ومن المؤكد ان السعودية التي تعد احدى اكثر الدول تنفيذا لعقوبة الاعدام في العالم، تدرك تماما ان هذه الخطوة ستستفز الجمهورية الاسلامية و انها ستؤثر على سير المفاوضات التي جمعت بين وفديهما في بغداد خلال الأشهر الماضية، كان آخرها في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي حيث ابدى الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في السابع من أكتوبر العام الماضي ترحيبه الغامر واستعداده لدعم هذه الحوارات في حال طُلب منه ذلك.
المجتمع الدولي كان بانتظار نتيجة هذه المفاوضات التي تكتسب أهمية قصوى في استتباب أمن المنطقة ما زاد التكهنات بتوقيع اتفاق وشيك بين البلدين لتهدئة التوترات وإعادة فتح القنصليات بينهما بعد ستة اعوام من القطيعة، وكان الجانب الايراني قد ركز في مفاوضات الجولات السابقة على العلاقات الثنائية لكن الوفد السعودي اصر على اقحام ملف اليمن فيها اذ قدّم للإيرانيين ورقة تتضمن تصورات الحل في اليمن، بيد ان طهران اعتبرت مضمون هذه الورقة غير متطابق مع الحقائق الميدانية .
وكان الهدف من وضع ملف اليمن على الطاولة هو البحث عن خروج مشرف من هذا المأزق لكن يبدو ان السعودية وصلت الى قناعة بان ايران لا تستطيع ان تساعدها لانها طرف في هذا الصراع وليست وسيطة !
وهنا تكمن العقدة ، فالرياض بحاجة الى طرف يضغط على الحوثيين لتحقق مآربها عبر انتصار مصطنع تخرج به من الحرب الدائرة بعد ان تعلن انها قد حققت جميع اهدافها المرجوة، غير ان قليلين هم الذين يستطيعون اداء هذا الدور و ان الرياض لن تقبل بغير الولايات المتحدة التي يريد رئيسها بايدن التخلص من الملف اليمني بأي نحو كان بعد تكدس ملفات الازمات العالمية في مكتبه الرئاسي.
وقد كشف عدم اكتراث البيت الابيض باقتراب انصارالله من مدينة مأرب الاستراتيجية عن ان الرياض و واشنطن ليستا على قلب رجل واحد مما زاد الفجوة بينهما.
و بما ان ايران لا تستطيع ان تؤمن للسعودية خروجا مشرفا من اليمن من جهة و ان امريكا لا تكترث بما يجري هناك من جهة أخرى، ارادت السعودية ان تضرب عصفورين بحجر واحد بهذه الاعدامات و هما توقف المفاوضات مع طهران و ابلاغ واشنطن بإراقة المزيد من الدماء في اليمن اذا لم تحقق لها الادارة الامريكية انسحابا مشرفا من مستنقع اليمن الذي ركست به منذ سبع سنوات.
مجتبى علي حيدري