذي انهالت الاموال على الاموال على المدينة واصبح وضع المسلمين اقتصادياً جيداً ومع ذلك نجد رسول الله(ص) يزهد فيها حتى انه يبيت طاوياً ويمضي اياماً لم يطعم الطعام ان هذا درس عظيم لمن يملكون مقدرات المسلمون ويسيطرون على الاموال الضخمة والثروات العظيمة ليقتدوا برسول الله(ص) في كيفية الاستفادة وفي كيفية التصرف في هذه الاموال وليجعلوا زهد رسول الله(ص) نصب اعينهم ولم يكن وضع رسول الله بشخصه هكذا بل كان هكذا وضع عائلته ايضاً كما ذكرنا في القصة، النبي طاف على بيوت ازواجه هناك ايضاً لم يجد طعاماً هذه نقطه مهمة جداً تستفاد من هذه القصة.
واما النقطة الثانية فهو حرص الزهراء(ع) على والدها وايثارها النبي على نفسها واولادها فانها التي كانت تعيش حياة صعبة وكانت تمر بمرحلة شديدة من الناحية الاقتصادية تهدي جارة من جيرانها شيئاً من الخبز واللحم ايها تخبأ ذلك الخبز واللحم لاجل ان توصله الى رسول الله مع ان اولادها كانوا جائعين وهي كانت جائعة وعلي(ع) زوجها كان جائعاً ايضاً هي لا تأكل من هذا الطعام ولا تطعم اولادها منه انما تخبئه لتوصله لرسول الله وهذا ايثار من الزهراء لرسول الله(ص) على نفسها وعائلتها وزوجها واولادها.
اما الامر الثالث المستفاد من هذه القصة فهو كرامة فاطمة الزهراء(ع) ومكانتها عندالله سبحانه وتعالى انها تخبئ ذلك الطعام القليل ولكن بالنظر الى ايثارها الى رسول الله(ص) على اولادها بالنظر الى حبها وعطفها على خاتم الانبياء على سيد المرسلين وحرصها على حياته وسلامته وراحته فان الله سبحانه وتعالى يكرمها، يزيد في ذلك الطعام القليل يصبح طعاماً كثيراً ويأكل منه الكثيرون ويشبعون ولا ينقص منه شئ.
هذا في الحقيقة شئ بدل على مكانة الزهراء(ع) عند الباري سبحانه وتعالى ولا غرابة فان فاطمة افضل من مريم وافضل من اسية وافضل من خديجة. الم يقل رسول الله في احاديث عديدة "ان سيدات نساء اهل الجنة اربع اسيه ومريم وخديجة وفاطمة وان فاطمة افضلهن".
وحدث مثل ذلك لمريم كان زكرياء كلما دخل على مريم المحراب وجد عنها رزقاً.
ونقطة اخرى تستفاد من هذه القصة هي ان فاطمة كانت تعزي كل خير يصل اليها الى الله لا الا نفسها ولا الى عباداتها ولا تقول ان هذا ببركتي ومن فضل دعائي وعبادتي انه نتيجة جهدي بل تقول هذا من عندالله وتعزي اي خير يصل اليها الى الله سبحانه وتعالى، وهذا ادب كبير وادب عظيم اتمست به فاطمة وينبغي لنا نحن ايضاً ان نتسم به ونتأدب به.
اذكر هنا الامام الخميني رحمه الله حيث كان يقول كل ما عندنا فهو من الله كل نصر وفتح وفضل وبركة.
ثم النقطة الاخيرة المستفادة من هذه القصة حرص فاطمة على جيرانها حيث انها انفقت من ذلك الطعام على جيرانها وجعل الله في هذا الطعام البركة والخير كما فعل بمريم(ع).
حقاً انها قصة غنية بالرؤى والدروس والعبر وقد اختصرنا ولخصنا واشرنا الى بعض العظاة والعبر والنقاط المهمة في هذه القصة.
نسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعاً للاقتداء بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
*******