سبب الغزوة
لمّا صالح رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريشاً عام الحُديبية (۶ﻫ)، دخلت خزاعة في حلف النبي(صلى الله عليه وآله) وعهده، ودخلت كنانة في حلف قريش.
فلمّا مضت سنتان من القضية قعد رجل من كنانة يروي هجاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا، قال: وما أنت وذاك؟ فقال: لئن أعدت لأكسرنّ فاك، فأعادها، فرفع الخزاعي يده فضرب بها فاه، فاستنصر الكناني قومه، والخزاعي قومه، وكانت كنانة أكثر، فضربوهم حتّى أدخلوهم الحرم وقتلوا منهم، وأعانتهم قريش بالكراع والسلاح، فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فخبرّه الخبر، وقال أبيات شعر، منها:
يا رب أنّي ناشد محمّداً ***** حلف أبينا وأبيه الأتلدا
أنّ قريشاً أخلفوك الموعدا ***** ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
وقتلونا ركّعاً وسجّدا
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «حسبك يا عمرو»، ثمّ قام فدخل دار ميمونة وقال: «اسكبوا لي ماء» فجعل يغتسل ويقول: «لا نُصرت إن لم أنصر بني كعب».
ثمّ أجمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) على المسير إلى مكّة، وقال: «اللّهمّ خذ العيون عن قريش حتّى نأتيها في بلادها»(۱).
مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة
كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ وكان من أهل مكّة وقد شهد بدراً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)ـ مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش: إنّ رسول الله خارج إليكم يوم كذا وكذا.
وجعل لها جعلاً على أن توصله إليهم، فجعلته في رأسها، فخرجت وسارت على غير الطريق، فنزل الوحي على النبي(صلى الله عليه وآله) فأخبره، فدعا الإمام عليّاً(عليه السلام)، وقال له: «إنّ بعض أصحابي كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، وقد كنت سألت الله عزّ وجلّ أن يعمي أخبارنا عليهم، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق، فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها وخلِّ سبيلها».
ثمّ استدعى الزبير بن العوام فأرسله معه، فأدركا المرأة، فسبق إليها الزبير فسألها عن الكتاب فأنكرته، وحلفت أنّه لا شيء معها وبكت، فقال الزبير: ما أرى يا أبا الحسن معها كتاباً، فارجع بنا إلى رسول الله لنخبره ببراءة ساحتها.
فقال له الإمام علي(عليه السلام): «يخبرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها وتقول أنت أنّه لا كتاب معها»!!
ثمّ أخرج(عليه السلام) سيفه وتقدّم إليها فقال: «أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك، ثمّ لأضربنّ عنقك»، فقالت له: فاعرض بوجهك عنّي، فاعرض بوجهه عنها، فكشفت قناعها، وأخرجت الكتاب من عقيصتها ـ أي ضفيرتها ـ، فأخذه(عليه السلام) وسار به إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)(۲).
خطبة النبي(صلى الله عليه وآله) في مسجده
أمر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يُنادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس حتّى امتلأ بهم المسجد، ثمّ صعد المنبر والكتاب بيده وقال: «أيّها الناس، أنّي كنت سألت الله أن يخفي أخبارنا عن قريش، وأنّ رجلاً منكم كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، فليقم صاحب الكتاب وإلّا فضحه الوحي»، فلم يقم أحد.
فأعاد مقالته ثانية، فقام حاطب بن أبي بلتعة ـ وهو يرتعد كالسعفة في يوم الريح العاصف ـ فقال: أنا يا رسول الله صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقاً بعد إسلامي، ولا شكّاً بعد يقيني.
فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «فما الذي حملك على ذلك»؟ قال: إنّ لي أهلاً بمكّة، وليس لي بها عشيرة، فأشفقت أن تكون الدائرة لهم علينا، فيكون كتابي هذا كفّاً لهم عن أهلي، ويداً لي عندهم، ولم أفعل ذلك لشك منّي في الدين.
فقال عمر بن الخطّاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فوالله لقد نافق، فقال(صلى الله عليه وآله): «إنّه من أهل بدر، ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم، أخرجوه من المسجد».
فجعل الناس يدفعون في ظهره، وهو يلتفت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليرّق عليه، فأمر بردّه وقال: «قد عفوت عن جرمك فاستغفر ربّك، ولا تعد لمثل هذه ما حييت»(۳).
خروج النبي(صلى الله عليه وآله) من المدينة
خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) في ۲ شهر رمضان ۸ﻫ من المدينة المنوّرة مع جيشه وقوّاته إلى فتح مكّة المكرّمة. وقيل: خرج في ۱۰ شهر رمضان، واستخلف على المدينة أبا لبابة ابن عبد المنذر، وقيل: استخلف أبا ذر الغفاري، وقيل: عبد الله بن أُمّ مكتوم.
تعداد جيش النبي(صلى الله عليه وآله)
بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى من حوله من العرب، فمنهم من وفاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق، وخرج(صلى الله عليه وآله) في عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ومن انضمّ إليهم في الطريق من الأعراب، وجلّهم أسلم وغفّار ومُزينة وجهينة وأشجع وسليم… وكان المهاجرون سبعمائة، ومعهم ثلاثمائة فرس، والأنصار أربعة آلاف، ومعهم خمسمائة فرس، ومزينة ألف وثلاثة أنفار، وفيها مائة فرس، وأسلم أربعمائة ومعها ثلاثون فرساً، وجهينة ثمانمائة، وقيل ألف وأربعمائة، والباقي من سائر العرب؛ تميم وقيس وأسد وغيرهم.
لقاء النبي(صلى الله عليه وآله) بأبي سفيان في الطريق
لمّا نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مرَّ الظَّهران، وقد غُمّت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) خبر، خرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء؛ يتجسّسون الأخبار.
قال العباس: فوالله إنّي لأطوف في الأراك؛ ألتمس ما خرجت له، إذ سمعت صوت أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وسمعت أبا سفيان يقول: والله ما رأيت كالليلة قطّ نيراناً.
فقلت: يا أبا حنظلة ـ يعني أبا سفيان ـ، فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم، قال: لبّيك فداك أبي وأُمّي، ما وراك؟ فقلت: هذا رسول الله وراءك قد جاء بما لا قِبَل لكم به، بعشرة آلاف من المسلمين! قال: فما تأمرني؟
فقلت: تركب عجز هذه البغلة، فأستأمن لك رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فوالله لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك. فردفني، وركضت البغلة حتّى وصلت خيمة النبي.
فقلت: يا رسول الله، إنّي قد أجرته، فقال(صلى الله عليه وآله): «اذهب فقد آمناه حتّى تغدو به عليّ في الغداة».
قال: فلمّا أصبح غدوت به على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلما رآه قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي ما أوصلك وأكرمك وأرحمك وأحلمك! والله لقد ظننت أن لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أُحد.
فقال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله»؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي، أمّا هذه فإنّ في النفس منها شيئاً!!
قال العباس: فقلت له: ويحك! اشهد بشهادة الحقّ قبل أن يضرب عنقك. فتشهّد.
فقال(صلى الله عليه وآله) للعباس: «انصرف يا عباس فاحبسه عند مضيق الوادي حتّى تمرّ عليه جنود الله».
قال: فحبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي، ومر عليه القبائل قبيلة قبيلة وهو يقول: من هؤلاء؟ وأقول: أسلم، وجهينة، وفلان، حتّى مرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الكتيبة الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد، لا يُرى منهم إلّا الحدق.
فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قلت: هذا رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً! فقلت: ويحك إنّها النبوّة، فقال: نعم إذاً!
وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسولَ الله(صلى الله عليه وآله)، وأسلما وبايعاه فلمّا بايعاه، بعثهما رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الإسلام.
قال العباس: قلت: يا رسول الله، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر فاجعل له شيئاً يكون في قومه، فقال: «من دخل دار أبي سفيان ـ وهي بأعلى مكّة ـ فهو آمن، ومن دخل دار حكيم ـ وهي بأسفل مكّة ـ فهو آمن، ومن أغلق بابه وكف يده، فهو آمن»(۴).
رجوع أبي سفيان إلى مكّة
قال العباس لأبي سفيان: الحق الآن بقومك فحذّرهم. فخرج أبو سفيان سريعاً حتّى أتى مكّة، فصرخ في المسجد: يا معشر قريش، هذا محمّد قد جاءكم بما لا قِبَل لكم به، قالوا: فمه، قال: من دخل داري فهو آمن، قالوا: وما تغني عنّا دارك، قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن.
فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أُمّ معاوية، فأخذت بلحيته ونادت: يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق، هلاّ قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟ فقال لها: ويحك أسلمي وادخلي بيتك. وقال: لا تغرنّكم هذه من أنفسكم، فقد جاءكم ما لا قِبَل لكم به(۵).
دخول النبي(صلى الله عليه وآله) مكّة المكرّمة
أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزبير أن يدخل مكّة من أعلاها، فيغرز رايته بالحجون، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكّة، ونهى عن القتال إلّا لمن قاتلهم، ودخل هو(صلى الله عليه وآله) من أعلى مكّة، وكانت الراية مع سعد بن عبادة.
وقد غلظ سعد بن عبادة على القوم، وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم، فدخل وهو يقول:
اليوم يوم الملحمة ***** اليوم تُسبى الحرمة.
فسمعها العباس فقال للنبي(صلى الله عليه وآله): أما تسمع يا رسول الله ما يقول سعد؟ وإنّي لا آمن أن يكون له في قريش صولة.
فقال النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): «أدرك سعداً فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها مكّة»، فأدركه علي(عليه السلام) فأخذها منه .
ودخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكّة على ناقته القصواء واضعاً رأسه الشريف على الرحل؛ تواضعاً لله تعالى، ثمّ قال: «اللّهمّ أنّ العيش عيش الآخرة»، فقيل له: يا رسول الله، ألا تنزل دارك؟
فقال: «وهل أبقى عقيل لنا داراً»، ثمّ ضُربت له قبّة في الأبطح فنزل فيها، ومعه زوجتاه أُمّ سلمة وميمونة(۶).
دخول النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المسجد الحرام
أقبل(صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة فاستلم الحجر الأسود، وطاف بالبيت على راحلته، وعلى الكعبة. وفي رواية حولها ثلاثمائة وستون صنماً، لكلّ حي من أحياء العرب صنم، فجعل كلّما يمرّ بصنمٍ منها يشير إليه بقضيب في يده، ويقول: )جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا((۷).
فما أشار لصنم من ناحية وجهه إلّا وقع لقفاه، ولا أشار لقفاه إلّا وقع لوجهه حتّى مرّ عليها كلّها، وكان أعظمها هُبل.
وكان المقام لاصقاً بالكعبة، فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ أمر به فوضع في مكانه.
ثمّ جلس ناحية من المسجد، وأرسل بلالاً إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة، فجاء به ففتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) باب الكعبة، وصلّى فيها ركعتين وخرج، فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه.
فخطب الناس فقال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يُدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلّا سدانة البيت وسقاية الحاجّ، فإنّهما مردودتان إلى أهليهما».
ثمّ قال: «يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خُلق من تراب»، ثمّ تلا: )يَا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ((۸).
ثمّ قال: «يا معشر قريش ويا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم»؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: «اذهبوا فانتم الطلقاء». فأعتقهم وقد كان أمكنه الله من رقابهم عنوة، فبذلك سُمّوا الطلقاء.
ثمّ دعا بعثمان بن طلحة فردّ إليه مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلّا ظالم. وانتقلت سدانة الكعبة بعد عثمان إلى أخيه شيبة، ثمّ توارثها أولاده إلى اليوم.
ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطّلب وكانت لأبيه عبد المطّلب، ثمّ قام بها بعد العباس ابنه عبد الله، وهي أحواض من جلد يوضع فيها الماء العذب لسقاية الحاجّ، ويُطرح فيها التمر والزبيب في بعض الأوقات.
وحانت صلاة الظهر، فأذّن بلال فوق ظهر الكعبة، وبثّ(صلى الله عليه وآله) السرايا إلى الأصنام التي حول مكّة فكسرها، ونادى مناديه: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلّا كسره، وأتى الصفا يدعو الله تعالى ويذكره.
فقال الأنصار فيما بينهم: أترون أنّ رسول الله إذ فتح الله أرضه وبلده يقيم بها، فلمّا فرغ من دعائه قال: «معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم»(۹).
عفو النبي(صلى الله عليه وآله) عن أهل مكّة
أمر(صلى الله عليه وآله) بقتل جماعة ولو كانوا تحت أستار الكعبة، قيل: ستّة رجال وأربع نساء، وقيل أحد عشر رجلاً، فمن الرجال:
عبد الله بن أبي سرح، كان قد أسلم فارتدّ مشركاً، ففرّ إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة فغيّبه، ثمّ أتى به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاستأمن له، فصمت(صلى الله عليه وآله) طويلاً، ثمّ قال: «نعم»، فلمّا انصرف به قال(صلى الله عليه وآله): «لقد صمتّ ليقوم إليه بعضكم فيقتله»، فقال أنصاري: هلا أومأت إليّ؟ قال: «إنّ النبي لا يقتل بالإشارة».
وعبد الله بن خطل، كان قد أسلم فبعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مصدّقاً، وكان معه مولىً مسلم يخدمه، فأمر المولى أن يذبح له تيساً ويصنع له طعاماً، فاستيقظ ولم يصنع له شيئاً، فعدا عليه فقتله، وارتدّ مشركاً، وكان شاعراً يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي، اشتركا في دمه.
والحويرث بن نقيد كان يؤذيه بمكّة، قتله علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ومقيس بن صبابة، كان له أخ يُسمّى هشام، قتله رجل من الأنصار خطأً في غزوة ذي قرد وهو يظنّه من العدوّ، فأعطاه النبي(صلى الله عليه وآله) ديّته، ثمّ عدا على قاتل أخيه فقتله، ورجع إلى قريش مرتدّاً، قتله نميلة بن عبد الله وهو رجل من قومه.
وعكرمة بن أبي جهل، هرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أُمّ حكيم بنت عمّه الحارث بن هشام، فاستأمنت له رسول الله(صلى الله عليه وآله) فآمنه، فخرجت في طلبه حتّى أتت به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأسلم.
ووحشي قاتل حمزة(رضي الله عنه)، استؤمن له فآمنه، وقال: «لا تريني وجهك»، فمات بحمص، وكان لا يزال سكران.
وكعب بن زهير بن أبي سلمى، كان يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هرب فاستؤمن له فآمنه.
وهبار بن الأسود، الذي روّع زينب بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله).
والحارث بن هشام أخو أبي جهل لأبويه، وزهير بن أُميّة، وصفوان بن أُميّة، وهؤلاء أسلموا فعفا عنهم.
ومن النساء:
هند بنت عُتبة أسلمت وبايعت، وقينتان لعبد الله بن خطل ـ فرتنا وقريبة ـ كانتا تغنّيان بهجاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذي يصنعه لهما، فقُتلت قريبة وهربت فرتنا، فاستؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فآمنها، فعاشت إلى خلافة عثمان.
وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن عبد المطّلب قُتلت يومئذٍ، وقيل استؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأوطأها رجل فرسه في خلافة عمر بالأبطح فقتلها(۱۰).
————————————
۱- اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى ۱ /۲۱۵٫
۲- اُنظر: الإرشاد ۱ /۵۷٫
۳- اُنظر: بحار الأنوار ۲۱ /۱۲۰٫
۴- اُنظر: تفسير مجمع البيان ۱۰ /۴۷۰٫
۵- أعيان الشيعة ۱ /۲۷۶٫
۶- المصدر السابق.
۷- الإسراء: ۸۱٫
۸- الحجرات: ۱۳٫
۹- أعيان الشيعة ۱ /۲۷۷٫
۱۰- المصدر السابق ۱ /۲۷۶٫