البث المباشر

جلال الدين محمد -۲٥

الإثنين 17 يونيو 2019 - 15:43 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۲٥

في حياة الشاعر جلال الدين الرومي البلخي المعروف بالمولوي محطات عديدة محطات ادبية وعرفانية لونت ادب هذا الشاعر بلون العرفان الاسلامي او التصوف الايراني كما يحلو لبعض الكتاب من العرب وغيرهم من المستشرقين الذين درسوا حياة المولوي ونتاجاته الادبية ذكر ذلك.
علي ان فترة التحول العرفاني في حياة جلال الدين بدات بشمس تبريز ومروراً بصلاح الدين زركوب وانتهت بحسام الدين الجلبي، كما المحنا الي ذلك في سابق حلقات هذا البرنامج، وان كانت الاجواء للتحول العرفاني قد بدات عند جلال الدين منذ صباه وشبابه عندما كان في ركاب والده بهاء الدين ولد يوم شاءت الصدف والاقدار ان تجمعه بامثال الفطاحل مثل السنائي والعطارالنيشابوري.
وفي صحبة حسام الدين لجلال الدين ولد المثنوي وقد تحدثنا عنه، لكن لم يكن الحديث كاملاً وسيأتي منا عن المثنوي حديث جديد، ومن بعد هذه المقدمة التي اعتدنا في بعض الحلقات علي ذكر مثلها، تعالوا معنا كما عهدتم منا لنغوص في بحر الزمن ونسير عبر الماضي حيث ندخل مجالس جلال الدين وحسام الدين مجالس الادب والعرفان ومدارس تعلم الانسان.
نعم الي جانب مجالس المثنوي كانت هناك مجالس يومية تعقد في كل يوم تحرر وتسجل فيها احاديث مولانا، وقد تاتت هذه المجموعة فيما بعد عن كتاب لمولانا عرف بكتاب "فيه ما فيه".
وكان حسام الدين الجلبي يشرف علي هذه المجالس وما كان يدون من المثنوي وغيره وحتي غزليات الشاعر الرومي. وكان حسام الدين بالاضافة الي ذلك يسجل اقوال مولانا ويدونها. ويذكرالمؤرخون ان حسام الدين كان يكتب مكاتيب الرومي بخطه ويقوم بإرسالها الي من يريد مولانا ارسالها اليهم.
وكانت تلك الفترة، فترة الاستقرار والهدوء الروحي لمولانا، وهذا الهدوء الرومي هو الذي اثمر عن المثنوي وكان بمثابة السلم الذي قاد مولانا الي مراتب عرفانية اسمي، انها والحقيقة تقال فترة عروج المولوي في سماء العرفان.
ولابد من القول هنا ان اشعار جلال الدين وخاصة الغزليات كانت نابعة من فكره ووجدانه. فجلال الدين لم يكن كبقية الشعراء ينظم ارضاءا لهذا او ذاك، بل كان ينظم ما يحسه ويشعر به.
وفي كتابه الموسوم بـ (من روائع الادب الفارسي) يقول الدكتور بديع محمد جمعة تعليقا علي ما ذكر لذا فانه اي جلال الدين لم يكن حريصاً كل الحرص علي اصول النظم من بحور واوزان وقواف بقدر حرصه علي ان يبث ما في قلبه من حرارة واحساس في كل كلمة يقراوها او يقولها وفي كل غزلية او رباعية ينظمها.
الي جانب المثنوي وفيه ما فيه ظهر لجلال الدين ديوان شمس التبريزي، وكان من المفروض ان يعرف هذا الديوان باسم ديوان جلال الدين او ديوان المولوي او ديوان مولانا، ولكنه عرف باسم ديوان شمس التبريزي.
ويذكر البعض عدة اسباب لذلك، منها ان جلال الدين انشد ما فيه من غزليات ورباعيات تخليدا لذكري مرشده الروحي شمس ملك داد التبريزي، وخاصة ان هذا الشيخ فجر القدرة علي النظم لديه.
واليكم ايها الافاضل هذا النموذج من ديوان شمس تبريزي، النموذج هو بالفارسية ومن بعد ذلك سنقدم ترجمته بالعربية. يقول الرومي:

مرد خدا مست بود بي شراب

مرد خدا سير بود بي كباب

مرد خدا واله وحيران بود

مرد خدا نبود خورد وخواب

مرد خدا نيست زباد وز خاك

مرد خدا نيست زنار وز آب

مرد خدا بحر بود بي كران

مرد خدا بارد در بي سحاب

مرد خدا عالم ازحق بود

مرد خدا نيست فقيه از كتاب

العارف ثمل بلاشراب

العارف شبع بلا شواء

العارف واله وحيران

العارف ليس به حاجة الي طعام اوسبات

العارف ليس من ريح وتراب

العارف ليس من نار وماء

العارف بحر بلا شطان

العارف يمطر درا بلا سحاب

العارف عالم بعلم رباني

العارف ليس فقيها عن طريق الكتاب

حضرات الافاضل، مرة اخري سناخذكم في رحلة الزمان الي شاعر العرفان طبتم وطابت اوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة