في اكثر من موضع وفي اكثر من مناسبة كرر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المسلمين من هم اهل بيته، واهل بيته (صلى الله عليه وآله وسلم) هم المذكورون في آية التطهير من القرآن الكريم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» وآية التطهير المباركة انما نزلت في بيت ام سلمة حين دعا النبي علياً وفاطمة والحسن والحسين (سلام الله عليهم) فجللهم بكساء وقال: «اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
فقالت ام سلمة: وانا معهم يا نبي الله؟
فقال: انت على مكانك وانت على خير. وبعد بيت ام سلمة تكرر المشهد في اماكن اخرى اذ استفاضت به كتب الحديث عن عدد جم من الصحابة والطهارة تعني فيما تعني طهارة الرجس من القلب بكل صوره ودرجاته وثبات القلب على ما اعتقده من الحق فلا زيغ ولا ميل وهذا هو الرسوخ في العلم، وبين القرآن الكريم والعترة المطهرة الذين هم علي وفاطمة والحسن والحسين رباط وثيق لن انفصام له واكد هذا الرباط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مناسبات عديدة ليفتح بصيرة المسلمين على هذه الحقيقة الحياتية المصيرية، الحديث الذي عرف بأسم حديث الثقلين في مثل قوله (صلى الله عليه وآله) (اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). ومن الحقوق التي فرضها الله تعالى علينا لاهل البيت من قرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما اعلنته آية سورة الشورى «بسم الله الرحمن الرحيم، قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» والْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى مودة قرابة النبي (صلوات الله وسلامه عليه) وعلى آله وهم عترته واهل بيته ، عن ابن عباس في قوله عزوجل «لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا» قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين امر الله بمودتهم؟
فقال رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه): علي وفاطمة وابناهما، وحث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) امته وهداها نحو الصراط المستقيم في اكثر من موضع قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «احبوا الله لما يغذوكم به من نعمه واحبوني لحب الله واحبوا اهل بيتي لحبي».
وقال: «النجوم امان لاهل السماء واهل بيتي امان لامتي». وبعد ان فرض مودة اهل البيت ومحبتهم وبين انهم امان للامة من الظلام امر بالصلاة عليهم نقرأ معاً آية سورة الاحزاب «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا».
في البخاري عن كعب بن عجرة ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال حين سأل عن الصلاة قولوا: «اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد»، «اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد». وقد اورد السيوطي في الدور المنثور ما يقرب من عشرين حديثاً تدل على تشريك آل النبي معه في الصلاة.
وهكذا بين الله عزوجل العترة الطاهرة الذين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مناسبات كثيرة وبمحضر الناس ان عترته اهل بيته هم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وفرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين مودة اهل البيت الطاهرين ولم يفرض مودتهم الا لعلمه المطلق بأنهم راسخون في العلم الالهي، لاتتسرب اليهم ادنى شبه او ريب ومودتهم لا يأتي بها احد مؤمناً مخلصاً الا استوجب الجنة بقوله تعالى «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»، وبعد ان فرض سبحانه الصلاة على رسوله الحق آله به، وفي بعض الروايات قوله تعالى«يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» روي ان يس اسم من اسماء النبي (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله)، وذكر ابن كثير والبغوي ان آل ياسين في قوله تعالى «سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ» هم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وذكر ان الله تعالى لم يقل سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل ابراهيم ولا قال سلام على آل موسى وهارون وقال سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ يعني آل محمد لانهم حراس العقيدة الخاتمة التي ترتبط بالقرآن وتلتقي معه عند حوض النبي يوم القيامة. وذكر ايضاً ان الله سبحانه وتعالى ذكر الرجوع اليهم فيما خفي على الناس في قوله تعالى «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» واهل الذكر في الآية ليسوا اليهود والنصارى كما يزعم بعض الزاعمين لان هذا القول يدعونا الى دين اليهود والنصارى للاحتكام به بل المعني المتساوق مع القرآن الكريم هو ان المراد بالذكر هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا المعنى مبين في كتاب الله عزوجل حيث قال سبحانه «فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا، رَّسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ» وقال البعض يراد بالذكر الذي انزله الله هو الرسول، سمي به لانه وسيلة التذكرة بالله وآياته وسبيل الدعوة الى دين الحق، وعلى هذا فالمراد بانزال الرسول بعثه من عالم الغيب واظهاره لهم رسولاً من عنده، كما في قوله عزوجل «وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ» والخلاصة ان الروايات التي فسرت الاية بينت ان الذكر رسول الله وان عترته اهله.
بعد كل هذا التطهير وبعد رباط القرآن الذي لا ينفك عن اهل البيت حتى يوم القيامة، بعد كل هذا حذر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم حذر فقال سبعة لعنتهم ولعنهم الله، ومن هؤلاء؟ المتسلط على امتي كالجبروت ليذل من اعز الله ويعز من اذل الله عزوجل والمستحيل من عترتي ما حرم الله عزوجل، وعن زيد بن ارقم كما في الترمذي ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): «انا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم».
قال في تحفة الاحوازي اي: انا محارب لمن حاربتم، جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه نفس الحرب مبالغة كرجل عدل. وعن ابي سعيد الحذري قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يبغضنا اهل البيت احد الا ادخله الله النار، رواه الحاكم وقال حديث صحيح. وبذلك تكون الحجة قد اقيمت فالله سبحانه قد حذر من خطر الشيطان وهو سبحانه الذي بين اهداف المشركين وبين كذلك اهداف المنافقين والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ.
ولما كانت الامة تلقى مشاكل على الطريق يصنعها اناس منهم ويتكلمون بألسنتهم كما في الحديث ويدعون الى النار من اجابهم ولما كان عدم وجود دليل للامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يرشدها مع كتاب الله الى الطريق الحق يعتبر حجة لهم يوم القيامة اقام الله حجته حتى لا يكون للناس عليه حجة يوم القيامة ولا اكراه في الدين فالحق حق وان تركه الناس والباطل باطل وان التزموا به وساندوه.
*******