فايران لها دستور دائم والبلاد قائمة على دولة المؤسسات وهي الان نموذج حي للتجربة الاسلامية التي تتطور آفاقها يوما بعد آخر وفقا لمتطلبات العصر وتحديات المرحلة.
من الثابت ان الجمهورية الاسلامية اثبتت نجاعة رؤيتها ومبادئها وتجربتها في مقابل تجارب اسلامية اخرى لم يكن لها حظ النجاح وقد أفلت لسبب او لآخر نتيجة لافتقادها محور الزعامة الربانية الراشدة، فيما حافظت ايران على دورها الثوري والحكومي في آن معا، حيث استطاعت ان تشق طريقها وسط الهجمات والضغوط والعقوبات الى جانب حرب فرضت عليها مدة 8 اعوام (1988 ـ 1980) حاول الاستكبار العالمي من خلالها الاطاحة بالنظام الاسلامي الايراني الفتي.
بيد ان القيادة الواعية للامام الراحل وخليفته المفدى الامام الخامنئي قوضت هذه المؤامرة طيلة الفترة الماضية وتمكنت من مواصلة السعي نحو الاقتدار والتقدم والتميز حتى اصبحت الجمهورية الاسلامية ندّاً للدول الكبرى، كما استطاعت ان تحول الفكر النظري لولاية الفقيه الى واقع عملي مجسّد عبر نضال دؤوب وتضحيات جمة بذلت على هذا الصعيد.
لقد ثبت للعالم كله ان النظام السياسي الصحيح له دور ومصداقية وتاثير في تكوين المجتمع المتوازن وقد برهنت نظرية ولاية الفقيه على انها قادرة على ادارة الدولة والحكومة والشعب والاخذ بنواصيها الى مدارج العزة والمنعة والقوة. فالاسلام دين ودولة ولا يمكن الفصل فيه بين ما هو ديني وما هو سياسي على العكس من المقولات العلمانية التي سوقها الغرب بغية اضعاف الديانات السماوية وعلى رأسها الاسلام.
ان الجمهورية الاسلامية اليوم هي معجزة الاسلام المحمدي الاصيل وقد اصبح لها ثقل ودور قيادي على مستوى المنطقة والعالم كما اثبتت مكانتها المتنامية سياسيا صحة نهجها التحرري والجهادي والرسالي، وقد صمدت امام جميع الاعاصير العاتية التي حاولت اثارة الغبار عليها واختلاق المخاوف والشبهات والشائعات ضدها، وقد نجح العمل بالتكليف الالهي والواجب الشرعي في تحصين ايران من مختلف المخططات الاميركية والغربية والصهيونية الرامية الى وأد المشروع السياسي الاسلامي وتكريس الفتن والخلافات والصراعات بين بني امة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
لقد اعتمدت ايران آلية الوعي السياسي في تعزيز قدراتها ومكانتها ودورها وقد استطاعت النخب العلمائية والفكرية اغناء تجربة الاسلام السياسي حتى اصبحت رسالة الثورة الاسلامية منشورا عالميا تؤمن به الدول والشعوب ومنطلقا لمقارعة الانظمة الاستبدادية ونهجا يدافع عن الانسانية المحرومة، امر اغاظ الاستكبار الذي وجد في الثورة الاسلامية قاعدة صلبة للمقاومة بوجه الاحتلال والغزو وهي التي اجهضت حتى الان جميع المؤامرات الصهيوغربية وعززت الامل في نفوس مستضعفي الارض جميعا.
ان الانتصارات السياسية للجمهورية الاسلامية تجاوزت الحدود والافاق فايران اليوم دولة متعاظمة يحسب لها الف حساب وهي ما فتئت متمسكة بثوابتها العقائدية وحقوقها الوطنية ومطالبها العادلة وهي تحمي استقلالها السياسي والاقتصادي من منطلق القوة وببذل النفوس وان ولاية الفقيه تكرس سيادة الشعب انطلاقا من الدين وتدافع عن الديمقراطية والقضايا الاسلامية المركزية وعلى راسها قضية تحرير فلسطين من البحر الى النهر.
وايران ترفض الظلم والجور وتأبى سيطرة الغرب المتصهين على مقدراتها وثرواتها ومكاسبها وهي تؤمن بقدرات الامة الاسلامية الكامنة على تحطيم ممارسات الانظمة الطاغوتية المتساوقة مع اهداف الاستكبار العالمي ، والوصول الى مجتمع اسلامي منشود يقوم بدوره الفاعل في الاسرة الدولية.
والجمهورية الاسلامية لم تعد تقيم وزنا للغة الغطرسة الغربية وهي تتعامل مع الاطراف العالمية وفق مبدأ ان كرامتها اهم من كل شيء ولهذا قال سماحة الامام الخامنئي ان ايران هي التي يجب ان تضع الشروط فيما يتعلق بعودة التزاماتها النووية وليست اميركا المتغطرسة.
بقلم الكاتب والاعلامي حميد حلمي البغدادي