ونظراً لتضاريسها غير المستوية، غالباً ما تُجبر منطقة البحر الأسود في تركيا سكانها على ابتكار حلول معمارية إبداعية، وليست التضاريس دائماً هي التي تدفع خيال مصممي المباني في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة التي تنتشر فيها الجبال الممتدة على طول الساحل، بل قد يؤدي شغف أهل البلدة أحياناً بالبحث عن رمز لبلدتهم، إلى تصميم مئذنة مسجدهم لتشبه "سماور" الشاي كما حدث في مسجد جديد في بلدة "إي نسل" في ولاية غيرسون التركية.
ومع أن مدينة "غيرسون" لا تُعرف بشكل خاص باسم "مركز الشاي" في تركيا، بل يعود هذا الشرف إلى ريزة، وهي ولاية أخرى على البحر الأسود يعتبر إنتاج الشاي فيها هو العمل الرئيسي، لكن بلدة "إي نسل" التابعة لغيرسون والمعروفة بصادراتها من المكسرات اللذيذة، تفتخر بخمسة مصانع شاي، بقدر ما يفتخر الشعب التركي بهذه العادة الشائعة على مستوى البلاد.
ومع أخذ عشق الشاي بعين الاعتبار، شرعت مجموعة من المحسنين في المدينة الجذابة على ساحل البحر الأسود في بناء مسجد عام 1987، واعتمد البناء على التبرعات واستغرق 35 عاماً بسبب اللمسات التصميمية الرائعة التي تزين المسجد، وكذلك بسبب مئذنته الفريدة ذات اللون الفاتح والتي يمكن تمييزها عن غيرها بسهولة لشكلها الذي يشبه "سماور" الشاي حيث أصبحت قبلةً تجذب الزوار من كل مكان.
ويحيط بـ "المسجد الأخضر" مناظر طبيعية خصبة يتخللها أحياناً بعض الأبنية المتناثرة، لكن مئذنته الغريبة التي استغرق بناؤها أكثر من 4 سنوات، أطول بكثير من المآذن التقليدية التي تزين مساجد البلاد، وهو مفتوح الآن جزئياً للعبادة حيث يواصل العمال وضع اللمسات الأخيرة على الهيكل الخارجي.
وفي مقابلته مع وسائل إعلام محلية يوم الأحد قال أيهان طوفان أوغلو رئيس الجمعية التي تأسست لبناء المسجد، إنهم سعوا لبناء مسجد "يستحق الثناء على جماله" كما فعل الأجداد في السابق، مضيفاً أنهم عملوا على تفاصيل دقيقة لكل كتلة حجرية تشكل المسجد.
وفيما يتعلق ببناء المئذنة أوضح أنهم جلبوا أحجاراً ملونةً مختلفة من أماكن متعددة، فالأحجار الخضراء مأخوذة من بلدة أورين القريبة، والصفراء من ولاية بايبورت أما الأحجار الحمراء فقد جُلبت من كورتون ستريم.
وختم طوفان أوغلو بالقول:"تشتهر إي نسل بشايها وأردنا أن نجعلها أكثر شهرة من خلال تصميم مسجدنا. ويرمز ساموار الشاي أيضاً للوحدة، حيث يجمع عدداً كبيراً من الناس حوله لشرب الشاي بشكل مشابه لاجتماع الناس في المسجد لأداء الصلاة".