البث المباشر

شرح فقرة:"لا اله الا الله الاول الاخر"

الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " لا اله الا الله الاول الاخر " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: دعاء الزهراء _عليه السلام_في تعقيب صلاة المغرب، حيث ورد فيه "لااله الا الله الاول الأخر، ولااله الا الله الظاهر الباطن، ولااله الا الله المحي المميت الخ" ... هذه الاسماء الحسنى لله تعالى، سبق ان اشرنا اليها في لقاءات سابقة وبخاصة في احاديثنا عن دعاء (الجوشن الكبير) والمهم هو ان نتحدث عنها الآن ايضاً مادامت في سياق احد ادعية الزهراء _عليه السلام_... ونقف عند المفردتين المتقابلتين: "الاول والاخر" وهاتان الصفتان تعني اولاهما (كما ورد في نصوص شارحة) ان الله تعالى هو "السابق للاشياء، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، حيث لاشئ قبله "،... واما "الاخر" فيعني: " انه الباقي بعد فناء الخلق" ،... ولعل قارئ الدعاء يتساءل عن الاستلهامات التي يمكن ان يتوفر عليها من خلال تذكيره بهاتين الصفتين، وهو امر يمكن الذهاب من خلاله الى ان المطلوب هو تعميق معرفتنا بوحدانيته تعالى،... ومما لاترديد فيه ان قارئ الدعاء عندما يواجه تفرده تعالى في وجوده بحيث لم يكن موجود قبله ولابعده، حينئذ تعمق قناعته بوحدانية تعالى، وبما يرسمه لنا من المبادئ التي يتعين علينا الالتزام بها، ولا أدل على ان الصفتين اللتين تليهما تتداعيان باذهاننا الى مزيد من القناعة ومن اليقين بممارسة الوظيفة العبادية على نحو ما سيتضح الآن...
يقول النص "لااله الاالله الظاهر الباطن" ... هاتان الصفتان تتداعيان بذهن الانسان الى تعميق قناعته بممارسة وظيفته العبادية، وهذا ما يستاقنا الى ان نتبين دلالتهما اولاً... فماذا نستلهم ؟ يقول المعنيون بشرح الاسماء الحسني،بان المقصود من صفتى "الظاهر والباطن" بان "الظاهر" يعني انه تعالى هو الظاهر "بحججه الباهرة وبراهينه النيرة والعلامات الدالة على ثبوت ربوبيته، ووحدانيته... واما "الباطن" فيعني انه "المحتجب عن لانظار والاخطار" ... اذن قارئ الدعاء سوف يتداعى الى ذهنه بان الله تعالى هو ظاهر في آياته الكونية الدالة على المبدع لها، وباطن بالنسبة الى ذاته غير المرئية أو الممتنعة من النظر لها حسياً او الالمام الفكري بها ذهنياً، بصفته تعالى منزهاً عن الحدوث، وبصفته لاحدود لامكانية تصوره...
بعد ذلك نواجه عبارة "لا اله الا الله المحيي المميت" ... فماذا نستلهم منها ؟ 
الجواب: ان الاماتة والاحياء تنسحب على جملة امور، بيد ان القارئ للدعاء سوف يتداعى بذهنه الى انه يميت الخلق و"يحي"الخلق في اليوم الآخر... ولانحسب ان احداً منا يستحضر "الموت" الا ويزهد بمتاع الحياة الدنيا وكما اوضح المعصوم _عليه السلام_بان الموت هادم اللذات، حيث ان المتاع الدنيوي سوف يتلاشى من ذاكرة المتداعي بذهنه الى الموت فيما يترتب على ذلك ان يعيد حسابه مع الذات، وان يتأمل سلوكه، وهل انه اضطلع بحمل الرسالة الاسلامية أم اخفق في ذلك، الخ وهذا فيما يتصل بالموت... واما ما يتصل بالاحياء، فهذا يتداعى بذهنه بطريق اولى الى محاسبة نفسه، حيث ان الحساب ينتظره، وان الملأ سوف يطّلع على سلوكه عبر المحاسبة الاخروية، وهذا مما يجعله اكثر فاعلية في التفكير بسلوكه حالياً، اي يدفعه الى تعديل سلوكه: كما هو واضح...
اذن: اتضح لنا بجلاء ما تحدثه العبارات التي وردت في مقطع دعاء الزهراء _عليه السلام_، من تداعيات في ذهن قارئ الدعاء، حيث تحمله على مراجعة سلوكه، ومحاسبة نفسه وتعديل ذلك وهذا هو منتهى العطاء الذي تقدمه الأدعية الى المعنين بها.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة مهمتنا العبادية التي خلقنا تعالى من اجلها، وان نتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة