السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات الكرام ورحمة الله وبركاته.
حديثنا عن الامام حسن المجتبى(ع) وهو اول فرع او اول غصن من هذه الشجرة الوافرة الظلال، وهي شجرة اهل البيت هذه الشجرة الطيبة وطبعاً هذا الغصن غصن وارف وجميل وغني بالثمر، الامام الحسن(ع) لما ولد توجّه رسول الله(ص) بهذه الكلمة، فقال: "اني ورثته سؤددي وهيبتي"، طبعاً في هذه الدقائق القليلة لا استطيع حتى ان الم بقضية في ملف الامام الحسن(ع) لكن اذكر بعض الهوامش، الامام الحسن(ع) من جملة ما اشتهر به بالكرم مثلاً اذا احد نسمعه يقول يا كريم اهل البيت يتبادر الى الذهن الى الامام الحسن المجتبى طبعاً لماذا هل بقية الائمة غير كرماء؟ لا كلهم كرماء، لكن طريقة الامام الحسن(ع) خصوصاً عاش الامام في ظروف كانت الناس في حالة حرمان وعرف الامام الحسن بذلك الكرم، لا الكرم العربي هناك كرم عربي وكرم اسلامي، الكرم العربي احياناً يتحول من الطبع الحسن الى لا نقول القبيح لكن سلبي، اذا صار به تفاخر اذا صار به نوع من الابهة هذا يتحول الى اسراف والتباهي بالنعمة هذا الكرم العربي وتعرف من المزايا والكلمات العظمى التي يبتهج بها تاريخ العرب وتعج بها حضارة العرب هو الكرم، تعود بسط الكن حتى لو انه تناهى لشخص لم تطعه انامله ولو لم تكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتقي الله سائله، الكرم الاسلامي هو اولاً ليس فيه تفاخر احياناً يكون بطريقة خاصة وفنية، وسأروي كيف يكون الكرم الاسلامي.
الامام الحسن ضرب اجود الامثلة للكرم الاسلامي، نحن عندنا آية نمر بها في القرآن قوله تعالى: "الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله"، "سراً وعلانية" علانية ليس للتباهي والرياء حتى يقتدي الغير سراً حتى يكون الطرف لا يبدد ماء وجهه، الامام الحسن كان يردد هذا البيت:
نحن اناس نوالنا خضل
يرتع فيه الرجاء والامل
تجود قبل السؤال انفسنا
خوفاً على وجه ماء من يسل
هذا المعني جداً كان يلاحظه الامام الحسن(ع) جداً لا يريد ان الطرف يبوح بمطلبه او بحاجته لان هذه المسألة تشق عليهم. يقول المؤخرون: ان اعرابياً استوقف الامام الحسن وقدم له ورقة يعني رسالة، رفاق الامام الحسن ينقلون، يقولون الامام قبل ان يفتح الورقة، اخرج له صرة من المال ولم يقل له ما فيها واعطاه اياها فاخذها الاعرابي فواحد من اصحاب الامام الحسن يسأل الامام يقول: يا بن رسول الله انت لم تقرأ الرسالة لعله يطلب شئ اخر، الامام قال: لا كأن الامام(ع) او الائمة عندهم هذا الالمام النفسي يقرؤون الامور بالوجوه، بالوجنات، يقول له هذا صاحبه: يا بن رسول الله لماذا لم تقرأ الرسالة؟ الامام(ع) بقول لامرين اولاً لم ارد اقرأها حتى يشعر بشئ من الوهن ثانياً خشيت ان الله يعاقبني على تأخيره حتى اقرأ رسالته، انظر الى الادب، انظر الى الكرم الاسلامي، الكرم المحمدي العلوي، هذا الرجل بعدما استوضح من الامام والامام(ع) اجابه ذهب وتبع ذلك الاعرابي وسأله وقال اجبني بصدق وامانة، ما الذي كنت قد كتبت فيها؟ قال: كتبت فيها اريد من الامام الف درهم وانا في وضع صعب، التفت اليه وقال: وما اعطاك الامام قال ماذا اقول فقد اعطاني خمسة اضعاف، والله لقد اعطاني خمسة الاف درهم، هذا الكرم الاسلامي كريم اهل البيت زاكي الاصول، فمن يدانيه بفضل.
ومن وانقل هنا قصة جميلة رواها المؤرخون عن الامام الحسن المجتبى(ع) يقولون ان الامام الحسن يتمشى ذات يوم بين المزارع، وقعت عينيه على عبد ذا بشرة سوداء يحرث في البستان الامام نظر اليه وكان هذا في وقت الظهر وعرقه يتصبب وكان وقت الصلاة ووقت الغداء، الامام اخذ يفكر ان هذا كيف يتغدى ومن اين؟ والعبد لا يعرف الامام كسائر الناس المارين بين البساتين، الامام الحسن لا حظ هذا العبد ورأى ان هذا العبد جلس واراد ان يتغدى وفتح الصرة واذا بقرص خبز واحدة فقط فيها تأثر الامام، في هذه الاثناء رأى الامام الحسن ان هناك كلب جالس امام هذا العبد، الغلام يقطع لقمة ويرميها للكلب ويأكل هو لقمة، تعجب الامام واذ الامام لاحظه بدقة كاملة انه اكل نصف الرغيف والنصف الاخر اعطاه للحيوان هذا، اقترب الامام وسأله قال: اراك ناصفت الكلب رغيفك، فقال يا اخ العرب انا سنين اعمل هنا لم ار كلباً هنا ويبدو انه من الجوع، فقال له الامام اعرف ولكن كنت تكتفي بلقمة او لقمتين فقال للامام استحييت منه لانه وضع عينيه في عيني فاستحييت ان اوثر نفسي عليه: المورخون يقولون ان الامام الحسن اهتز من قرنه الى قدمه وقال في نفسه: "والله ان هذا اكرم مني" ثم سأل الامام الحسن وقال هذه البستان لمن؟ قال: انا عبد لفلان وهذه البستان له وانا احرسها واحرثها وازرعها ذهب الامام الحسن لصاحب البستان اشتراها منه بعشرة الاف درهم بعدما اشتراها اشترى الغلام منه ايضاً، واشتراه بمبلغ كبير ثم بعد ان اصبحت البستان والغلام ملك للامام الحسن اتى الى الغلام وقال له لقد اصبحت ملكاً لي واني اعتقت لوجه الله، فاذهب فانت حر قربة الى الله تعالى، ثم قال له: ان هذا البستان اشتريته وهو الن ملك لي ولكنه ملك لك وهذه الضيعة هبة مني لك جزاء لموقفك هذا الذي رأيته منك.
في الواقع هذا يجسد المثل الاسمى للكرم الاسلامي، رب سائل يسأل من اين اتى الامام الحسن بهذه الاموال، طبعاً الامام الحسن كان ثقة الامة ثم ترك الامام امير المؤمنين من الموقوفات من المزارع ما تدر بالملايين ربما من الاموال على اهل البيت على وراثه وعلى اولاده، الامام الحسن(ع) شأنه شأن امه فاطمة كان يأتي لها الغلام بوارد فدك لا يمسي عليه المساء.
الامام الصادق يقول ما صرفت جدتي فاطمة من وارد فدك ولا درهم كذلك الامام الحسن(ع) كان كلما يرده من ذلك كأبيه امير المؤمنين يشتري المماليك ويعتقهم كذلك كان يصرفه في هذه الموارد ولم يصرف من ذلك على نفسه ولا شيئاً بسيطاً، كان يردد هذين البيتين:
للكسرة من رغيف الخبز تشبعني
وجرعة من قراح الماء ترويني
وطمرة من بسيط الثوب تسترني
عند الحياة وتكفيني لتكفيني
نسأل الله سبحانه وتعالى ان نهتدي ونستفيد من معارف ومعالم هذا الامام العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******