البث المباشر

شرح فقرة: "... عليها فرقاً منك وخوفاً، وطمعاً، وانت الكريم الذي لايقطع الرجاء..."

الأحد 4 أغسطس 2019 - 16:00 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " عليها فرقاً منك وخوفاً، وطمعاً، وانت الكريم الذي لايقطع الرجاء " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الزهراء عليه السلام الخاص بتعقيب صلاة العصر، حيث جاء في احدها مايأتي: (اللهم فوضت أمري اليك والجأت ظهري اليك، واسلمت نفسي اليك بما جنيت عليها فرقاً منك وخوفاً، وطمعاً، وانت الكريم الذي لايقطع الرجاء، ولايخيب الدعاء...) هذا المقطع من دعاء الزهراء عليه السلام، حدثناك عن قسمه الاول وهو (التفويض، والالجاء، والتسليم،) حيث اوضحنا – في لقاء سابق – الفارق بين المصطلحات المذكورة... اما الأن فنحدثك عن القسم الأخر وهو بدوره يتضمن مصطلحات يتعين علينا توضيح الفوارق بينها، وهي اولاً: الفارق بين عبارة (فرقاً) منك، وعبارة (خوفاً) وكذلك ما يتصل بالجملة الاخيرة الذاهبة الى عدم مقطع الرجاء، وعدم تخييب الدعاء اذن: لنتحدث عن هذه الظواهر... 
بالنسبة الى الفارق بين الخوف والفرق، ان الخوف هو مصطلح عام يشمل ما يخشى منه بنحو مطلق، واما الفرق فهو الخوف المصحوب بالاهابة من الشئ بحيث يتسم بالشدة، والمهم ان هذا الفارق بينهما ينبغي ان نستخلصه من عبارتي الدعاء المذكورتين، فنقول: 
ان عبارة (فرقاً منك وخوفاً) تعني: ان العبد الجاني على نفسه لابد وان يحس بالاهابة من العقاب، اي: شدة الخوف... لكن بما ان النصوص الشرعية – طالما تؤكد بان العبد عليه ان يتأرجح بين الخوف والرجاء، تجئ العبارة المتضمنة مصطلح (الخوف) مصحوبة بعبارة (طمعاً) فتكون العبارة بهذا النحو (وخوفاً وطمعاً) اي: جاء الخوف هنا في سياق ضده وهو الطمع بالمغفرة... 
هنا يتعين علينا ان نحدثك عن الفاعلية التي يتضمنها خوف الانسان وطمعه في آن واحد... فمل هي الفاعلية المذكورة...؟ 
الجواب: من الزاوية النفسية نعرف تماماً بان الانسان اذا خاف مطلقاً من العقاب بحيث اذا مارس ذنباً، فخاف من العقاب مؤكداً حينئذ يدخل عليه الناس فلا يستطيع مواصلة عمله العبادي لانه يائس من المغفرة... والعكس هو الصحيح ايضاً، فاذا كان يرجو المغفرة وحدها، بحيث يقول مع نفسه: لقد اذنبت ولكن الله تعالى يغفر الذنب، حينئذ يظل ممارساً للذنوب تحت حجة الغفران ولذلك فان الاتجاه الصحيح هو: ان يتأرجح العبد بين الخوف والرجاء بحيث – كما يقول النص الشرعي – اذا اتى بعبادة الثقلين، يظل – مع ذلك راجياً وطامعاً بمغفرة الله تعالى... 
والآن نتجه الى القسم الثاني من المقطع وهو (وانت الكريم الذي لا يقطع الرجاء، ولايخيب الدعاء)... فماذا نستلهم منه؟ 
واضح: ان عدم قطع الرجاء يقترن بعدم خيبة الدعاء اي: ان من يرجو المغفرة لايخيب دعاؤه: كما يتصور، ولكن – في الآن ذاته – لابد وان نستحضر التأرجح بين الخوف والرجاء، وان نتعامل مع الرجاء بنحو يتوافق ومعرفتنا بكرم الله تعالى... لذلك اردف الدعاء كلمة (طمعاً) بظاهرة كرم الله تعالى وعدم انقطاع الرجاء من ذلك... 
وتجئ عبارة (عدم تخييب الدعاء) بعد عبارة (لايقطع الرجاء) تأكيداً لأهمية الدعاء اي: الدعاء له اهميته في جعل (الرجاء) من الغفران: موضوعاً له فاعليته... 
اذن امكننا ان نتبين اسرار المقطع المذكور، سائلين الله تعالى ان يغفر لنا ذنوبنا وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة