واللافت ان التكفيريين الذين يقفون وراء هذه الحرب، ليسوا مجهولين، فقادتهم يتحدثون بالصوت والصورة وبشكل علني، عن هدف هذه الحرب، وهو القضاء على اتباع اهل البيت عليهم السلام، وافراغ باكستان منهم.
التفجير الانتحاري الذي إستهدف مسجدا للمسلمين الشيعة في منطقة "كوتشا ريسالدار" في مدينة بيشاور يوم الجمعة الماضية، والذي اسفر عن استشهاد 56 شخصا واصابة 190 آخرين، كان مجزرة بكل ما للكلمة من معنى، فقد تمزقت اجساد الضحايا وتناثرت، في الوقت الذي كانوا يقفون بين يديه الله سبحانه وتعالى وهم يؤدون صلاة الجمعة آمنين في بيت من بيوت الله.
مجزرة بيشاور لم تكن الاولى، فقد سبقتها عشرات المجازر المشابهة، ضد اتباع اهل البيت عليهم السلام، ولن تكون الاخيرة، بسبب تجاهل العالم والمنظمات الدولية، والاعلام والصحافة العالمية، لحرب الإبادة التي يتعرض لها المسلمون الشيعة، الذين باتت دور عبادتهم ومساجدهم، اهدافا سهلة للتكفيريين، الذين يقومون بتفجيرها بمن فيها، أنى شاؤوا.
اللافت ان اتباع اهل البيت عليهم السلام، الذين يتعرضون لعمليات قتل ممنهجة دون رحمة في باكستان من قبل الجماعات التكفيرية، كانوا السباقين، للإلتفاف حول محمد علي جناح، الرجل الذي كان له الدور الأبرز في تأسيس دولة باكستان الاسلامية، وذلك من اجل حماية دينهم ولغتهم، ومن اجل ان يعيشوا مع اخوانهم المسلمين السنة، في بلد يمارسون فيه عباداتهم بحرية كاملة وبدون خوف من الجماعات الهندوسية المتطرفة، التي كانت تنغص عليهم حياتهم.
منذ تأسيس دولة باكستان في 14 أغسطس من عام 1947، عاش سنة وشيعة باكستان، ولعقود طويلة، في سلام ووئام، لا يعكر صفو عيشهم المشترك اي شيء، فإلههم واحد، ونبيهم واحد، ودينهم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة. إلا انه ومنذ سبعينيات القرن الماضي بدأت الافكار التكفيرية تتغلغل في المجتمع الباكستاني، حيث بدأ بعض المسلمين الباكستانيين يكفرون كل مسلم لا يؤمن بافكارهم الغريبة والشاذة، وخاصة اتباع اهل البيت عليهم السلام. وشهدت هذه الافكار رواجا في ظل حكم الرئيس الباكستاني ضياء الحق، الذي قاد انقلابا عسكريا على الرئيس الباكستاني الشرعي ذو الفقارعلي بوتو عام 1977، حيث تقرب ضياء الحق كثيرا من الجماعات التكفيرية، كما سمح لها بنشر افكارها بحرية، ومنذ ذلك التاريخ، بدأت الهجمات تستهدف اتباع اهل البيت عليهم الاسلام، وهي هجمات كانت في البداية لفظية، فلا تتدعى الفتاوى والخطابات التحريضية، إلا انها ومع مرور الزمن وجدت من ينفذها ويتأثر بها، من بين المتطرفين الذين تم غسل ادمغتهم.
ان سنة باكستان مدعوون قبل الشيعة، للتصدي للفكر التكفيري الذي ينخر بعقول الشباب، ويحولهم الى قنابل موقوتة، يتم تفجيرها عن بعد، فالذي يتحكم بصاعق هذه القنابل البشرية، لا يريد الخير للمسلمين السنة قبل المسلمين الشيعة، فهو يستهدف بالاساس باكستان كبلد، ونحن هنا نضم صوتنا الى صوت الذين يميلون للاعتقاد ان ما يحصل من مجازر في باكستان ضد اتباع اهل البيت عليهم السلام، ليس فعلا فرديا، ولا فعل جماعات صغيرة تتحرك بنوازع طائفية مقيتة فقط، فتجارب الدول التي مزق التكفير نسيجها الاجتماعي ونشر فيها الفوضى والخراب، اثبتت ان هذه الجماعات مُسيرة من قبل اعداء الأمة، فهي تضرب المسلمين الشيعة اليوم، وعندما تنتهي منهم، ستستهدف غدا المسلمين السنة، وبعد غد الجيش الباكستاني، لذا على السلطات الباكستانية، وعلى كل مسلم باكستاني غيور على دينه ووطنه، العمل على التصدي للجماعات التكفيرية قبل فوات الأوان.
بقلم / منيب السائح