لكن الإمارات تحاول التدخّل في الشأن السياسي الداخلي التونسي، بقوة المال والإعلام، للتأثير في مسار الانتقال الديمقراطي والمشهد السياسي بصفة عامة، وذلك على الرغم من مرور نحو 8 سنوات على اندلاع الثورة التونسية.
وثيقة مسربة
موضوع "التدخل الإماراتي في تونس" جاء الى الواجهة عندما ظهرت وثيقة مسربة على الإنترنت (قبل حوالي سنة ونصف) بعنوان "الإستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس" منسوبة إلى مركز الإمارات للسياسات، كشفت عن "خطة إماراتية" لحشر الحركات الاسلامية في الزاوية وبسط نفوذ الإمارات في تونس.
تجنيد شخصيات سياسية تونسية
وبحسب الوثيقة، فان ابوظبي كانت تسعى الى تشكيل كتلة سياسية موالية لدول الإمارات عن طريق دعم شخصيات سياسية وأحزاب ومنظمات ووسائل إعلام معارضة للحركات الاسلامية، وذلك بالاستفادة من هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها تونس بعد الثورة.
الإمارات ودورها في الثورة المضادة
واعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي في ذلك الحين "لقد لاحظنا بالملموس كيف لعبت دولة الإمارات دورا مساندا للثورة المضادة لقطع الطريق أمام التحرر في تونس وليبيا".
تورط الإمارات بتمويل حركة نداء تونس
حتى وصل الأمر الى درجة أن الأمين العام لحركة "وفاء" التونسية، عبد الرؤوف العيادي قال أنه تقدم بشكاية لدى المحكمة على شبهة تورط الإمارات بتمويل حركة نداء تونس.
إنقلاب على الديمقراطية بدعم إماراتي
في سياق متصل، أثار ما نشره موقع "موند أفريك" الفرنسي (قبل ستة أشهر) بخصوص تخطيط وزير الداخلية التونسي المُقال، لطفي براهم، للانقلاب على المسار الديمقراطي في بلاده بدعم وتخطيط إماراتي، وهو ما عجّل بإقالته، الجدل مجدّداً حول نشاط الإمارات المشبوه ودعمها للثورات المضادّة في بلدان الربيع العربي.
وذكر الموقع الفرنسي آنذاك، نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية أن وزير الداخلية التونسي المقال التقى سراً مدير المخابرات الإماراتية بجزيرة جربة التونسية، اتّفقا خلال اللقاء على خريطة طريق كان يُفترض أن تُدخل تغييرات جذرية على رأس السلطة في تونس؛ منها إقالة رئيس الوزراء يوسف الشاهد، وتعيين وزير دفاع بن علي السابق، كمال مرجان، رئيساً للحكومة، وعزل الرئيس الباجي قائد السبسي لاعتبارات مرضيّة، في سيناريو مشابه لمآل الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة، الذي عزله زين العابدين بن علي، وكان حينها جنرالاً في الجيش.
دور تخريبي
وبحسب الخبراء، فإن تسريبات المسؤول الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة وتقرير الأمم المتحدة عن تسليح الإمارات لقوات حفتر في ليبيا والوثيقة المسربة عن تونس؛ تكشف عن سعي الإمارات للعب "دور تخريبي" في المنطقة. ويثبت أن الإمارات "تريد أن تلعب دورا أكبر من حجمها لكن تنقصها المؤهلات".
العمل على إفشال التجربة التونسية
وفي أحدث موقف ضد التدخلات الإماراتية في تونس، إتهم الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، الإمارات بالعمل على إفشال التجربة التونسية، وقال "غرفة العمليات المضادة للربيع العربي في الإمارات تريد إيقاف كل ما له علاقة بالربيع العربي، واتخذت قراراً استراتيجياً على هذا الأساس، ووفرت الرجال والأموال لذلك. بالنسبة لهم يجب تعفين الوضع ومنع عودة التيار الثوري إلى الحكم، وهذه قرارات استراتيجية أعرفها وأنا واثق منها".
وأضاف المرزوقي في السياق ذاته ان تونس كانت مستهدفة من أطراف عدة، لكونها منطلق الثورات العربية التي انطلق منها الربيع العربي الذي أخاف كل الأنظمة، فصبت علينا كل الهموم، لم أكن أبداً أتصور أن بلداً مثل الإمارات يستعدينا إلى هذه الدرجة، أطلقوا على تونس الإرهاب، وهو إرهاب ممول وأطلقوا علينا الإعلام الفاسد من أجل افشال تجربة الربيع العربي. كان واضحاً أن هناك ارادة إقليمية لافشال الربيع العربي، بالحرب في ليبيا وسورية واليمن، وبالانقلاب العسكري في مصر، بينما حاولوا إفشاله في تونس بالارهاب والاعلام والمال الفاسدين.
فيسأل المراقبون، أنه بعد سنوات من الجفاء والعلاقات المتوترة والتدخلات الإماراتية في الشؤون التونسية ومعارضة أبوظبي للثورة التونسية متى تنهي الإمارات عداءها للتجربة الديمقراطية التونسية؟