واعتبرت الجمهورية الإسلامية الايرانية منذ بداية المفاوضات، أن شرط التوصل إلى الاتفاق النهائي هو إلغاء العقوبات بشكل كامل حيث تضمن المصالح الاقتصادية للشعب الايراني وتضع حدا للمزاعم السياسية بشأن قضايا الضمانات.
وفي هذا المجال، صرح رئيس الجمهورية السيد ابراهيم رئيسي لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية الاثنين الماضي: إن الهدف من المفاوضات هو الغاء العقوبات ملفتا من تخلوا عن التزاماتهم يجب أن يعودوا اليها ونحن نركز في هذه المفاوضات على الغاء العقوبات.
ايران تضمن مصالح أبناء الشعب
وأضاف أن الجمهورية الإسلامية الايرانية تؤكد على التحقق وضمانات لبناء الثقة في المفاوضات. وأوضح : هذا يمثل العنصر الاساس في المفاوضات ولا يمكن التجاهل عنه ونتحدث في الوقت نفسه عن اتفاق. يجب أن يكون الاتفاق مصحوبًا بحل قضايا الضمانات والنقاط التي تتبعها إيران كاستراتيجية ونحن لم ولن نفشل في ضمان مصالح الشعب الإيراني.
وحدد السيد رئيسي أربعة شروط كمكونات رئيسية للاتفاق؛ الاول: ضمانات مطمئنة. الثاني: تحقق موضوعي وعملي لرفع العقوبات. الثالث رفع العقوبات بشكل هادف ومستدام والرابع هو إغلاق ملف المطالبات السياسية المتعلقة بالضمانات.
على هذا الأساس عرضت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخميس الماضي، على المنسق الأوروبي للمفاوضات إنريكي مورا وجهات نظرها لحسم الموضوعات المتبقية وقال المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني في هذا الخصوص بعد تلقي الرد الأمريكي، قام فريق الخبراء للجمهورية الإسلامية الايرانية بفحصه بعناية وتم تجميع ردود إيران وتسليمها إلى المنسق بعد التقييم على مستويات مختلفة. وقال كنعاني: إن النص المرسل له نهج بناء يهدف الى حسم المفاوضات.
بعد ساعات من الرد الايراني، وصفت الولايات المتحدة ، في إجراء متسرع ومحاولة منها الى رمي الكرة في ملعب إيران، الإجابات التي قدمتها طهران بأنها غير بناءة وأصدر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل بيانًا رسميًا زعم فيه: "نحن ندرس ونفحص تعليقات إيران وسنرد من خلال الاتحاد الأوروبي، لكن للأسف رد إيران لم يكن بناءً.
وفي وقت سابق، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن، لبعض المراسلين الأمريكيين: "نحن نحقق في رد إيران، لكن الإجابات ليست واعدة". في الوقت نفسه، قامت وسائل الإعلام الغربية والعناصر التابعة للكيان الصهيوني بوضع الكلمات المفتاحية المتعلقة بـ "مفاوضات فيينا" و "خطة العمل المشترك الشاملة " في شبكات افتراضية ومن خلال نشر تقارير أحادية الجانب وأطلقوا موجة سلبية ضد رد إيران.
كيف وصفت الادارة الامريكية مقترحات طهران؟
وزعمت صحيفه واشنطن بوست الامريكية الخميس الماضي بتراجع الخطوات المتعلقة بإحياء الاتفاق النووي الإيراني حيث اعلنت إدارة بايدن إن مقترحات طهران الأخيرة لم تكن "بناءة".
والقى مراسل وول ستريت جورنال في أوروبا "لورانس نورمان"، في تغريدة له الجمعة الماضية، الكرة في ملعب إيران للتأخير في التوصل إلى الاتفاق النهائي وكتب أنه بعد الإجابات التي قدمتها إيران قضت على حسم المفاوضات في الاسبوع القادم.
في حين أن طلب إيران بالغاء العقوبات بشكل فعال وحسم مطالبات الضمانات كمتطلبات لتشكيل اتفاق موثوق ومستقر قد وصف من قبل الطرف الاخر بأنه معقول ومنطقي.
ووصف مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيف بوريل"، على هامش ندوة في إسبانيا في 22 آب/ أغسطس، تعليقات إيران على مسودة الاتفاقية التي أعدها الشهر الماضي وقدمها إلى الأطراف المعنية بالمفاوضات بأنها معقولة ومنطقية.
وهذه التصريحات من الشخص الذي أعد المسودة الأولية للاتفاق مهمة للغاية لسببين: ألاول، على عكس إبداعات وسائل الإعلام، لا يزال أمام المسودة المقترحة مجال للتحسين، وقد أدى رد إيران المنطقي إلى تحسينها. بعبارة أخرى، كان الإنذار الذي وجهته القوى الأوروبية لقبول إيران غير المشروط للنص عملاً غير عقلاني ولا أساس له.
التأخير في التوصل إلى اتفاق نهائي يعود إلى مشاكل أمريكا الداخلية
الثاني: عندما وصف معدّ النص المبدئي التعديل الذي اقترحته إيران بأنه منطقي لا يمكن لأحد أن يدعي أن إيران تختلق الأعذار وتحاول تضييع الوقت. ونعلم اليوم أن روسيا والصين والاتحاد الأوروبي على الأقل يعتبرون رسميًا مقترحات إيران أمرًا معقولاً.
لذلك، فإن رد أمريكا على إيران يعزز هذا الاحتمال بان التاخير في التوصل إلى اتفاق نهائي يعود إلى مشاكل أمريكا الداخلية وضعف صنع القرار في إدارة بايدن.
وعشية انتخابات التجديد النصفي للكونجرس والتي يبدوان فوز الحزب المنافس فيها بات محسوماً، يبدو ان الرئيس الامريكي لا يرغب في الاستثمار في موضوع التوصل الى الاتفاق وهو تعرض في الأيام الأخيرة لضغوط شديدة من الكونجرس لعدم ضم واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني.
وعبرت العشرات من نواب الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين أمس في رسالة إلى الرئيس الامريكي عن قلقهم تجاه التوصل الى اتفاق محتمل مع إيران والغاء العقوبات المفروضة عليها وطالبوا منه التشاور مع الهيئة التشريعية قبل العودة إلى الاتفاق.
وكرر هولاء النواب في رسالتهم هذه، الاتهامات التي لا أساس لها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزعموا أنهم قلقون بشأن بعض البنود التي قد يتم الحاقها في النص النهائي للاتفاق وخاطبوا بايدن "اننا نطلب منك التشاور مع الكونغرس قبل تقديم النص الكامل للاتفاق.
وسبق أن وقع 30 نائباً من الديمقراطيين الأمريكيين مسودة رسالة موجهة إلى رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، أعربوا فيها عن قلقهم من احتمال عودة إدارته للاتفاق النووي، وعارضوا أي رفع أو تخفيض للعقوبات المفروضة على إيران.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات، إلى جانب ضغوط الكيان الصهيوني عطلت عملية التوصل إلى الاتفاق النهائي، وأن ادارة بايدن رغم انها تبدي رغبتها في العودة إلى خطة العمل المشترك الشاملة، ليست لديها الإرادة اللازمة لتنأى بنفسها عن سياسات الحكومة السابقة.
وكتب الخبير الإيراني للشؤون الدولية "محمد مرندي"، في تغريدة له على تويتر: ردت إيران كما وعدت؛ حان الوقت لفريق بايدن اتخاذ قرار جاد. مضيفا، بالنسبة لأمريكا فإن "البناء" يعني قبول شروط إيران، وبالنسبة لإيران "البناء" يعني التوصل إلى اتفاق متوازن وموثوق. إذا اتخذت أمريكا القرار الصحيح، فان التوصل الى الاتفاق سيحقق بسرعة.