البث المباشر

شرح فقرة: "وقد سعيت اليك في طلبتي، ..."

الأحد 4 أغسطس 2019 - 09:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وقد سعيت اليك في طلبتي " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها ادعية الزهراء (عليها السلام) حيث حدثناك عن أحد ادعيتها الخاص بتعقيب صلاة العصر، وانتهينا من ذلك الي احد مقاطع الدعاء المتجه الي الله تعالي بهذا السؤال (وقد سعيت اليك في طلبتي، وطلبت اليك في حاجتي، وتضرعت اليك في مسألتي، ...)، هذه الفقرات الثلاث من الدعاء تتضمن جملة نكات دلالية وبلاغية ولغوية يجدر بنا الالتفات اليها. 
السؤال الاول هو: مالفارق بين عبارة (سعيت) و (طلبت)، (وتضرعت)، يمكننا توضيح ذلك علي النحو الآتي: بالنسبة الي (سعيت)فانها من الوضوح بمكان، اي: ان قارئ الدعاء بذل جهداً من اجل تقديم طلب له، وهو: انجاز حاجته او حاجاته التي سالها في الدعاء واما عبارة (طلبت) فهو: السؤال بعد السعي، وهذا كمن يسعي في الذهاب الي المسجد او المرتد يطلب من الله تعالي حاجاته بفقد وصوله الي المكان المشار اليه، يتجه بصياغة الطلب من الله تعالي بان ينجز له حاجاته، واما المرحلة الثالثة بعد السعي والطلب، اي انك تطلب شيئاً ما ولكن اسلوب الطلب يتفاوت من صيغة الي اخري فقد تطلب حاجتك وانت في حالة عادية من الزاوية النفسية، وقد تطلب حاجتك وانت باكي، وقد تطلبها وانت خاضع متذلل، وهذا الخضوع والتذلل هو ومعني (تضرعت). 
اذن ثمة فوارق بين الكلمات الثلاث، حيث ان اولاها يجسد السعي، والثانية تجسد الطلب، والثالثة تجسد نمط الطلب من حيث الزاوية النفسية التي تطبع سؤال القارئ للدعاء او الداعي: كما هو واضح. 
والان بعد ان عرفنا معني (سعيت) و (طلبت) وتضرعت نتجه الي المعني المترتب علي ذلك وهو: الحاجة التي يتوسل العبد الي الله تعالي بانجازها، حيث ان صياغة ذلك تتنوع ايضاً بحيث تتناسب مع العبارات الممهدة لها اي: تتجانس عبارة (سعيت) ،(طلبت) و(تضرعت) مع نمط الحاجة وهي (طلبتي) و(حاجتي) و(مسألتي) يتماثل مع بعضها الاخر، اي: العبارات جميعاً تحوم علي دلالة واحدة ولكن صياغة الكلمات - في الآن ذاته - تتم بنحو تتفاوت دلالاتها فيما بينها ايضاً اي: ثمة دلالات مشتركة هي (انجاز او اشباع لما يطمح اليه قارئ الدعاء، وهذا الاشباع المرجو تصوغه الزهراء (عليها السلام) مرة بعبارة (طلبتي) واخري بعبارة (حاجتي) وثالثة بعبارة (مسألتي) والمطلوب الآن هو ملاحظة الفارق بين العبارات المتقدمة بعدما اوضحنا التماثل الدلالي فيما بينها، اذن انتحدث عن الفوارق. 
ان عبارة (طلبتي)، تعني: تقديم كلام يتضمن ما يريد الداعي ان ينطق به، واما عبارة (حاجتي) فتعني - كما هو واضح - الانجاز او التحقيق او الاشباع لما يريده صاحب الطلب، ولنفرض انه: شفاء من المرض، حيث يبدأ المريض بتقديم طلبته، ثم تحديدها بالشفاء من المرض، ثم المرحلة الثالثة وهي: (المسألة)، اي: نمط الطلب الذي يستهدف انجاز ما يريده، هنا نتساءل مالفارق بين عبارة (طلبتي) وعبارة (مسألتي).
الجواب: ان الطلب هو مجرد عرض لما يريده الداعي، واما المسألة فهي: النطق بها او تحديدها، حيث تحتل المرحلة التالية لاولاها، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي (تحديد الطلب) متمثلاً في عبارة (حاجتي) اي: طلب شفاء الداعي من مرضه. 
اما المرحلة الثالثة: فهي ليس مجرد طلب الشفاء، بل اقترانه بالسؤال لله تعالي في تحقيق ذلك اذ انّ (المسألة) تتجانس مع ما لاحظناه في الفقرة السابقة، اي كلمة (تضرعت) فالتذلل او الخضوع قد اقترن بسؤال، وليس السؤال العادي. 
اذن امكننا ان نتبين الفوارق الدقيقة (مضافاً الي المعاني المشتركة) كعبارات (طلبتي)، (حاجتي) و(مسألتي) وكذلك عبارات(سعيت)، (طلبت) و(تضرعت) وهذا يكشف عن الدقة البلاغية في كلام الزهراء (عليها السلام).

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة