ويشرب الناس حوالي 100 مليون كوب يومياً من الشاي في المملكة المتحدة. كما تزداد شعبية شرب الشاي في الولايات المتحدة أيضاً، حيث تستهلك الدولة 0.4 كيلوغرام من أوراق الشاي للفرد سنوياً مقارنة بـ 0.36 كيلوغرام في 2007، وفقاً للأمم المتحدة.
وبالتالي، نظر العلماء في كيفية تأثير الشاي على الحالة المزاجية والإدراك للإنسان. ويحقق العلماء فيما إذا كانت حالة الاسترخاء هي نتيجة بيولوجية مباشرة للمركبات الموجودة بالشاي.
ويأتي الشاي الأخضر والأسود من النبات نفسه، وهو يعرف باسم الكاميليا الصينية. ولكن تتم معالجة الشاي الأخضر بطريقة مختلفة، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات بعض المركبات التي يعتقد العلماء أن لها آثاراً إيجابية على صحتنا العقلية.
تعزيز الدماغ
وقال ستيفان بورغواردت، رئيس ومدير قسم الطب النفسي والعلاج النفسي بجامعة لوبيك بألمانيا، إن شرب الشاي الأخضر يحسن وظائف المخ لدى الأشخاص الأصحاء.
وفي دراسة أجريت عام 2014، تم إعطاء 12 متطوعاً مستخلصات الشاي الأخضر، التي تعادل كوباً أو كوبين، ثم تصوير أدمغتهم لتحليل التغيرات داخل مناطق معينة من الدماغ.
وقال بورغواردت عبر البريد الإلكتروني: "لاحظنا زيادة الاتصال في مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة العاملة".
وفي 2017، وجدت مراجعة لأكثر من 100 دراسة، شارك بورغواردت في تأليفها، أن الشاي يمكن أن يؤثر على الدماغ بثلاث طرق.
ويمكن أن يؤثر الشاي على الأعراض النفسية المرضية، مثل تقليل القلق، والتأثير على حالة الإدراك، والدماغ، خاصة الذاكرة.
وخلصت تلك المراجعة إلى أنه "سيكون من المرغوب فيه" أن يستهلك المزيد من الغربيين 100 مل على الأقل من الشاي الأخضر يومياً "لحماية الوظيفة الإدراكية العصبية".
ونوه بورغواردت إلى أن التأثيرات ليست كبيرة، والأدلة الحالية يتم توفيرها بشكل أساسي من خلال الدراسات الصغيرة.
مركبات مختلفة
وما يزال غير واضح بشكل كافٍ أيٍ من المركبات الموجودة في الشاي هي المسؤولة عن التحسينات المختلفة في عقولنا وما إذا كانت تعمل بمفردها أو معاً.
ويعد أهمها مضادات الأكسدة، مثل epigallocatechin gallate، وهي الأكثر وفرة، ثم يليها L-theanine، وهو حمض أميني موجود في أوراق الشاي، ثم الكافيين.
ويقول بورغواردت إن الفوائد يمكن ألا تكون نتيجة مكون واحد، ولكنها مرتبطة بوجود كل من الكافيين وحمض L-theanine الأميني.
ويُقال أيضاً أن الشاي يمكن أن يحسن من أعراض الاكتئاب والخرف ومتلازمة داون.
وأوضح بورغواردت أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات قد أشارت إلى أن هناك تغييرات في المادة الرمادية بالدماغ، ومن المحتمل أن تستخدم آثار الشاي هذه لاستهداف الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والخرف.
لكنه أشار إلى أن البحث كان في مرحلة مبكرة جداً، ويجب تأكيد الدراسات التجريبية من خلال تجارب إكلينيكية أكبر قبل استخلاص أي استنتاجات.
وهناك بعض الفوائد الصحية التي يعود بها لشاي على صحتنا الجسدية، إذ يمكن أن يقلل من بعض عوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، كما يمكن أن يكون له تأثير في القضاء على الدهون.
ويبحث الأستاذ المشارك في قسم علوم الغذاء والتغذية بجامعة ريدنج في المملكة المتحدة، غونتر كونل، عن فوائد الفلافانول، وهو متواجد في الشاي. ووجد البحث أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالأطعمة التي تحتوي على الفلافانول مثل التوت، والشاي، والتفاح يميلون إلى أن يكون لديهم ضغط دم منخفض.
وبينما وجدت دراسات أخرى صلة بين الفلافانول والفوائد الصحية، كانت هذه الدراسة هي الأولى التي تقيس تناول المركبات بموضوعية باستخدام المؤشرات الحيوية الموجودة في البول.
وقال كوهنلي: "نحن بحاجة إلى بيانات أفضل لتقييم فوائد الشاي حقاً على صحتنا العقلية والجسدية، مع الأخذ في الاعتبار الاختلافات العديدة في كيفية استهلاكه في البلدان المختلفة".