البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم اجعلنا اقرب من تقرب اليك، ...".

الإثنين 5 أغسطس 2019 - 15:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم اجعلنا اقرب من تقرب اليك " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نتابع حديثنا عن ادعية الزهراء (عليها السلام)، ومنها دعاؤها يوم الجمعة، حيث ورد ما ياتي: (اللهم اجعلنا اقرب من تقرب اليك، واوجه من توجه اليك، وانجح من سألك وتضرع اليك) ، المقطع المتقدم يتضمن ثلاث درجات من التوسل، متمثلة في اعلاها بطبيعة الحال وهي التقرب والتوجه، والنجاح، اي: الاكثر تقرباً، والاكثر توجها، والاكثر نجاحاً. 
والسؤال اولاً: ما هي المظاهر التي سألتها الزهراء (عليها السلام) تمثل الدرجة الاعلى؟ 
والسؤال الاخر: ماذا نستلهم من هذه الظواهر المتوسل بها؟ هذا ما نبدأ الحديث عنه الان، ونستهله بتوضيح الدلالات التي يتضمنها المقطع، فما هي؟
اولاً: التقرب، وهو جوهر العمل العبادي، اذان الشريعة الاسلامية تطالبنا ليس في جعل احكام خاصة ننوي التقرب بها الى الله تعالى، بل تطالبنا - كما كررنا في احاديث سابقة - بان نجعل حتى الاعمال المباحة وهي الاكثر عدداً من حيث المصاديق التي لا حصر لها في سلوك الانسان، نقول: حتى هذه الاعمال المباحة والفردية التي يتفاوت البشر بينهم فيها قد امرنا الشرع بان (نتقرب) بها الى الله تعالى حيث نذكرك بالحديث المتكرر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليكن لك في كل نية، حتى في الاكل والنوم)، اذن مقطع الدعاء يتوسل اولاً بان نجعل اعمالنا (قربى) الله تعالى، وان نوفق الى ما هو الاعلى من درجات التقرب الى الله تعالى.
المظهر الثاني: الذي طرحه مقطع الدعاء، وتوسل بالله تعالى بان يجعله الاعلى درجة هو: (واوجه من توجه اليك) ترى: ما المقصود بالتوجه؟ لا نحسب ان احداً يجهل دلالة التوجه، انها تعني: ان نتجه بوجهنا الى الله تعالى، ان نتحرك بوجهنا نحوه. اذن التوجه هو: القصد الى جهة هي الله تعالى، وهل ثمة مقصد او هدف اكثر توجها من مسيرنا الى الله تعالى؟ ولعلك تسأل عن الفارق بين العبارة الحالية وبين العبارة السابقة اي: الفارق بين التقرب وبين التوجه الى الله تعالى؟ 
الجواب: الفارق هو: النية اولاً بحيث نتقرب بها الى الله تعالى، ثم ان نتجه في مسيرنا الى الله تعالى. طبيعياً: لا مناص من تذكيرك بان التقرب والتوجه قد قرنهما الدعاء بما هو اعلى الدرجات وليس التقرب العادي او التوجه العادي، وهذا هو جوهر الدعاء بطبيعة الحال.
اخيراً نواجه عبارة ثالثة هي: (وانجح من سألك، وتضرع اليك) ، هنا نواجه ظاهرتين الاولى هي: 
السؤال والاخرى هي: التضرع. فما الفارق بينهما؟ 
الجواب: السؤال هو مجرد الدعاء كما لو قلت: اللهم ارزقني خير الدنيا والاخرة واما التضرع فهو: الخضوع لله تعالى مقترنا بسؤالك المتقدم حيث ان التضرع له اثره الكبير في استجابة الدعاء. وقد ورد في نصوص كثيرة ان القلب اذا خشع او رقّ، ... الخ، فهو علامة قبول الدعاء، لذلك فان النصوص الشرعية ومنها هذا المقطع من الدعاء طلب اولاً ان ندعو مطلقاً بقولها (عليها السلام): (وانجح من سألك) بعد ذلك ان يقترن هذا السؤال بالتضرع، وذلك من خلال قولها: (وانجح من سألك وتضرع اليك) ، اذن: السؤال اولاً والتضرع ثانياً يسهمان في استجابة الدعاء بيد ان سؤال آخر يثور هو: لماذا عبرت الزهراء (عليها السلام) بمصطلح(نجح) دون سواه في ذهابها: (اللهم اجعلنا انجح من سألك وتضرع اليك) .
الجواب: من الواضح ان مجرد السؤال حتى لو كان في اعلى حاجات العبد اذا لم يقترن بالخضوع فلا يؤتي اكله ولذلك فان (نجاح) الدعاء يتوقف على التضرع المذكور بالنحو الذي اوضحناه قبل قليل.
ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة