عمل الامويون ومن بعدهم العباسيون على اقصاء اهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الساحة الفكرية والسياسية ليحجزوهم في زاوية ضيقة وهذه الزاوية الضيقة يراد لها ان تنسي الامة مقام اهل البيت ولتخلوا الساحة للحاكمين ومن يشاءون تقريبه والاعتماد عليه، وائمة اهل البيت هم الراسخون في العلم الذين خطط لابعادهم عن مزاولة عملهم الرسالي وهداية الناس الى صراط العزيز الحميد لينالوا سعادة الدنيا بما يتوافق والكمال الاخروي ولو كان سهم القرآن الكريم في ظل الحاجة الى الراسخين في العلم الذين هم اصحاب التأويل لا جمع الناس على مدلوله ولم تفترق الامة فرقاً في العقائد وفي الفقة ولكن الاختلاف قد وقع عندما جلس الذين يحتاجون الى الهداية والتعليم على المقاعد الاولى في حياة المسلمين السياسية والتوجيهية، اجل عندما اقصي اهل العلم الذين رفعهم الله تعالى درجات وجعلهم قرناء الكتاب لا ينفصلون عنه حتى يردوا معه الحوض، عندما اقصوا اتخذ قرار بمنع رواية حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين حذر منهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يضعون الحديث على رسول الله، ومن هذه التربة خرجت القدرية والجبرية والمرجئة وغيرهم، وكل مذهب كان له وقوده من الحديث والتأويل ويشرف على اكثرهم علماء اهل الكتاب الذين لا يتركون فتنة الا سارعوا اليها، من تربة الاحاديث الموضوعة جاء اختلاف الرواية والمسيرة والاخلاق والطريق للارشاد وكل شيء، ان الكثير من الحديث وضع لخدمة اصحاب المقاعد الاولى وتحقيق اهدافهم وان الكثير من الحديث الصحيح تم تأويله لخدمة نفس الاهداف التي منها اتخاذ مال الله دولاً ودين الله دخلاً وعباد خولاً، واول خطوة لتحقيق هذه الاهداف كانت فتح باب للمواجهة مع اهل البيت (عليهم السلام)، لقد كان اهل البيت حلقة وجهوا اليها الضربات ليكون الطريق الى امام الحلقة الثانية مفتوحاً وتوجه اليها الضربات بما يتقبله العامة بهدوء وذلك بطرح مجموعة من الاحاديث يكون الهدف منها تقليل شأن النبوة ومن تحت عبادة التقليد يحققون هدف التماس الاعذار بمعنى اذا كان هذا هو شأن النبي فلا عصمة اذن لاحد ومن هذا الباب تلتقي هذه الاعذار مع العقائد التي تشرف عليها الدولة الحاكمة بمعنى يكفي ان يكون الايمان في قلبك وانت على طريق ضاعت فيه الصلاة.
ومن هذه الاحاديث التي وضعت للتقليل من قدر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما رواه البخاري عن ابي هريرة ان النبي نسي فصلى العصر ركعتين ولم ينتبه حتى نبهه احدهم وفي حديث آخر موضوع آخر ان رسول الله غفل عن صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب فذكره عمر بن الخطاب، ولم يقتصر النسيان الذي نسبوه الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عدد الركعات والصلاة في وقتها وانما شمل النسيان اشياء اخرى، انه لا حرج على اصحاب المقاعد الاولى في نسيان كل شيء مادام الايمان في القلب وهذا باب كبير في عقيدة المرجئة التي نسجت خيوطها على حساب الرسالة الالهية فهذه الاحاديث وغيرها تم استخدامها لاهداف الذين ضيعوا الصلاة، ثم كيف يجري على النبي النسيان وهو القائم بدعوة الناس الى صراط العزيز الحميد.
ولم تقف القضية عند هذا الحد بل ذهبوا الى ابعد من هذا، روى البخاري عن عائشة قالت سحر رسول الله رجل من زريق يقال له لبيد بن الاعصم حتى كاد النبي يخيل اليه ان يفعل الشيء وما فعله، ترى كيف تكون هنالك قدرة للساحر على رسول الله وبنيه، كيف والله تعالى قد نفى السحر عن رسوله فقال: «إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا، انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً»، ومن دائرة السحر هبطوا فرفعوا بعض الصحابة على مقام النبوة ليعطوا لانفسهم المبرر في ركود رقبة الامة مع وجود السابقين عليهم والافضل منهم وتجدوا روايات عديدة من هذا النمط المصنوع عند البخاري والترمذي والواقع ان الهدف كان من اجل نشر ثقافة لا تقود الى حقيقة ولا تدين ركبوا الذين رقبة الامة، بمعنى ان القامات متساوية ولم يكن الهدف من وراء هذه الثقافة نشرها على العامة في الطرقات وانما دقها امام الباحثين لنفود المرجئة والجبرية وجميع المذاهب التي تنادي بالمقامات المتساوية. ولقد رأينا على ارضية هذه الاحاديث ان هناك من يتقدم خطوة فيصلي لكن الرسول ينام ويتعجب الشيطان ويفر من بعضهم لكن زماره في بيت الرسول، واذا اضيف الى هذا ان هذه الاحاديث المتبوعة نسبت الى النبي انه كان ينسى آيات القرآن وانه لم يأمر يجمعه ولا بجمع السنة وانه لن يعين نائباً له يقود الناس الى صراط العزيز الحميد فلنا ان نتوجه بسؤال الى بني امية ومن شايعهم وشربوا من اناءهم فنقول ماذا ابقيتم اذن من النبوة بعد ان اتخذتم مال الله دولاً ودين الله دخلاً وعباد الله خولاً؟
بالاضافة الى هذه الاحاديث يوجد عدد كبير من الاحاديث الموضوعة التي تدعوا الى التسليم بالامر الواقع، الامر الذي ادى الى دخول الامة في دائرة القهر التاريخي او دائرة الاحتقان التاريخية لهذا تعمقت جذور الطاغوت التي ترفع اعلام العقيدة الجبرية ويرتدي ثياب المرجئة وغيرهم وبهذا تقدم الطابور الذي يتخذ تهويد الفطرة او تنصيرها هدفاً له وبعد ان اشيعت هذه الاحاديث لينال كل طابور ما يتفق مع اهواءه وبعد ان دقوا اوتاد المحاصرة حول اهل البيت المطهرين وحول كتاب الله وعباد الله هبطوا درجات ودخلوا من باب الاسماء والصفات فتأول الاحاديث الخاصة بها وترتب على هذا حدوث التباس في معرفة الباري عزوجل والتي على قوائمها تدنى العبادة الحق وهذا النوع من الاحاديث قامت عليه مذاهب ومدارس وعلى قاعدتهم حدث الاختلاف والافتراق وتحقق الهدف الاساس الذي يريد اقصاء اهل بيت النبوة عن مواقع القيادة العقائدية والسياسية الاصيلة التي هم اهل لها بنص القرآن واحاديث رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).
*******