من المؤكد أن عملية "إلعاد" لا تعتبر فشلاً اضافياً للأجهزة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل هي إنتكاسة، بكل ما للكلمة من معنى، لهذه الأجهزة، التي من المقرر أنها كانت في حالة الاستنفار الأمني القصوى، منذ العمليات السابقة التي نفذها الشباب الفلسطيني في الضفة وداخل الخط الأخضر، والتي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من المستوطنين الصهاينة.
الكيان الصهيوني اعتقد خاطئاً، أن تكرار الاقتحامات للمسجد الأقصى، من قبل المستوطنين، ومواصلة الإعتداءات الوحشية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد المرابطين فيه، ستفّل من عزيمة المقدسيين والشباب الفلسطيني ومن ورائهما المقاومة، في الدفاع عن المسجد الأقصى، وعندما سيتمكن هذه الكيان من تنفيذ مخططاته للنيل من المسجد الأقصى، إلا أن عملية العاد جاءت كرسالة واضحة للمحتل مفادها، أن الاقتراب من الأقصى يعنى الاقتراب من الموت، وإن اقتحامات المستوطنين الصهاينة للأقصى، سيشعل جذوة المقاومة في قلب كل إنسان فلسطيني، حتى لو لم يكن من المقاومة.
اللافت أن الكيان الصهيوني الذي يمر في أسوء مراحل حياته المشؤومة، بعد أن بات عاجزاً عن وقف العمليات البطولية للشباب الفلسطني، كما انه أعجز عن مواجهة المقاومة، أصبح لا يملك ما يمكن أن يقلل به من هلع وخوف المستوطنين، سوى التهديد بإغتيال رئيس حركة حماس يحيى السنوار، في إعتراف واضح وصريح، بأن المقاومة باتت هي الدرع الحصين لحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس، وبات خطاب السنوار والمقاومة هو الخطاب المسموع والمؤثر بين أبناء الشعب الفلسطيني.
لقد فات الاحتلال الصهيوني، إن للمسجد الاقصى رباً يحمية ورجالاً يفتدوه بارواحهم، وأقصى أمانيهم هو الموت على طريق تحرير القدس، وهؤلاء الرجال لو كانوا يخشون الموت لما برزوا للصهاينة وتحملوا مسؤولية تحرير الأرض والمقدسات، وهذه الحقيقة أكد عليها عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، عندما رد على حملة التهديدات والتحريض الإسرائيلي على اغتيال السنوار، بقوله ان هذه التهديدات لا تخيف أصغر شبل في حماس، وهي محاولة فاشلة لطمأنة قطعان المستوطنين المذعورين وأنها لا تزيد المقاومة الا إصراراً على الدفاع عن القدس والأقصى، حتى زوال الاحتلال عن آخر شبر من أرض فلسطين.
إن الخيار الأمني للكيان الإسرائيلي وصل الى طريق مسدود، فإذا أراد هذا الكيان الخلاص من العمليات البطولية للشباب الفلسطيني، عليه أولاً وقف انتهاكاته ضد المسجد الأقصى، وإلا فإن مواصلة هذه الانتهاكات، أو التعرض لشخص السنوار بسوء، يعني عليه أن يستعد لمنازلة لن يخرج منها إلا وقد أثخنته الجراح.
حميد محمد - العالم